منظمات المجتمع المدنى التى تجرأت على المجلس العسكرى، وفضحت انتهاكاته بحق الثوار، يجب أن تدفع الثمن. النشطاء الحقوقيون الذين يطالبون العسكر بنقل السلطة إلى مدنيين يجب أن تُقطع ألسنتهم. هذا ما يرضى المجلس العسكرى، الذى حرك ظهر أمس قوات من الجيش والشرطة، وأعضاء من النيابة العامة واقتحم 17 مقرا ل10 منظمات حقوقية، بالقاهرة والجيزة، منها: «المركز العربى لاستقلال القضاة والمحاماة، ومنظمة حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، والمعهد الديمقراطى الأمريكى، وكذلك المعهد الجمهورى (mbe)». الحملة بدأت، فانتقل الخوف والقلق إلى باقى المراكز الحقوقية التى يمكن أن تطالها حملة العسكر فى أى لحظة. حملة المداهمات تجىء على خلفية التحقيقات التى يجريها القضاة المنتدبون من وزير العدل فى ملف التمويل الأجنبى، حيث أصدر المستشاران أشرف العشماوى وسامح أبو زيد قاضيا التحقيق فى هذا الملف أوامر إلى النيابة العامة بتفتيش عدد من منظمات المجتمع المدنى على ذمة التحقيقات فى القضية، وتم تكليف المحامين العموميين بالنزول كل فى دائرته بمصاحبة الشرطة والقوات المسلحة، إلى المنظمة الحقوقية الموجودة بها، والقيام بأعمال التفتيش فى إطار التحقيقات التى تجرى، حيث تم فحص جميع الأوراق بالمنظمات المذكورة وأجهزة الكمبيوتر. القوات المشتركة من الجيش والشرطة، قامت أيضا، بتغيير اتجاهها للتفتيش على منظمتين فى 6 أكتوبر، أسفرت عن القبض على أحمد محمد السلكاوى، القيادى بحركة «6 أبريل»، بينما لم تذكر مصدر أى معلومات إضافية عنه، إلا أنه اكتفى بقوله «إن المتهم عُثر معه على مستندات تخص تلقيه تمويلا خارجيا، وجهاز كمبيوتر، و20 ألف جنيه، وتذكرة سفر لإيطاليا، وكمية من الحشيش، والبانجو، ومنشورات عدائية ضد الدولة». الحملات التى جرت ظهر أمس، قال المصدر الأمنى إنها تستهدف مكافحة التمويل الخارجى المتهم بمؤامرة تخريب مصر، بينما أضاف أن الحملة تمكنت من ضبط عدد من أجهزة الكمبيوتر التى تم التحفظ عليها، بهدف تفريغ محتوياتها، للوصول إلى الحقيقة وإرفاقها مع ملفات التحقيق، الذى سيتم فتحه قريبا مع مديرى ومسؤولى المنظمات. فى ذات السياق، شن نشطاء حقوقيون هجوما حادا على المجلس العسكرى ووزارة الداخلية. المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة، الذى تم تشميعه، وقت كتابة هذه السطور، قال مديره، ناصر أمين، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إنه وأعضاء المركز فوجئوا باقتحام قوات من الصاعقة والقوات الخاصة ومعهم فريق من النيابة العامة مقر المركز، «سألونا عن الأنشطة التى يقوم بها المركز، وقاموا بأخذ صور من جميع المستندات الموجودة ونُسخ من المطبوعات الموجودة بحوزتنا». أمين وصف الحملة بالإرهاب، وقال ل«التحرير» إن هذه هى البداية، «هم يستهدفون إرهاب وتخويف منظمات المجتمع المدنى، لمنعها من القيام بدروها فى كشف انتهاكات المجلس العسكرى، لحقوق الإنسان»، مؤكدا أن هذه الاقتحامات وهذا الإرهاب لن تثنى المنظمات الحقوقية عن المضى قدما فى طريقها لدعم حقوق الإنسان فى مصر». منبها إلى أن هناك اجتماعا سوف تعقده كل المنظمات للتباحث والرد على حملة الجيش والنيابة العامة. وشبّه أحمد سيف، المحامى الناشط الحقوقى والمدير السابق لمركز هشام مبارك للقانون، حملات قوات من الصاعقة وفريق من النيابة العامة المراكز الحقوقية، بالحملات التى كان ينفذها نظام الرئيس المخلوع مبارك، ضد المنظمات التى تفضح فساده، وتدافع عن حرية الرأى والتعبير، معتبرا أن هذه الحملات رسالة من المجلس العسكرى والنظام الحاكم أن المخلوع لا يزال يمارس هواياته فى قمع الآراء وحرية التعبير، متسائلا: «هل اقتحام المراكز الحقوقية تم بإذن من النيابة العامة والشرطة العسكرية حتى يتم اتخاذ التدابير الوقائية الممكنة أم دونه؟ لافتا إلى أن الإجابة «ستحدد تحركنا». الناشط الحقوقى جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أحد أعضاء هيئة الدفاع عن أسر الشهداء، أعرب عن انتقاده الشديد للخطوة التى تعيد أيام مبارك للذاكرة، مشددا على أنه «لا يوجد أى سند قانونى أو أخلاقى للهجمة. لكننا نتوقع مثل هذه الهجمات، فهذا شىء متوقع من سلطة مستبدة كالمجلس العسكرى». وكان قاضيا التحقيق قد قاما بالتحقيق مع 7 من الأشخاص ينتمون إلى المنظمات الأهلية المصرية خلال هذا الأسبوع، وذلك على خلفية ورود تقارير من البنك المركزى تفيد تلقيهم تمويلات أجنبية بالمخالفة للقانون. التقارير التى وصلت من البنك المركزى إلى قاضيى التحقيق، تبين فيها تلقى 7 منظمات أهلية مصرية أموالا طائلة تقدر ب192 مليون جنيه بالمخالفة للقانون. وكان قاضيا التحقيقات قد أصدرا بيانا فى وقت سابق، أكدا فيه أن هناك عدد 400 منظمة وشخصية عامة حصلوا على تمويل خارجى من جهات أجنبية لدول عربية وأوروبية وأمريكية.