كتب – محمود حسام ووكالات: اتفقت أكبر كتل سياسية في البرلمان الأوروبي المنتخب حديثاً على ترشيح اسم رئيس وزراء لوكسمبورغ السابق، جان كلود يونكر، لرئاسة المفوضية الأوروبية، في الوقت الذي حذر فيه وزير الخارجية الألماني من صعود الأحزاب الشعبوية. وقد أعلن الزعيم الاشتراكي هانز سوبودا الثلاثاء أن زعماء الأحزاب الرئيسية في البرلمان الأوروبي يدعمون يونكر لتولي منصب رئيس المفوضية الأوروبية. وقال سوبودا إن رؤساء الأحزاب يطالبون الدول الأعضاء " بإعطاء يونكر – مرشح أكبر كتلة سياسية في البرلمان الأوروبي – تفويضاً واضحاً لبدء مفاوضات مع المجموعات السياسية الكبرى". وأوضح أن الاشتراكيين، الذين جاءوا في المركز الثاني في الانتخابات الأوروبية، سيدعمون يونكر إذا كان برنامجه "يلبي احتياجات المواطنين الأوروبيين ويراعي مخاوفهم". لكن هيرمان فان رومبوي، رئيس المجلس الأوروبي – الهيئة التي تمثل الدول الأوروبية في بروكسل – حذر في رسالة للقادة الأوروبيين من أنه سيكون "من المبكر جداً اتخاذ قرار لاقتراح أسماء لرئاسة المفوضية الأوروبية". لكن ما من شك أن رؤساء الدول والحكومات سيبحثون سرا في اجتماعهم المغلق أسماء مرشحي تسوية من صفوف اليسار الليبرالي أو اليمين الاجتماعي. وترددت أسماء مثل مديرة صندوق النقد الأوروبي، كريستين لاغارد، أو رئيسة الوزراء الدنماركية هيلي ثورنينغ شميت. وتوصي معاهدة لشبونة، التي دخلت حيز التنفيذ في يناير 2010، القادة الأوروبيين بأن "يأخذوا في عين الاعتبار نتائج الانتخابات الأوروبية" لدى اختيارهم رئيس المفوضية. ونشأ يونكر في كنف عائلة بسيطة وقلد مسؤوليات كبيرة في بلاده وداخل الاتحاد الأوروبي. وهو ابن نقابي كان يعمل في مصنع للفولاذ، ويعد من بين الشخصيات السياسية التي تملك خبرة غنية في الشؤون الأوروبية ومن أبرز العارفين بكواليس الاتحاد. وترعرع يونكر في عالم العمال البسطاء وتأثر كثيرا بهم حيث اكتشف معنى العدالة الاجتماعية ومعنى الكرامة والقيم الإنسانية حسب تعبيره. شارك يونكر في إعداد معاهدة ماستريشت في 1992 وشغل منصب رئيس مؤسسة أوروبية تضم جميع وزراء المالية الأوروبيين ( أوروجورب) بين 1995 و 2013، إضافة إلى أنه عمل كوزير للمالية ورئيس لحكومة لوكسمبورغ لمدة فاقت 15 سنة. وهذه التجربة تضعه في مقام الشخصيات التي تملك حظوظا كبيرة لتولي منصب رئيس المفوضية الأوروبية في يوليو المقبل رغم المنافسة القوية التي يواجهها من قبل مرشح اليسار الأوروبي مارتن شولز. ولد جان كلود يونكر في 1954 وعاش في كنف عائلة بسيطة. والده كان نقابيا ويعمل في مصنع للفولاذ بلوكسمبورغ ، فيما قضى شبابه في مدينة " بيلفو" حيث درس القانون. اعترف أنه لم يكن متحمسا كثيرا في البداية لترشيح نفسه لخوض غمار الانتخابات الأوروبية، لكن مع مرور الوقت غير رأيه تحت تأثير أصدقائه في السياسة وبعض أقاربه. وبالرغم من أن منافسيه يصفونه بالمدافع عن سياسة التقشف ويقولون أنه لعب دورا سلبيا خلال الأزمة الاقتصادية التي مرت بها اليونان في 2010، حيث كان يترأس مؤسسة أوروبية تضم جميع وزراء المالية الأوروبيين (أوروغورب)، إلا أن يونكر دافع في حملته الانتخابية عن مواضيع أقل ما يقال عنها أنها ليس لها بعد ليبرالي. وهو يناضل من أجل فرض حد أدنى للأجور في جميع دول الاتحاد وتوحيد قوانين العمل وتنظيم تسريح العمال، إضافة إلى منح رواتب "محترمة" للعمال. ويبدو أن اللقاءات التي كان ينظمها والده في المنزل برفقة عمال ونقابيين أثرت على حياته الشخصية ثم السياسية. تم تعيين جان كلود يونكر مرشحا رسميا للحزب الشعبي الأوروبي (اليمين) في مارس 2014 خلال مؤتمر نظمه الحزب في دبلن. وكان الصراع قد احتدم بينه وبين الفرنسي ميشال برنيي لكن يونكر فاز في النهاية بغالبية الأصوات. سياسيا، يعد يونكر من المقربين من التيار الاجتماعي المسيحي أكثر من أنه ليبرالي وهو من دعاة التوازن بين سياسة التقشف وإطلاق برامج اقتصادية تنموية داخل الاتحاد الأوروبي. ويستفيد يونكر من دعم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي ترى فيه الرجل المناسب لهذا المنصب واعتقادا منها أنه أدار بشكل جدي الأزمة الاقتصادية والمالية التي عصفت بالاتحاد الأوروبي منذ 2010. على صعيد آخر، اعتبر وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، أمس الاثنين في مقابلة مع التلفزيون الألماني أن "العديد من الأحزاب الشعبوية والمشككة بأوروبا أو حتى القومية ستدخل إلى البرلمان الأوروبي. في بعض الدول ربما ليس الوضع كما كان يخشى. لكن في فرنسا إنه بالطبع مؤشر خطير مع (صعود) الجبهة الوطنية".