من الفقر تولد الموهبة، ومن الحاجة يولد الإبداع، هكذا كانت حياة "على الكسار" أو علي محمد خليل سالم، الفتى الذي بدء بمهنة سروجي، ليصبح من أشهر الممثلين الذين صنعوا السينما المصرية، والمسرح العربي، ويعود إليه الفضل هو والريحاني، في صنع "الكوميديا" في مصر، تلك التي لم تحتو إطار معين ولا نجوم بارزة قبل أن يظهر على الساحة الفنية نجماها الذين حفروا أدوارهم في قلوب محبيهم. في مثل هذا اليوم من عام 1957 ولد "علي الكسار" بحي فقير في القاهرة، ليبدأ حياته ك "سروجي" ولكن يدا الكسار لم تستطع احتراف هذه المهنة، يمتهن الطبخ؛ لأنه كان يبحث عن الإبداع، ولهذه الفترة التأثير الأهم في حياته، فقط اختلط "الكسار" بالنوبيين، ليصبح لقبه "بريري مصر الأول" ومن هنا تتحدد معالم شخصيته "عثمان عبد الباسط" عبر الأحاديث الجانبية بجانب عمل الخضار أو فطار الصباح! يشارك "على" في البداية في مسرحيات بسيطة بدور ثانوي، لا يمكن للجمهور أن يتذكروه به، ولكن في احتفالية في "مولد السيدة زينب" يقف الفنان المغمور على الخشبة، ليسخر منه أحد المشاهدين، إلا أن "علي" لم يتفوه بشئ، بل حارب السخرية بالسخرية، لينسى الجمهور المسرحية، ويستمر السجال بينهما ساعتين، والجمهور يطلب المزيد، ليتذكر الرواد اسم "علي الكسار" من يومها، بذلك الذي استطاع أن يأخذ الكوميديا كهواية حقيقية يتكلم بها لسانه دون تكلف وتحضير مسبق. تكتمل البداية لدى "الكسار" ليوقن طريقه، لقد اختار التمثيل. عندها يجد ليختار لقبه الذي جاء نسبة إلى عائلة أمه، اعترافا منه بالجميل عليها. حيث كانت تدافع عنه أمام أبيه، حينما كان يعود متأخرًا من المسارح، والسينمات. يؤسس فرقته المسرحية، فتكون البداية من على خشبة مسرح "كازينو دي باري" مع كاتب مسرحياته أمين صدقي، ليقدموا أطول فترة شراكة كانت في المسرح المصري تنتج من خلالها عشرات الأوبرتات والمسرحيات، ولكن بحلول عام 52 وقع الخلاف لتصبح الفرقة باسم الكسار ويشارك في كتابة مسرحياته اسامٍ أخرى كبديع خيرى وحامد السيد و غيرهم. في خلال هذه المدة، استطاع "على الكسار" إتقان شخصية "عثمان عبد الباسط" ذلك الذي كان أقرب للمواطن المصري، هذا الشخص المطحون بين تروس المادة والوطن، ولكنه يمكنه بروحه المرحة أن يجتاز المشاكل حوله، هكذا تحولت شخصية "الكسار" إلى ما يشبه البطل الشعبي، الذي يتحرك ببراعة على خشبة المشرح، ولكن الفنان المخضرم يترك مسرح " الماجستيك" على إثر خلاف مع صاحبه الخواجة كوستي بسبب قلة المسارح فى ذلك العصر بعد انتشار دور السينما التى احتلت مكانة المسرح في قلوب محبيها. الفنان الكوميدي الكبير "دني دينس" حين شاهده يقدم دور البخيل في يقول مسرحية " سرقوا الصندوق يا محمد" المأخوذ عن رواية "البخيل" لموليير: لقد شاهدت "بخيل موليير" مصر في شخصية عثمان أفندي أعظم مما شاهدتها في فرنسا. من هذا تتحول شخصيات "الكسار" من المسرح إلى السينما حيث يقدم 37 فيلمًا على الشاشة البيضاء، والتي يعتبر أشهرها: علي بابا والأربعين حرامي، سلفني 3 جنية، ألف ليلة وليلة، نور الدين والبحارة الثلاثة، رصاصة في القلب، تلك التي اشتهر فيها بجانب شخصيته و كاريزماته الخاصة، بقفشاته الجديدة، فبجانب كونها جديدة فهي كانت صادمة لما حملته من شتائم مباشرة، ولكنها مضحكة خفيفة برغم هذا ك"يخرب بيت أبوك" و "ده إنت مصيبة". كأي نهاية، لا تصبح المآسي برتابتها مساوية للبهجة التي رسمها كبار الكوميديانات على أفواه محبيهم، ففي يناير من عام 1957 كان الكسار يرقد على فارش المرض في سرير من الدرجة الثالثة في مستشفي قصر العيني بجانبه زوجته وأولاده الخمسة، ليموت بعد صراع مع مرض سرطان البروستاتا عن عمر سبعين عامًا.