مصادر: دول خليجية وعربية أخرى ستقطع علاقاتها بالدوحة إذا فشلت جهود المصالحة فى الكويت «قمة الفرصة الأخيرة لقطر». وصف يُلخص الأجواء التى تسبق وتخيم على القمة العربية فى دورتها العادية الخامسة والعشرين، التى تستضيفها دولة الكويت يومى 25 و26 من مارس الجارى، رغم تأكيد مسؤولين كويتيين وعرب، أن موضوع الخلاف بين قطر وعدد من الدول الخليجية والعربية ليس مطروحًا على جدول أعمال القمة، المتخم أصلًا بعدد من الموضوعات المهمة، أبرزها القضية الفلسطينية، والشأن السورى، وتطوير الجامعة العربية وتعديل ميثاقها. دبلوماسى عربى كبير قال ل«التحرير»، إن القمة التى ستعقد تحت شعار «التضامن لمستقبل أفضل» فى «قصر بيان» بالعاصمة الكويتية، ستُشكل «الفرصة الأخيرة لحكام الدوحة للاختيار ما بين العودة إلى الصف الخليجى والعربى، والعمل المشترك والفاعل لمواجهة التحديات التى تفرض نفسها بقوة على الأمة العربية، وتهدد بشكل غير مسبوق الأمن القومى العربى، وإما الاستمرار فى نهج تخريب العلاقات العربية-العربية، والانحياز إلى المخططات الأجنبية والإقليمية التى تحاك ضد الأنظمة والشعوب العربية». الدبلوماسى العربى، الذى كان يتأهب لمغادرة القاهرة إلى الكويت لحضور القمة، كشف عن «جهود عربية حثيثة، خصوصًا من جانب الكويت، تسعى لتنقية الأجواء وإقناع قادة الدول الخليجية الثلاث التى سحبت سفراءها من قطر، وهى السعودية والإمارات والبحرين، لعدم اتخاذ مزيد من الخطوات التصعيدية تجاه الدوحة». وأوضح المصدر أن الجهود الكويتية التى تسارعت خلال الأيام القليلة الماضية «نجحت فى فرض قدر من التهدئة، الإعلامية على الأقل، بين الدول الثلاث من جانب، وقطر من جانب آخر، انتظارًا لانعقاد القمة واللقاء المباشر بين الزعماء والقادة العرب، وإجراء مصالحات وتذويب الخلافات بينهم». وأعرب الدبلوماسى العربى عن تفاؤله بنتائج لقاءات وجلسات المصالحة، التى ستعقد على هامش القمة، وأرجع تفاؤله إلى «الجهود الحثيثة التى تبذلها الدبلوماسية الكويتية لمحاصرة الخلافات الخليجية-الخليجية، والعربية-العربية، ولأن لقاءات المصالحة ستُعقد تحت رعاية أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر، الذى يسميه العرب أمير الدبلوماسية، بالنظر إلى خبراته الطويلة فى العمل العربى المشترك، الممتدة لعدة عقود، منذ أن كان وزيرًا لخارجية بلاده». نغمة التفاؤل تلك يقابلها تشاؤم يبديه مسؤول عربى رفيع المستوى، رأى أن حكام قطر «لا يزالون يراوغون، ولا يبدون تجاوبًا كبيرًا مع جهود المصالحة والتهدئة، بدليل أنهم عمدوا، منذ أيام، إلى تسريب رسالة قديمة يرجع تاريخها لشهور ثلاثة مضت، أرسلها نائب رئيس دولة الإمارات وحاكم دبى الشيخ محمد بن راشد، إلى أمير قطر حمد بن تميم، ليشكره على دعم بلاده لملف استضافة مدينة دبى فاعليات معرض أكسبو 2020 العالمى». ورأى المسؤول العربى فى هذه الخطوة «محاولة خبيثة من حكام قطر للإيحاء بوجود خلافات بين قادة دولة الإمارات، أو بين أبوظبى ودبى تحديدًا، على خطوة سحب السفير الإماراتى من الدوحة، وهو الأمر الذى تنبهت الخارجية الإماراتية إلى خطورته، فأعلنت فورًا أن الرسالة قديمة، مشددة على وحدة موقف قادة الإمارات». لكن المسؤول العربى اتفق على اعتبار قمة الكويت بمثابة «الفرصة الأخيرة لقطر»، لافتًا إلى أن عدم انتهازها تلك الفرصة «ستكون عواقبه وخيمة على الدوحة، وستكون هناك خطوات تصعيدية غير مسبوقة ضدها، من جانب الدول الثلاث التى سحبت سفراءها من الدوحة، قد تصل إلى فرض حصار شبه كامل عليها، بالنظر إلى أن تلك الدول (السعودية والإمارات والبحرين) هى التى تتشارك مع قطر فى حدودها البرية والبحرية». وأشار المصدر إلى أن خطوة سحب السفراء سبقت قمة الكويت «لتشديد الضغوط على الدوحة قبل قمة الكويت، ومنحها فرصة أخيرة لتثبت خلال أعمال القمة التزامها بالمصالح والأجندة العربية، وتبدى استعدادًا حقيقيًّا لتنفيذ اتفاق الرياض»، الذى وقعه أمير قطر الحالى تميم بن حمد، فى نوفمبر من العام الماضى، مع عاهل السعودية الملك عبد الله بن عبد العزيز، بمبادرة وحضور أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، وتضمن