طلاب صفوف النقل يواصلون أداء امتحانات نهاية العام    تراجع في البنوك اليوم.. «100 دينار ليبي بكم جنيه مصري؟»    أسعار بورصة الدواجن اليوم الخميس 9-5-2024.. «إليك آخر تحديث»    تراجع معدل التضخم إلى 31.8% خلال أبريل.. الحبوب والخبز والدواجن كلمة السر.. وهذه أبرز السلع التي شهدت ارتفاعًا    طوارئ بالسكك الحديد بالتزامن مع امتحانات نهاية العام    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    الرعاية الصحية: مشروع "EH-QIPS" أول نهج موحد لتحسين الجودة وسلامة المرضى بالمستشفيات    بايدن: نسعى للوصول لحل الدولتين وإعادة بناء قطاع غزة    مصادر: الغارة الإسرائيلية على لبنان استهدفت عناصر من قوة الرضوان لحزب الله    جماعة الحوثي اليمنية تعلن استهداف سفينتين إسرائيليتين في خليج عدن    مفاوضات القاهرة وثقافة الآباء والأبناء.. مقتطفات من مقالات كتاب الصحف المصرية    من يتصدر؟.. ترتيب هدافي الدوري المصري قبل مباريات اليوم الخميس 9- 5- 2024    موعد مباراة الإسماعيلي والداخلية في الدوري الممتاز والقناة الناقلة    انتشار أسئلة امتحان اللغة العربية للصف الثاني الثانوي عبر «التليجرام»    امتحانات الترم الثاني 2024| تداول الاسئلة والاجابات على جروبات الغش بتليجرام الآن    هدوء لجان امتحانات الترم الثاني 2024 بالمدارس|وغرف العمليات: لا شكاوى حتى الآن    «التعليم» توفر فرص عمل في المدارس الدولية للتكنولوجيا التطبيقية.. اعرف الشروط    رسالة دنيا سمير غانم إلى كريم عبد العزيز بعد وفاة والدته.. تعزية ودعاء    منة فضالي تعزي كريم عبد العزيز في وفاة والدته    مناهج الثانوية على «السامر» !    شقو يحتل المركز الثاني في شباك التذاكر.. حقق 338 ألف جنيه خلال 24 ساعة    الشيخ محمد رفعت.. قيثارة السماء ورائد مدرسة التلاوة (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-5-2024    طلب برلماني بوقف "تكوين".. تحذير من خطر الإلحاد والتطرف    موعد مباراة الإسماعيلي والداخلية اليوم الخميس بالدوري    مصدر مطلع: مصر تواصل جهودها لوقف إطلاق النار وهناك إشارات لنضوج الاتفاق    قراراتها محسوبة وطموحها عالٍ.. 7 صفات لامرأة برج الجدي تعكسها ياسمين عبدالعزيز    الرئاسة الفلسطينية: وحدة الأراضي خط أحمر ونلتزم بالقانون الدولي ومبادرة السلام العربية    مصدر مطلع: حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية منفتحون نحو إنجاح الجهد المصري وصولا للاتفاق    علي جمعة: القلب له بابان.. وعلى كل مسلم بدء صفحة جديدة مع الله    الأهلي يخطف صفقة الزمالك.. والحسم بعد موقعة الترجي (تفاصيل)    محمد فضل يفجر مفاجأة: إمام عاشور وقع للأهلي قبل انتقاله للزمالك    حكم الحج لمن يسافر إلى السعودية بعقد عمل.. الإفتاء تجيب    بعد المخاوف العالمية من سلالة FLiRT.. ماذا نعرف عن أعراض الإصابة بها؟    طقس اليوم: شديد الحرارة على القاهرة الكبرى نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالعاصمة 36    جدول مواعيد قطع الكهرباء الجديدة في الإسكندرية (صور)    أحمد عيد عبدالملك: تكاتف ودعم الإدارة والجماهير وراء صعود غزل المحلة للممتاز    إبراهيم عيسى: السلفيين عكروا العقل المصري لدرجة منع تهنئة المسيحيين في أعيادهم    قائد المنطقة الجنوبية العسكرية يلتقي شيوخ وعواقل «حلايب وشلاتين»    مصطفى خاطر يروج للحلقتين الأجدد من "البيت بيتي 2"    بعد غياب 10 سنوات.. رئيس «المحاسبات» يشارك فى الجلسة العامة ل«النواب»    «أسترازينيكا» تبدأ سحب لقاح كورونا عالميًا    انتخاب أحمد أبو هشيمة عضوا بمجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9 مايو في محافظات مصر    زعيمان بالكونجرس ينتقدان تعليق شحنات مساعدات عسكرية لإسرائيل    الزمالك يشكر وزيرا الطيران المدني و الشباب والرياضة لدعم رحلة الفريق إلى المغرب    رايح يصالح زوجته أهلها ولعوا فيه بالبنزين.. محامي الضحية يكشف التفاصيل    6 طرق لعلاج احتباس الغازات في البطن بدون دواء    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    «جريشة» يعلق على اختيارات «الكاف» لحكام نهائي الكونفدرالية    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتقال إلي سجن المرج
د. عصام العريان يكتب: ذكريات مع جهاز أمن الدولة (2)
نشر في صوت الأمة يوم 27 - 03 - 2011

· مازالت شكوك المواطنين في بقاء الجهاز باسم جديد تتزايد.. خاصة في مسائل بسيطة مثل المنع من السفر وترقب وصول المعارضين بالمطار وهذا ما حدث معي شخصيا
· لم أمكث إلا ليلة واحدة وتم النداء علي صباح اليوم التالي للانتقال إلي سجن القلعة بكل ما يحمله من تاريخ في التعذيب والاعتقالات وكانت ثلاثة أسابيع عصيبة
لم يكن أول تهديد لي من قبل جهاز أمن الدولة مقصودا، فقد حضروا لمداهمة منزل صهري فإذا بهم يدخلون شفتي خطأ وأثار ريبتهم قيام زوجتي بنزع كوبسات الكهرباء فقاموا بالتفتيش وأخطروا المخابرات العسكرية التي استدعتني من وحدتي العسكرية لأمكث بضعة أيام ثم يتم تسريحي قبل شهرين من إنهاء خدمة العلم.
أما مواجهتهم بالسجن فكانت مع التحفظ والاعتقال ضمن السياسيين والمفكرين عام 1981م (سبتمبر الشهيرة) وكان التعذيب بداية جديدة للتعرف علي نمط التعامل الرئيسي في الجهاز العتيق الذي تحول من القسم المخصوص إلي القلم السياسي إلي المباحث العامة إلي مباحث أمن الدولة والذي تحوّل أخيرا إلي "الأمن الوطني".
تغيرت الأسماء ولم تتغير سياسة الجهاز الذي ظل يواظب علي حماية كافة أنظمة الحكم كافة من إسماعيل صدقي إلي إبراهيم عبدالهادي إلي عبدالناصر إلي السادات ثم أخيرا مبارك، والحبل علي الجرار.
مازالت شكوك المواطنين في بقاء الجهاز باسم جديد تتزايد، خاصة في مسائل بسيطة مثل المنع من السفر وترقب وصول المعارضين بالمطار وهذا ما حدث معي شخصيا عند أول سفر لي إلي السودان لحضور مؤتمر مؤسسة القدس الدولية الثامن، وتكرر مع آخرين.
يوم 17 أكتوبر أو 16/10/1981م وبعد شهر ونصف من اعتقالي تم اقتيادنا كمجموعة منتقاة وشحنا إلي سجن المرج شمال القاهرة.
دخلنا السجن معصوبي الأعين وليس معنا أي حقائب أو ملابس إضافية وتزامن ذلك مع الخريف: خريف الغضب، فورا تم اقتيادنا إلي عنبر التجربة أو التأديب الذي كان يقطنه قبلنا القساوسة المسيحيون الذين فصلهم النظام عن المسلمين تماما حتي المفكرين المسيحيين تم عزلهم أيضا معهم.
كان هناك نزلاء علي العنبر قبلنا، وسألت السجان فور إغلاق باب الزنزانة عن اتجاه القبلة للصلاة، وجاءني الرد جافا قاسيا: كلها قبلة. كانت زنزانة قذرة ليس بها أي فرش أو أدوات وملأي بالحشرات ويعشش فيها البعوض.
