عبر الراديو يطل صوت "مرسي جميل عزيز" ذلك الشاعر الذي تعودنا أن تطل كلماته عبر أصوات أقطاب الفن المصري، يقول في حوار بالراديو " الأغنية هي أهم وأخطر الفنون جميعًا، فهي التي تشكل الوجدان والأحاسيس وترتقي بالمشاعر وتربي الانتماء وتؤكد الهوية" يعرفه خيري شلبي في في كتابه "موسيقار الكلمات": "هو كفلاح من محافظة الشرقية وابن أحد كبار تجار الفاكهة فى الزقازيق.. كان لا شك على وعي تام بتراث الغناء الشعبى فى جميع مناسباته، لاسيما أن مجتمع الفاكهة غنائى عريق فى غنائياته، ولكل نوع من أنواع الفاكهة أغنياته العذبة المليئة بالصور الشعرية البديعة التى تتحدث عنه ككائن إنساني" لم يتوقف "مرسي" على كتابة الغناء الشعبي فقط، برغم تميزه في هذا اللون، ولكن كانت كتابات "مرسي" كشاعر برع في جميع الألوان الكتابية من الموشح والأوبريت والأغنية، حتى ألوان الأغاني تنوعت ما بين العاطفية والوطنية والشعبية، بل والدينية، في ثقافة "مرسي جميل عزيز" وهو ابن الريف لم تقتصر على فرع واحد، فقد بدأت موهبته مبكرًا، من سن الثانية عشر حين كانت قصيدته الأولى في رثاء أستاذه، وتذاع أغنيته الأولى وهو لم يتجاوز الثامنة عشر بعد، والتي لحنها السنباطي ، وفي نفس العام عرف "مرسي جميل" طريق الشهرة بعد كتابته لأغنية "يا مرزوق يا ورد في عود" والتي غناها "عبد العزيز محمود". يقول يحى حقي في كتب "خطوات في النقد" : من الظلم ألا يُدرس مرسى جميل عزيز..كشاعر مرهف الحس، بارع الإشارات، حلو العبارة ويعنى أشد العناية بوحدة الأغنية وضرورة احتوائها على معنى جديد، أنه يعبر عن الحب أدق تعبير، وعن الجنس بأجمل الكتابات. أنظر إلى الفتاة عنده، إنها تبث همها إلى أمها، هذه المناجاة تشعر من خلالها بطبيعة الفتاة وأشجانها. يقصد "حقي" أغنية "يامه القمر عالباب" تلك الأغنية التي برغم ذلك التقارب الشديد للفتاة المصرية إلا أنها شهدت أزمة بعد إطلاقها عام 1975 عندما تقدم البعض لمدير الإذاعة آنذاك بتقرير مطول يطلبون فيه بضرورة منع إذاعة هذه الأغنية، وقال التقرير: إن الأغنية ناجحة، ولكن كلماتها فيها خطورة على البنات الصغيرات والمراهقات لما تحمله من معانٍ تفتح عيون البنات وربما تخدش الحياء العام بما تحمله من جرأة فى التعبير. مواهب "عزيز" لم تقتصر على التنوع في الأغنية والإمساك بكلماتها، بل امتدت مواهبه، إلى ما يبدو بعيدًا عن الشعر، فكان يمارس مهاراته اليدوية من كهرباء ، ميكانيكيا ، مع ذوقه فى اختيارات الألوان على الديكور.، حيث لم يقف مرسي خاليا من عمل قط، يشغل وقت فراغه دائمًا. عرف مرسي جميل عزيز بأغاني عدة حيث تغنت أم كلثوم بكلماته، فيقترن اسميهما حينما كانت تغني حفلتها بمسرح ما في الخميس الأول من كل شهر، تغني له "سيرة الحب" ثم "فات الميعاد" و "ألف ليلة وليلة" على ألحان بليغ حمدي، فيصنعوا التراث سويًا. كان الشاعر الكبير هو الوحيد الذي غنى له أقطاب الغناء سويًا بدءًا من محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وفريد الأطرش وفيروز، مرورًا بشادية وصباح ونجاة وصولًا إلى هانى شاكر ومحمد ثروت، وأكثرهم على الإطلاق عبد الحليم، ليبلغ رصيده الغنائي ألف أغنية، فيلقب بشاعر "الألف أغنية". حصل الشاعر الغنائي المُجِد على بعض من التقدير الذي يستحقه، حيث حصل على وسام الجمهورية للفنون والآداب فى عام 1965 من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأطلقت محافظة الشرقية اسمه على الشارع الذى كان يسكن فيه بمدينة الزقازيق، وأطلقت محافظة الإسكندرية اسمه على الشارع المجاور لمسكنه .