علماء يرفضون تشكيل "دروع بشرية " لحماية كنائس مصر أعرب كل من الدكتور على جمعة، مفتي مصر، والدكتور محمد سليم العوا، المفكر الإسلامي المعروف، عن رفضهما لفكرة تشكيل "دروع بشرية من المسلمين" لحماية الكنائس ليلة قداس عيد الميلاد اليوم الخميس والتي دعا إليها البعض رداً على التفجير الذي استهدف كنيسة "القديسين" بمدينة الإسكندرية، ففيما أكد جمعة أن الإرهاب لا يفرق بين مسيحي ومسلم، أبدى العوا مخاوفه من أن يستغل البعض تلك الدعوة لإشعال فتنة جديدة، وأكد أن "حماية الكنائس مسئولية الأمن".
يأتي هذا فيما شهدت عدة مناطق في القاهرة أبرزها حي شبرا مظاهرات قبطية تخللها اشتباكات مع رجال الأمن استمرت حتى الثلاثاء 4/1/2011، رغم دعوة البابا شنودة، بابا لإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية المسيحيين إلى الهدوء وضبط النفس والتصرف بعقلانية. الإرهاب لايميز
وقال الدكتور على جمعة، مفتي مصر، أن دعوة الشباب المسلم لعمل جدار بشري ، ودروع حول الكنائس ليلة قداس عيد الميلاد في 7 يناير لا يعتبر حلا عمليا لمواجهة الإرهاب الذي استهدف كنيسة القديسين بالإسكندرية في الدقائق الأولى من العام الميلادي الجديد، و أسفر عن مقتل 22 شخصا وإصابة أكثر من 90 آخرين.
وقال في مؤتمر صحفي له الثلاثاء 4/1/2011 عقد بدار الافتاء وحضره مراسل "إسلام أون لاين" :" إن هذه الدعوات تعبر عن الشعور الوطني لا أكثر ولا أقل ، ولكن الإرهابي لا يردعه هذا لأنه لا يعترف بذلك ، ولكن علينا أن نراقب ونلاحظ، وعلينا أن نتوجس ونتحرك بطريقة أكثر لحصار الإرهابيين ، وهذا أكثر واقعية، فالإرهابي عندما يريد التفجير سيفجر المسلم والمسيحي ". وشدد على أن تأكيد المسلمين بعدم ضلوعهم في العمل الإجرامي الذي حدث في الإسكندرية، وعزمهم حماية بقية الكنائس "لا يعني أن نضحي بمسلمين ونجعلهم دروعا بشرية حول الكنائس لننفي وجود طائفية ضد المسيحيين".
مسئولية الأمن بدوره رفض الدكتور محمد سليم العوا، المفكر الإسلامي المعروف ، مبادرة بعض الشباب على الإنترنت أن يحمى المسلمون الكنائس ليلة قداس عيد الميلاد، مساء االيوم الخميس ، موضحا أن ذلك من عمل الأمن، حتى لا يستغل البعض تلك الدعوة لإشعال فتنة جديدة.
إلا أنه أكد ضرورة مشاركة جميع المصريين فى تقديم التهنئة بعيد الميلاد للإخوة الأقباط، متمنيا لو أن البابا يرسل من ينوب عنه لإقامة قداس عيد الميلاد بكنيسة القديسين وأن يذهب شيخ الأزهر والمفتى ووزير الأوقاف للصلاة يوم الجمعة المقبل في المسجد المقابل للكنيسة.
وتبرأ د.العوا – في حوار مع الإعلامي محمود سعد على قناة "أزهري" مساء أمس الاثنين من اتهامات بعض الأقباط له بأنه سبب في الشحن الطائفي الحاصل حاليا والذي نتج عنه تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، مؤكدا أنه لم يفعل سوى الرد العلمي من خلال محاضراته عن فتح مصر على الأنبا بيشوي الذي قال إن المسلمين ضيوف على المسيحيين.
وقال إن هناك بعض المتطرفين يريدون أن يصطادوا في الماء العكر لتحقيق مكاسب أخرى من خلال كف لساني عن قول الحق، مؤكدا أنه لن يكف لسانه عن قول الحق خاصة أن ردوده تعتمد على العلم والكلمة والقلم، لافتا إلى أن المسيحيين وقعوا أسر الشعور الاضطهاد المصطنع.
واتهم العوا الموساد الإسرائيلي بالتورط في هذه الجريمة، خاصة بعد تفكيك شبكة اتصالات التجسس لصالح إسرائيل، وهو ما يؤكد وجود مخططات تدعو للتخريب واستهداف الأمن المصري، مضيفا أن اختيار مكان التفجير تم بعناية، مطالبا الأمن المصري بالبحث عن الجناة بالاتجاه للموساد وعلاقة التفجير بضبط شبكة التجسس الأخيرة، مؤكدا أن مصر ما زالت حجر العثرة الوحيد في طريق الصهيونية لتنفيذ مخططاتها في العالم أجمع.
