العقار انهار بعد مغادرة العميد ماجد متجهًا لملاحقة الإرهابين ب15 دقيقة.. والسكان: «السطح» مخالف وتسبب فى حمولة زائدة الشهيد ماجد صالح شارك فى المأمورية الأمنية لضبط مجموعة من الإرهابيين، عاقدا العزم على الانتقام والثأر من قتلة زملائه المجندين، الذين راحوا ضحية استهداف نقطة الشرطة العسكرية بمسطرد مطلع الأسبوع الماضى، وتدخل القدر ليلعب دوره المحتوم، فما إن سالت دماؤه الزكية فى أرض قرية عرب شركس فى القليوبية فجر أول من أمس، وخرجت أسرته الصغيرة لتشييع جثمانه الطاهر، حتى انهارت العمارة التى كانوا يقطنون بها بحى مدينة نصر لينقذ القدر أسرته من موت محقق. «موت وخراب ديار».. كان هذا حال أسرة الشهيد ماجد صالح، عميد القوات المسلحة بسلاح المهندسين، الذى استشهد فى معركة الثأر لجنود مسطرد، وبعدها انهار العقار الذى يقطن به بعد خروج أسرته لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة. «التحرير» علمت أن 12 ضابطًا بالقوات المسلحة سيتولون حراسة العقار المنهار، لحين الانتهاء من حمل متعلقات الضابط الشهيد من مسكنه، كما رصدت مأساة 14 أسرة بات معظمهم فى الشارع بعدما تركهم المسؤولون على الرصيف دون حل. زوجة الشهيد وقفت منهارة لا تحرك ساكنًا، حيث ظلت تبكى دون توقف، غير مصدقة لوقائع يوم الأربعاء المشؤوم، يوم استشهاد زوجها وانهيار منزلها، لم تستطع الزوجة الحديث، وكانت دموعها خير معبر عن كلامها لتروى مرارة اليوم الحزين، واكتفت قائلة ل«التحرير» «حرام والله.. مش عارفة حاجة.. لكن الحمد لله على كل حاجة وكل اللى يجيبه ربنا كويس». زوجة الشهيد أضافت خلال بكائها المستمر قائلة، «هو يموت علشان إحنا نعيش، والبيت يتهد فى نفس الوقت». لا علاقة واضحة ومباشرة بين حادثة استشهاد ضابط القوات المسلحة وانهيار العقار الذى يسكن به، الزوجة استقلت سيارة ملاكى رفقة أحمد حسين زوج ابنة عم الشهيد، لتبيت عند أحد أقاربها، وقال حسين إن العناية الإلهية أنقذت أسرة الضابط وباقى أسر العمارة من الموت المحقق، حيث انهار العقار بعد نزول أسرة العميد ماجد ب15 دقيقة بالضبط. العقار المنهار مكون من 6 طوابق، ويقع فى شارع الشهيد عبد الوهاب القاضى أمام دار القوات الجوية المتفرع من شارع محمد يوسف، حيث سقط الجزء الشمالى منه فى نحو الحادية عشرة صباح أول من أمس وفقا لشهود العيان، بينما ترك محافظ القاهرة والقيادات الأمنية السكان وحدهم فى الشارع، دون حل لأزمتهم. طارق حماد، أحد الجيران ويسكن فى العمارة الملاصقة للعقار المنهار، قال إنه دخل المطبخ يشرب النسكافيه، ثم سمع بعدها صوتا شديدا، قائلا «شفت بعينى العمارة وهى بتقع وكان منظرا حزينا جدا». ممدوح مدنى قريب أسرة مدام نورا، إحدى ساكنات العقار المنهار، أوضح أن نورا تقيم برفقة ابنتها المتزوجة التى لديها طفلة رضيعة، مضيفا أن القدر كان رحيما بها، بعدما اصطحبت حفيدتها لشراء بعض المستلزمات من خارج المنزل، شارحا أن صاحب العمارة ضابط جيش متقاعد، ويقطن بالطابق الأخير بالعقار، مضيفا أنه اشترى شقته منذ ثلاث سنوات، ثم اشترى شقة أخرى بنفس الطابق، وقام بعدها ببناء «روف». مدنى، أوضح أن السكان لاحظوا تصدعات فى العمارة، وأنهم اشتكوا بعدها فى حى مدينة نصر، وتم تشكيل لجنة هندسية لفحص العقار للوقوف على أسباب التصدع، مضيفا أنه صدر بعدها قرار بإزالة «الروف» المخالف الزائد على حمولة العقار، إلا أن صاحب العقار ظل يماطل فى تنفيذ قرار الإزالة، حتى سقطت العمارة، متسائلا «الناس تروح فين دلوقتى؟». مناوشات وتشابك بالأيدى وقع بين رجال وسائل الإعلام وسكان العقار المنهار، بسبب ما سمعه الأهالى من كلام حول إهمالهم فى الواقعة ومماطلتهم فى تنفيذ قرار الإزالة، فى الوقت الذى امتنع فيه صاحب العقار ذاته عن تنفيذ القانون. الحاجة سميرة، إحدى ساكنات العقار المنهار أوضحت أن «العميد ماجد هو اللى كان هيجيب حقنا.. الله يرحمه بقى». وأوضحت أن الشهيد أسهم فى استصدار قرار من حى مدينة نصر بإزالة الروف المخالف وتنكيس عمودين مخالفين، مشيرة إلى أنه عقد اجتماعا مع سكان العمارة قبل أسبوع لبحث أزمة العقار، لافتة إلى أن الشهيد كان يقطن بالطابق الثانى وأن «العميد ماجد جابلنا محامى ومهندس من كلية الهندسة وماسبناش ولا دقيقة»، فى حين علقت مدام نورا قائلة «صاحب العمارة كان فى خلاف بينه وبين العميد ماجد». مى عبد الستار، إحدى سكان العقار، وتملك به شقتين بالدور الخامس، أكدت ل«التحرير» أن ما أشيع حول أن هناك قرارا بإخلاء العقار أو إزالته ليس له أساس من الصحة، ولكنها مجرد إشاعات تم تداولها، موضحة أن القصة بدأت منذ ما يقرب من 6 أشهر، حيث شعر السكان بالقلق بعد هبوط عمودين من واقع 26 عمودا بالعقار، وبالفعل تمت معاينة العقار من جانب أكثر من لجنة استشارية، وتم الاتفاق على إزالة الدور المخالف، وعمل إصلاحات فى شبكة الصرف الصحى وتنكيس عمودين بالعقار، ولكن لم يخرج تصريح الإزالة وكان من المفترض أن يخرج من الحى أمس الخميس. مى، أوضحت أن غرفة نوم العميد ماجد كانت من الغرف التى انهارت بالعقار، مشيرة إلى أنه بمجرد خروج زوجته من العقار بعد خبر استشهاده حدث الانهيار، مؤكدة أن أكثر من وقف فى وجه مالك العقار كان الشهيد العميد ماجد، وحدثت بينهما عديد من الخلافات فى أثناء قيام صاحب العقار ببناء الدور المخالف، موضحة أن صاحب العقار سبق أن رفع قضية على العميد ماجد حتى يأخذ منه الجراج، ويثبت أنه ملكية عامة للسكان جميعا، ولكن زوجها شهد بالمحكمة أن الجراج ملك العميد ماجد، وبالفعل حكمت المحكمة بملكيته للجراج. ساكنة الطابق الخامس بالعقار المنهار أشارت إلى أن السكان اتفقوا على أن يقوموا بعملية الترميم من حسابهم الخاص، وأن يدفع المالك مثلهم، وبالفعل تم جمع ما يقرب من 4000 جنيه من 14 شقة بالعقار، وقام صاحب العقار بتكليف مهندس ليحدد التكلفة، ولكنه أبلغ السكان بأن التكلفة تصل إلى 200 ألف جنيه، وهو ما جعل العميد ماجد يستعين بمهندس صديق له يقوم بالتدريس فى الجامعة وقام بالمعاينة، وأكد أن المبنى يحتاج إلى 40 ألف جنيه فقط، وقام السكان بالفعل بجمع المبلغ لبدء الترميم. سكان العقار افترشوا الشارع إلى جوار سور القوات الجوية، وعلق أحد السكان قائلا «المحافظ قالنا هتقعدوا فى فندق 5 أيام بدلا من توفير مساكن بديلة لإيوائهم». أحمد الحمصانى من سكان العقار المجاور، قال إن ماسورة الغاز تهشمت وقت انهيار العمارة، وأن المنطقة عاشت فى لحظات من الرعب حتى جاء عمال صيانة الغاز الطبيعى وأصلحوا الماسورة، مضيفا «ربنا سترها معانا» ورجال الجيش جاؤوا لمساعدتنا فور سقوط العمارة. النيابة العامة بدورها تولت التحقيق فى الواقعة ومن المقرر أن تستمع لأقوال السكان. بواب العمارة المجاورة محمد المنياوى، أوضح ل«التحرير» أن «الأرض زعلت على صاحبها، كان راجل محترم جدا، عمره ما تأخر عن حد فينا، وعمره ما حسسنا إنه ضابط جيش».