· ما كان يقال عن اختيار الرئيس مبارك لي خدعة استخدمها بعض رجاله ليخدعوا الشعب والفنانين كان اغتيال السادات هو السبب الوحيد الذي منعه من الغناء لأول مرة أمام رئيس الجمهورية.. إلا أن هذا الحادث لم يؤثر علي طموحه الفني ولم يشعره باليأس بل زاده اصراراً للوصول إلي حلمه.. لتدور الأيام ويرتبط اسمه شرطياً فيما بعد بكل المناسبات الغنائية الرسمية التي يتواجد بها كبار رجال الدولة وعلي رأسهم الرئيس السابق مبارك.. ومع استمرار نجاح أغنياته الوطنية أمسي تواجده في تلك المناسبات من البديهيات.. وهو ما جعل البعض يتهمه آنذاك بأنه فنان السلطة.. والبعض الآخر لقبه بمطرب الرئيس الأول.. حتي أن الأمر تعدي الخطوط الحمراء أحياناً عندما أشاع البعض أنه ابن الرئيس.. وفجأة.. لم يعد هناك وجود لمطرب المناسبات الوطنية الأول في أي احتفالية.. مما وضع علامة تعجب من الحجم الكبير بعد اسمه.. المطرب محمد ثروت يتحدث هنا عن أسرار كثيرة يعلنها لأول مرة من خلال «صوت الأمة». سألناه عن أسباب عدم تواجده علي الساحة الغنائية بشكل ملحوظ طوال السنوات الماضية، وغيابه تحديداً عن الحفلات الوطنية الرسمية التي كان أحد أبطالها فأجاب أنه لا يزال متواجداً علي الساحة الغنائية وإن كان خصص معظم مشاركته في الحفلات للأوبرا التي يشارك في أحداثها وفعالياتها باستمرار، أما غيابه عن الحفلات الوطنية فأرجعه لمبدأ اعتاد عليه منذ صغره، وهو عدم موافقته علي الاشتراك في شئ غير مقتنع به، وبالاستفسار منه عن معني ما يقوله، وضح قائلا: أنه بعد فترة من غنائه للعديد من الأوبريتات الوطنية مع مطربين آخرين في الاحتفالات الرسمية، فوجئ بمن يفرض عليه الاشتراك في أوبريت غنائي ضعيف المستوي، لن يضيف لتاريخه شيئاً، وهو ما رفضه لاعتزازه بما يقدمه منذ بداية مشواره الغنائي الوطني، لكن بعض المسئولين اعتبروا ذلك تكبراً منه واستعلاء نابعا من شعوره بالنجومية، وقد فسر ثروت رفضه آنذاك بأنه في حال موافقته علي الاشتراك في هذا العمل سيكون مثل الذي شوه تاريخه بإرادته، فما كان منه إلا واعتذر وهو ما أدي فيما بعد إلي استبعاده تماماً من كل الحفلات الوطنية، بل وحفلات ليالي التليفزيون أيضاً، وقد أكد أنه غير نادم علي تلك الخطوة رغم الثمن الغالي الذي دفعه مقابل رفضه طيلة خمسة عشر عاماً أو أكثر، لكنه كان مؤمناً ولا يزال منذ اللحظة الأولي بأن الأرزاق بيد الخالق. اجابة ثروت هذه هي ما دعت إلي ضرورة الاستفسار عن موقف الرئيس مبارك من قرار استبعاده، وهل كان له دخل في اتخاذ مثل هذا القرار أم لا؟ خاصة أنه كان المطرب المفضل الذي يطلبه الرئيس في كل الحفلات، وقد أجاب ثروت في حزم قائلاً: إن الرئيس لم يطلبه بالاسم طيلة حياته الفنية، ولم يحاول هو شخصياً التودد أو التقرب للرئيس لأنه كان يعي منذ أولي مشاركاته في هذه الحفلات أن الرئيس ليس له قرار في مثل هذه المناسبات، وأن كل ما يقال عن اختيارات الرئيس له خدعة استخدمها بعض رجال الرئيس ليخدعوا الشعب والفنانين ويخدعوكم، مؤكداً في الوقت ذاته أن أعماله الناجحة هي التي فرضت تواجده في كل الحفلات ولا يوجد سبب آخر، وأن اجتهاده فقط هو السبب وراء ذلك منذ أن بدأ مشواره الفني عام واحد وثمانون بعد اشتراكه في أوبريت كان من المفترض أن يخرج للنور في احتفالات أكتوبر، إلا أن اغتيال الرئيس السادات منع ذلك، لكنه تابع اجتهاده - والكلام علي لسانه - واشترك في أنشودة «الله علي الشعب» في العام التالي مباشرة مع كل من فايزة أحمد، هاني شاكر، إيمان الطوخي، وأحمد إبراهيم حتي جاء عام ثلاثة وثمانون الذي يعتبره بداية انطلاقاته الحقيقية عندما غني وهاني شاكر الأغنية الشهيرة «بلدي» والتي يعتبرها أيضاً أول دويتو غنائي وطني في تلك الفترة، ثم أعقبها في العام التالي بأغنية «مصريتنا» التي لحنها الموسيقار محمد عبدالوهاب خصيصاً له، ليتابع أعماله بعد ذلك في الأغنيات الوطنية الناجحة مثل «مصر يا أول نور في الدنيا»، «عاشت بلادنا»، و«كل بلاد الدنيا جميلة»، لذا فهو يري أن تواجده كان مشروعاً مئة بالمائة ولا يرجعه إلا لفضل الخالق وتوفيقه، خاصة أن كل أغنياته بلا استثناء كانت لمصر دون أشخاص أو توجهات، فهو لم يغن في حياته لشخص بعينه ولم يغن للاشتراكية أو الإمبريالية مثلاً، لأنه يري أن مصر فوق الجميع. وبالاستفسار من محمد ثروت عن اسم الشخصية التي كانت تقوم باختيار الفنانين لمثل هذه المناسبات إذا كان الرئيس لا يتدخل كما يقول أجاب أن الاختيارات المبدئية كانت تقع علي عاتق ممدوح الليثي الذي يرفعها بدوره إلي صفوت الشريف ليتخذ القرار النهائي ويقرر أسماء المشاركين سواء كان أوبريت أو غناء فرديا. وبسؤاله عن مصدر الألقاب التي توج بها في تلك الفترة ومنها أنه مطرب الرئيس أو فنان السلطة، والأسباب التي أدت إلي خروج مثل هذه الأقاويل، أجاب ثروت أن هناك من وصف نجاحه في تلك الفترة بالنجاح الخطير، وهو ما فسره بأن وجوده أصبح خطراً علي البعض، خاصة أنهم فشلوا في ايجاد خط واحد له، فهو كما قال جاء من طنطا في مقتبل حياته ودرس الهندسة وصنع نفسه بنفسه، ولم يعمل في كباريه في أحد الأيام من أجل المال، وهو ما دعي بعض الصحفيين آنذاك مثل عبدالله كمال أن ينعته بمطرب السلطة رغم استضافة ثروت له في منزله، وأنهي حديثه في هذه النقطة متسائلاً: أين عبدالله كمال الآن؟ وعن رأيه في الشائعة التي ترددت علي ألسنة البعض من أن سبب تواجد ثروت في الحفلات باستمرار يعود لكونه ابن الرئيس، ضحك بشدة.