تواصل المظاهرات
يأتي هذا فيما شهدت عدة مناطق في القاهرة أبرزها حي شبرا حيث يعيش نسبة كبيرة من المسحيين مظاهرات قبطية ليلية صاخبة استمرت حتى فجر أمس الأول الثلاثاء ، جرت خلالها اشتباكات مع قوات الأمن بالحجارة والزجاجات ورفع خلالها المتظاهرون الصلبان الخشبية وصور "العذراء" ومطالب قبطية أبرزها المطالبة بإقالة وزير الداخلية وقانون لتوحيد بناء دور العبادة ، وشعارات تقول "إحنا أصل البلاد" في إشارة لما سبق أن قاله الأنباء بيشوي الرجل الثاني في الكنيسة من أن الأقباط هم أصل سكان مصر والمسلمون ضيوف عليهم .
وقالت حصيلة أمنية وإعلامية أن مظاهرات شوارع القاهرة الأخيرة ، شهدت إصابة 125 مجنداً و5 ضباط، وقدرت مصادر أمنية عدد قوات الأمن المركزي التي شاركت في تأمين الاحتجاجات أو إحباطها بأرقام تزيد على ال30 ألفاً، مدعومين بعشرات العربات المصفحة، فيما تراوحت أعداد المشاركين في كل مظاهرة بين 300 و3 آلاف متظاهر .وكان الأقباط قد تظاهروا أول أمس الأحد بالكاتدرائية المرقصية ب"العباسية" و"المقطم" وأمام مبنى الإذاعة والتليفزيون و"شبرا". محاولات تهدئة
ودعا البابا شنودة، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية المسيحيين إلى الهدوء وضبط النفس والتصرف بعقلانية، إثر الاشتباكات التي وقعت بين قوات الأمن والعشرات من المسيحيين الغاضبين والذين واصلوا التظاهر بعد التفجير الذي استهدف كنيسة "القديسين".
وقال شنودة في كلمة وجهها للشباب المسيحي خلال حوار بثه التليفزيون المصري مساء الإثنين 3-1-2011 : "أرجو من أبنائنا أن يهدأوا، وفي الهدوء يمكن حل جميع الموضوعات القائمة والتي في أذهان الآخرين لأن المشاكل تحل بالهدوء وبالتفاهم وليس بالعصبية والإنفعال".
واتهم شنودة أطرافا أخرى بالوقوف وراء التجاوزات التي شهدتها هذه المظاهرات ، قائلا: "كثيرون ركبوا الموجة ودخلوا على اسم التعاطف مع أحداث الإسكندرية وهم بعيدون كل البعد عن المشكلة، واشتركوا حتى في الهتافات المسيحية ومع ذلك كان أسلوبهم غير أسلوبنا ولاقيَمهِم مثل قيَمنا".
ومن جهته حاول الدكتور على جمعة، مفتي مصر،- خلال مؤتمره- التخفيف من حدة الاتهامات التي يوجهها بعض الأقباط وتصويرهم أحداث الإسكندرية بأنها عنف صادر من مسلمين ، قائلا :"الشخص عندما يفقد عزيز لديه يصبح مضطربا ، والإنسان صاحب المصيبة معذور ، فالله يكون في عون من فقدوا ضحايا في أحداث الإسكندرية ، ولابد أن علينا أن نتمتع بسعة الصدر". وأكد أن صدور تصرفات غير لائقة ممن يصاب بمصيبة يتطلب الرحمة وأن يكون لدينا كمصريين سعة صدر، وهذا شيء إنساني فطري متفق عليه.
هذا وأصدرت دار الإفتاء بيانا حول الاعتداء على دور العبادة أكدت فيه تحريم الإسلام القاطع للاعتداء على الأبرياء بوجه عام بغض النظر عن دياناتهم وأعراقهم وجنسياتهم داخل وخارج دور العبادة .
وأكد البيان أن مثل هذه الأفعال بجانب ما فيها من الإضرار بالصورة الذهنية الصحيحة للإسلام والمسلمين في الشرق والغرب فإنها تدعم الصورة الباطلة التي يحاول أعداء الإسلام أن يثبتوها في نفوس العالم من أن الإسلام دين متعطش للدماء، وهي دعوى عارية من الصواب ولا سند لها من شريعة الإسلام السمحاء التي تدعو للحوار مع الآخر بالحسنى والتي هي أحسن.