ربما لم تكن مفاجأة بالنسبة إلى نخبة من السياسيين والمثقفين الذين درسوا نتائج وسيناريوهات غلبة التيار الدينى فى الانتخابات ودخول السلفيين إلى الحياة السياسية والعامة، لكن فكرة إنشاء هيئة دينية لمراقبة المواطنين واعتراضهم بالشوارع والأماكن العامة لحسابهم على سلوكياتهم أو هيئاتهم وربما عقابهم عليها فى نفس اللحظة مفاجأة بالطبع للغالبية العظمى من الشعب المصرى. الهيئة التى يرفض حزب النور، التى تؤكد دعمه لها، الاعتراف بها، تواجه رفضا شعبيا، تمثل فى طوفان هجوم عليها على صفحات التواصل الاجتماعى على شبكة الإنترنت التى ما زالت تمارس عملها من خلاله، ولكن ماذا سيحدث عندما تقرر الهيئة بدء ممارسة عملها على أرض الواقع؟ هل يقبل المصريون الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر «بالعافية»؟ «لن يقبل المصريون والمجتمع المصرى المتعدد دينيا حكم هيئات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»، هكذا أكد نبيل عبد الفتاح، الخبير بمركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية، واصفا إنشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بأنه خروج سافر على القانون، ومحاولة لقمع الثورة والثوار، ويجب التصدى له قانونيا وقضائيا. عبد الفتاح اعتبر الأمر شكلا من أشكال الفوضى فى الدولة والنظام والشارع المصرى، يماثل تخريج جماعة الإخوان المسلمين ل500 قاض عرفى، وتكوين اللجان الشعبية لتنظيم المرور قبل عودة الشرطة، علاوة على قيام بعض الجماعات بتطبيق قانونها الخاص على بعض البلطجية بالقتل أو التشويه، مضيفا أن تكوين هيئة كهذه من تجليات المد الوهابى، يمكن اعتبارها جماعة المحتسبين الجدد على النمط السعودى. أيمن نور، زعيم حزب الغد والمرشح المحتمل للرئاسة، اعتبر موضوع الهيئة من أوله «هزار»، مشيرا إلى أن هدفه هو إثارة الفزع لدى الناس، مؤكدا أنه أمر غير وارد وغير مطروح ولن يقبله الشعب المصرى إطلاقا. أما الدكتور مصطفى النجار، نائب مجلس الشعب ومؤسس حزب العدل، فقد وصف الأمر بأنه «عبث إلكترونى»، معتبرا أنه من الصعب أن يصل هذا العبث لأرض الواقع، مؤكدا أنه لو وصل فإن الشعب المصرى لن يقبل أبدا بالنموذج السعودى، لأنه شعب وسطى يرفض التشدد والوصاية على دينه.