رغم أن إسم بيجو ظل يتردد في مصر لعشرات السنين بداية من العقد الثاني من القرن الماضي، فإن هذا الإسم لم يلمع في مصر قبل إرتباطه بإسم وجيه أباظه عضو تنظيم الضباط الأحرار ومحافظ البحيرة السابق. فهذا الرجل ذو الرؤية الثاقبة إستطاع دون شك أن يعيد لهذا الإسم بريقه في مصر وشهدت بيجو في وجوده إنتشارا لم يتحقق لها خلال أكثر من نصف قرن. السبب الرئيسي وراء ذلك هو الرغبة في النجاح والإصرار علي تحقيقه من خلال إحترام العميل وتلبية كافة رغباته وإرضاء مختلف الأذواق. ولعبت تلك العوامل دورا هاما في حسم المنافسة لصالح بيجو التي لم يخل شارع من عشرات السيارات التي تنتمي لها فوجدنا سيارات الإسعاف من إنتاج بيجو وحتي سيارات الشرطة من ماركات مختلفة بداية من 404 بيك أب وموديلات 104 وفي فترة للاحقة موديل 205 علاوة علي سيارات 405 في أواخرعهد وجيه أباظه. ولم يقتصر الأمر علي سيارات الإسعاف والشرطة والنقل الخفيف حيث برزت سيارات بيجو كوسيلة فعالة للنقل بين المحافظات. ولا يزال موديل 504 شاهدا علي أمجاد تلك الماركة التي لا تجاوزعمر بعضها الثلاثين عاما ولا تزال تعمل بكفاءة كأجرة بين المحافظات. وبشكل مماثل كانت بيجو 504 السيدان حتي وقت قريب أفضل السيارات الملاكي علي الإطلاق في مصر وكانت الأغلي سعرا بين السيارات المستعملة . إنتشرت أيضا موديلات 305 و505 وكانت الأولي هي الأفضل بين السيارات السيدان الصغيرة والثانية هي الأبرز بين الموديلات الأكبر حجما والأكثر إتساعا. أما موديل 604 فكان عنوانا للفخامة. وهذا السرد السريع يوضح لنا بشكل موجز كيف كان يفكر وجيه أباظه الذي إنتهي به الأمر إلي التوصل إلي إتفاق لتجميع سيارات بيجو في مصانع الهيئة العربية للتصنيع في التسعينيات قبل رحيله عن دنيانا. وكانت تلك الخطوة تتويجا لمسيرة حافلة في عالم السيارات المؤسف أن أبنائه لم يحافظوا عليها فتدهورت أحوال الشركة من سيئ إلي أسوأ بعد رحيله. حدث ذلك نتيجة لقرارات غير سليمة أضرت بإسم بيجو في مصر أكثر مما أفادته وأثرت بالسلب علي مكانته. وقعت الشركة في أخطاء عديدة، ففي التسعينيات كان قرار تجميع سيارات بيجو محليا أمرا رائعا حيث جاء في وقت كان الموديل حديثا عندما قامت الشركة بتجميعه. أضاف الأمر لبيجو في عهد وجيه اباظه، وجاء أبناؤه ليس ليضيفوا إلي رصيده بل ليعودوا بإنجاز والدهم إلي الوراء من خلال تجميع موديلات إنتهي عمرها الإفتراضي منذ سنين طويلة. فموديل "بارس" الذي تهلل له الشركة حاليا بعد أن بدأت تجميعه ليس سوي نسخة مجددة من موديل 405 وهو أمر مضحك حيث أن الشركة لم تفكر حتي في الدخول بمفاوضات جادة لتجميع موديل 406 الأحدث - وإن كان هذا الموديل هو الأخر قد توقف تصنيعه في فرنسا بل لم تفكر الشركة أيضا في تجميع موديل 206 الأصغر والأنسب للسوق المحلي وكأن حجم وكيل بيجو في مصر لدي الفرنسيين لا يتجاوز مجرد السماح لهم بتجميع موديلات إنتهي عمرها الإفتراضي وصارت متأخرة عن غيرها من الموديلات بجيلين. بل علي ما يبدو لم تنجح الشركة في تلك الخطوة بعدما تأخر تسليم الدفعة الأولي من الموديل. والمؤلم أنه بدلا من الأإستعانة بموديل من موديلات بيجو الجديدة والدخول في مفاوضات جادة لتجميعها في مصر، إتجه أبناء وجيه أباظة شرقا لأيران للتفاوض معهم علي تجميع موديل منتهي الصلاحية. ولم تسمح بيجو لوكيلها في مصر بتجميع بيجو 206 رغم أنها تسمح للشركة الأيرانية بتجميعها. ربما كان الأفضل لبيجو تجميع موديل 504 الأستيشن الذي ظلت نيجيريا تنتجه حتي سنوات قليلة مضت ما دامت مصرة علي تجميع موديلات قديمة. أما بالنسبة للموديلات الجديدة التي تطرحها الشركة في مصر فقد حاولت المنافسة بها في شريحة أعلي من الشريحة الحقيقية لها في أوروبا وفشلت تلك المحاولة فشلا ذريعا فجاءت مبيعات الشركة هزيلة لا تتلائم مع التاريخ الحافل لتلك الماركة الفرنسية في مصر. ولا ندري السبب في الأسعار المبالغ فيها لسيارات بيجو المطروحة في السوق المحلي هل هو الرغبة في الكسب السريع أم إضفاء هالة من الفخامة علي معروضات الوكيل لا تتوافر علي أرض الواقع لتلك المعروضات. في الوقت الذي تسعي فيه كافة الشركات العاملة في السوق المصري لإغراء عملائها وكسب ثقتهم، يسعي أبناء وجيه أباظه بشكل غير مباشر لتطفيش هؤلاء العملاء بشكل غير مباشر. المتوقع أن المستقبل سيحمل أخبارا غير سارة لوكيل بيجو في مصر خلال الفترة المقبلة خاصة علي ضوء الإنكماش الذي يعاني منه سوق السيارات خلال الفترة الحالية وهو أمر بات واضحا من ضعف الإقبال علي سيارات بيجو المطروحة في أسواقنا المحلية.