نبدأ لنكتب عن "الحب" ذلك الذي قد لا يقف في مواجهته البشر، وتقف أمامه "الشهرة" حيث يفضل رامي "الشركسي" الأصل لقصة حبه أن تزل في قلبه، وربما في قلب من أحبها، إلى حين أن يتوقف ذلك القلب. يرفض رامي أن يتزوج من "أم كلثوم" ليتركها إلى محبيها، ويوافق هو على أن يصادق الكرسي رقم "8" المواجه للست في كل حفلة، ذلك الكرسي الذي خصصته الإذاعة المصرية لرامي، مكتفيًا بتلك اللحظات في حضرة صوتها، ولا شئ إلاه. بداية علاقة الشاعر " أحمد رامي" بثومة كانت مع الأغنية الأولى لها "الصب تفضحه عيونه" أكان هو الحب من النظرة الأولى الذي أدي لأحمد رامي أن يكتبها بالذات؟ يقول رامي عن هذه العلاقة "كيف كنت سأكتب: سهران لوحدي أناجي طيفك الساري، وهي بجانبي في بيت واحد" إذًا هو انتصار للكلمة، التي ستخلد تلك العلاقة، ستشهد حالات الفقد، وحالات الحب والألم، والأهم حالات الوله والعشق التي مر بها من كتبها بصدق، وقت أن عز اللقاء. يتزوج "رامي" من "عطيات حسن" الفتاة التي تصغره ب22 عامًا، بعد أن عرف أم كلثوم لإثنى عشر عامًا كاملين، لتغني أم كلثوم في حفلة زواجه أغنيتين هما "اللي حبك يا هناه" و "افرح يا قلبي جالك نصيب" وكأن أم كلثوم تترك بساطًا إلى حيث يقطن رامي، حيث تسير معهم بروية، تعلن سعادتها، وقبولها. علاقة رامي بأم كلثوم تعدت الواقع الحسي، لتعلق صورتها في غرفة نومه لخمسين عامًا، يلقي عليها السلام كلما دخل، ورغم ذلك فالسيدة التي تشاركه في بيت واحد لم ترفض، بل كانت السيدة "عطيات" مدركة لتلك العلاقة، بل إنها لم تكن تجلس بجوار رامي في حفلات أم كلثوم، تجلس في الخلف لتستمع لأم كلثوم، بينما ترى أحمد رامي في الصف الأول مصغيًا، حيث يرفع يديه على اذنه، ويقربهما، حتى يلتقط كل الموجات الصوتية الصادرة عن ذاك الفم الذي يبتعد الميكروفون عن مواجهته، فيصبح الصوت في مواجهة الجمهور، بعد أن يكن للميكروفون دورًا ثانويًا. لم تزور أم كلثوم الزوجين إلا مرتين ، ولكن زيارات أحمد رامي لم تنقطع، تهديه أم كلثوم خاتمًا فيبقى في يده حتى الممات ، يرثيها "رامي" في موتها ليقول "ماكان في خاطري أني سأرثيها .. قد كنت أسمعها تشدو فتطربني، واليوم أسمعني أبكي وأبكيها. صاحبتها من ضحى عمري، وعشت لها أذوق شهد المعاني. ثم أهديها سلافة من جنى فكري، وعاطفتي تهديها حول أرواح تناديها. وبي من الشجو من تغريد ملهمتي ما قد نسيت به الدنيا وما فيها. كانت الأغنية الأخيرة التي غنتها " أم كلثوم " بكلمات أحمد رامي هي "يامسهرني" تلك التي عاتبها فيها الحبيب "رامي" عن الابتعاد، يقول في مستهل القصيدة: مخطرتش على بالك يوم تسأل عني؟ وعنيا مجافيها النوم .. يا مسهرني. ليصبح البعد، مساحة أحمد رامي للإبداع، ومساحة كوكب الشرق، لأن يصبح لها رصيد غنائي كامل من الحب في كل حالاته، لتستمتع إلى الحب الكامل، ذلك الذي شهد قصة حب لم يكتب لها أن تكلل بوصل، ولكن كتب لها الخلود. بعكس باقي المبدعين كان "رامي" يكتب داخل التروماي، لم تكن الغرف المغلقة بلا بشر هي مبتغاه، كان رامي يلجأ إلى البشر، لحظات الحديث المختلسة بين الأحبة، حركة الطرق التي برغم رتابتها تشعرك بالحياة. ليكتب على أنغام الطريق، كل روائعه. يركب الأتوبيس من حدائق القبة إلى السكاكيني، ومن السكاكيني يركب التروماي، في رحلة للبحث عن ملهمه الآخر بجانب صورة "ثومة" لم يتوقف رامي عن الكتابة، بل كانت ترجمة "رباعيات الخيام" هي ما خلق له وللخيام مزيجًا شاعريًا يبدأه الخيام بالفارسية، ويترجمه أحمد رامي بالعربية، و تغنيه "أم كلثوم" فيخلق البقاء لهم جميعًا. يموت "رامي" بعد ان افترق عنه الأحبه، ثومة والأصبجي أحمد جودت وأخيرًا أحمد كامل مرسي، ليلحق بأصدقاء الدرب في الرابع من يونيو عام 1981.