تعهدًا قطريًّا بعدم التدخل فى الشؤون الداخلية لأى دولة خليجية، وعدم مساعدة أو السماح لأى طرف خارجى بالتدخل فى تلك الشؤون انطلاقا من الأراضى القطرية. وشدد المسؤول العربى على أن عدم استجابة قطر للجهود الكويتية «قد يدفع الكويت إلى الانضمام إلى الدول الخليجية الثلاث، وسحب سفيرها من الدوحة، وبالتالى تواجه قطر عزلة إقليمية لا مثيل لها، خصوصًا أن هناك دولًا عربية أخرى، من بينها مصر والأردن واليمن، تنتظر قمة الكويت لتتخذ إجراءات عقابية شديدة ضد قطر، إن لم يُذعن حكامها للمطالب الخليجية والعربية، ويتخلوا عن أجندتهم الحالية». من جهته، قال فاضل جواد الأمين العام المساعد للجامعة العربية للشؤون السياسية، أمس، إن الخلافات العربية-العربية «غير مطروحة على جدول الأعمال» فى مؤتمر القمة، لكنه كشف أن القادة العرب «سيعقدون جلسة خاصة لتنقية الأجواء العربية». وأوضح جواد، فى تصريحات على هامش الجلسة الافتتاحية للاجتماع التحضيرى للمجلس الاقتصادى والاجتماعى العربى، التى عقدت بالكويت أمس، ضمن الاجتماعات التحضيرية للقمة، أن أجندة القمة ستكون «مركزة جدا، وستعمل بالأساس على ثلاثة ملفات: فلسطين، وهى القضية المركزية للعرب، والشأن السورى، وتطوير الجامعة العربية وتعديل ميثاقها». وأجاب الأمين العام المساعد للجامعة، عن سؤال عن الخلافات المصرية-القطرية، والخليجية-القطرية، وما إذا كانت ستناقش خلال القمة، بقوله «الخلافات ليست على جدول الأعمال، وربما تُبحث ما بين القادة العرب فى جلسة خاصة»، وأردف قائلًا «الكويت تبذل جهودها للوساطة ما بين مصر وقطر، وما بين قطر ودول الخليج، لكن ليس هناك مبادرة بشكل واضح». وحول السبب فى تسميتها ب«قمة تنقية الأجواء»، إذا لم يكن ملف العلاقات العربية-العربية المتأزمة مطروحًا على جدول أعمالها، قال فاضل جواد «نحن أسميناها التضامن العربى نحو مستقبل أفضل، وتم التوافق على هذا الشعار فى الاجتماعات التحضيرية فى الجامعة، وتم اختياره على أساس أن هناك اجتماعًا مغلقًا سيُعقد بين الرؤساء والقادة لتصفية الأجواء، لكنه موضوع غير رئيسى على جدول الأعمال»، وكشف أن الاجتماع «سيُعقد بعد الجلسة الافتتاحية للقمة». وفى تطور نوعى لافت للموقف العربى الرسمى من النظام السورى والائتلاف الوطنى المعارض، نفى فاضل جواد أن يكون هناك قرار بتسليم «مقعد سوريا فى الجامعة» للائتلاف الوطنى المعارض، وقال «حتى تاريخه لا يوجد قرار، كان آخر قرار للمجلس الوزارى بأن تكون هناك محادثات فى ما بين الائتلاف وجامعة الدول العربية لإيجاد صيغة تطوير قرار مؤتمر قمة قطر، بشأن تسليم المقعد، على أساس ما يقتضيه نظام الجامعة العربية والقواعد الخاصة بهذا الأمر، لكن حتى الآن لم يُحسم الأمر». موضحًا أن هناك «رؤية قانونية من ناحية الجامعة العربية، وما زالت الشروط غير مستوفية» لتبوؤ الائتلاف السورى مقعد بلاده. لكنه أضاف أن الائتلاف تلقى «دعوة لإلقاء كلمة فى المؤتمر، فقط لا غير، وسيلقى كلمته رئيسه أحمد الجربا، وسيكون رابع شخصية تتحدث ضمن القمة، وهذا الشىء بمثابة تقدير من جانب القمة للائتلاف، ويُترك القرار لما تقرره القمة». وشدد الأمين العام المساعد للجامعة العربية على أن الجربا «لن يجلس على مقعد سوريا فى هذه القمة، بأى حال»، معتبرًا أن الصيغة التى جرى فيها جلوسه على مقعد سوريا فى القمة العربية بالدوحة، العام الماضى، أمر «حصل فى الماضى». وفى ما يخص الملف الفلسطينى، قال جواد «سنسمع من الرئيس محمود عباس (فى كلمته أمام القمة)، وهو لا يزال فى واشنطن.. كانت لديه مباحثات مع الرئيس الأمريكى، ونعرف طبعًا أن هناك ضغوطًا كبيرة على الرجل، وهو فى مرحلة مصيرية فى موضوع المفاوضات الجارية مع الجانب الإسرائيلى برعاية أمريكية، وسيطلع (عباس) مؤتمر القمة على نتائج مباحثاته مع الرئيس الأمريكى». وأجاب الأمين العام المساعد للجامعة العربية عن سؤال بشأن إمكانية صدور قرار من القمة باعتبار «الإخوان» جماعة إرهابية، قال «لا يوجد شىء من هذا» مطروح، لكنه أردف بأن ملف الإرهاب «سيُطرح ويبحث فى مؤتمر القمة على أساس ما جاء فى اجتماع وزراء الداخلية العرب».