الذنوب والمعاصي ما حلت في ديار إلا أهلكتها، ولا في قلوب إلا أعمتها ولا في أجساد إلا عذبتها، ولا في أمة إلا أذلتها، ولا في نفوس إلا أفسدتها، وللمعاصي آثار وشؤم فهي تزيل النعم وتحل النقم مصداقا لقوله سبحانه: ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير). وقوله عز وجل: ( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) و روى الإمام أحمد عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه". و قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة". ومن شؤم المعصية أنها تنقص العمر و تمنع القطر من السماء ففي سنن ابن ماجة عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لم ينقص قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤن ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ." وقال مجاهد في قوله تعالى ( ويلعنهم اللاعنون) قال دواب الأرض تلعنهم يقولون يمنع عنا القطر بخطاياهم ". وقال عكرمة " دواب الأرض وهوامها حتى الخنافس والعقارب يقولون منعنا القطر بذنوب بني آدم ". وقال أبو هريرة رضي الله عنه إن الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم وشؤم المعصية بلغ البر والبحر كما قال تعالى : ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) . ومن شؤم المعصية أنها تورث الذل وتفسد العقل وتورث الهم وتضعف الجوارح وتعمي البصيرة وأعظم من ذلك كله تأثيرها على القلب كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن العبد إذا أذنب ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه وإن عاد زادت حتى تعلوا قلبه فذلك الران الذي ذكر الله في القرآن : ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) . وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : " القلب هكذا مثل الكف فيذنب الذنب فينقبض منه ثم يذنب الذنب فينقبض منه حتى يختم عليه فيسمع الخير فلا يجد له مساغا ". وقال الحسن البصري رضي الله عنه: " الذنب على الذنب ثم الذنب على الذنب حتى يغمر الذنب القلب فيموت فإذا مات قلب الإنسان لم ينتفع به صاحبه ". قال عبد الله بن المبارك : رأيت الذنوب تميت القلوب * وقد يورث الذل إدمانها وترك الذنوب حياة القلوب * وخير لنفسك عصيانها ومن شؤم المعصية أخي المسلم أنها تعكر صفو الحياة على