لم يطل نومي، بل لعلي لم أنم، ووقفت أراقب من شراعة الزنزانة، فإذا بي ألحظ وجها مألوفا لدي وعليه آثار التعذيب، ويقتاد معصوب العينين مع الضرب والإهانة إلي خارج العنبر: كان الأخ كمال حبيب.. كنت تعرفت عليه لأنه يسكن بمنطقة الطالبية أثناء دراسته الجامعية، وكان مغتربا من خارج القاهرة، ويصلي معنا في بعض مساجدها، ولم أكن أعرف عنه إلا اتجاهه السلفي.. كانت التيارات الإسلامية في الجامعة المصرية في السبعينيات موزعة بين الإخوان المسلمين، والتيار العنيف في أسيوط وبعض الأفراد السلفيين متفرقين في كليات وجامعات، بتنظيم في الإسكندرية "المدرسة السلفية" وكان للأزهر وضع خاص، وكان الجميع يستخدم مظلة "الجماعة الإسلامية" ولم يتم التمايز إلا في أواخر الثمانينيات بسنن لصق العنف باسم الجماعة الإسلامية واختار طلاب الإخوان اسم "الصوت الإسلامي" أو "التيار الإسلامي" قبل إعلان الهوية الإخوانية عقب انتخاب 2005م كانت مفاجأة ثقيلة العيار، واكتشفت أن هناك خريطة للعمل السري للتيارات الإسلامية تعرفت علي بعضها عند ترحيلي يوم 31/10/1981م لقضاء فترة أخري في سجن الاستقبال وحدي دون بقية المجموعة مع آخرين قدموا من سجون أخري أشهرها ليمان أبو زعبل، حيث أخبرني أحد الشباب أنه من تنظيم صغير للدكتور أيمن الظواهري، وكانت مفاجأة أخري حيث أن التحقيق معه كان حول سلاح يخبأه الظواهري في عيادته بالمعادي، وآخر أبلغني أنه من تنظيم نبيل البرعي، وثالث لنبيل نعيم.... إلخ ، كانت مفرخة تنظيمات من 1974 إلي 1984م كان الشباب يعرفني ولذلك لم يتردد في إخباري بمعلومات اضطر إلي الإفصاح عنها تحت التعذيب البشع.
بدأ التحقيق معنا، كلٍ علي انفراد، حلمي الجزار، وأحمد عمر مسلم، ومجدي وردة في حجرات الإدارة عند مدخل السجن، ليلا حتي بعد انبلاج الفجر.
كانت صور التعذيب بدائية، ضرب وتعليق علي أبواب الحجرات من الكتف وضرب بالفلكة، وكهرباء في أماكن حساسة.... إلخ.
تركز التعذيب للحصول علي معلومات عن أمرين أساسيين:
الأول: مشترك بيننا جميعا عن طبيعة تشكيل الجماعة الإسلامية بجامعة القاهرة، وصلاتها بجامعات مصر كلها، خاصة جامعة أسيوط والمنيا، وكان نما إلي علمنا ما حدث من مجزرة بشعة في مديرية أمن أسيوط وبعض أقسام الشرطة، والصلة بين الجماعة الإسلامية كجناح طلابي لجماعة الإخوان، وبين جماعة الإخوان نفسها ومرشدها العام عمر التلمساني، وهل للإخوان أي صلة باغتيال السادات وأحداث العنف.
الثاني: كان معي شخصيا حول علاقتي بالعقيد عبود الزمر، ضابط المخابرات الأبرز الذي ظهر اسمه قبل اغتيال السادات عندما هددّه علي الهواء في خطبة من خطبه المتوترة.
كان عبود تطوع من تلقاء نفسه بزيارة إلي المقدم "حسين أبوجبل" الذي حقق معي في المخابرات أثناء خدمتي العسكرية ليتوسط للإفراج عني أو حسن معاملتي وعندما خرجت وعلمت بذلك طلبت منه أن يقول: إذا سُئِل عن ذلك أن أخي وهو زميل دراسة له طلب منه الوساطة، وألا يتحدث عن اتجاهاته الإسلامية، وكان رده أنه معروف في أوساط زملائه بالتدين والحماسة الشديدة إلي حد إطلاق لقب "أية الله طالقاني" عليه.. مكثنا في المرج أسبوعين تقريبا وعلمت أن أحد الأطباء نقل إلي الإخوان الذين لم يكن تم إلقاء القبض عليهم بأننا يتم تعذيبنا في سجن المرج، وأنه حاول إثبات ذلك في الدفاتر ولم يتمكن.
وقد ترتب علي ذلك أن استدعاني بعد 4 شهور اللواء فؤاد علام إلي مكتبه بعد شكوي قدمها المرحوم عمر التلمساني المرشد العام عند خروجه من المعتقل بشأن تعذيبي البشع وكان تعليقه السريع: أنت أمامي كويس، وليس بك أية آثار تعذيب فرددت سريعا أتريد أن تظل الآثار علي جسدي بعد 4 شهور.
ومن الطرائف أن الأخوة في حجرة 11/3 في القسم السياسي في الليمان عندما ودعوني استبشروا خيرا، فقد توقفت قوائم الإفراج بعد خروج السياسيين لمقابلة مبارك ثم كبار السن والمرضي ثم الشيوخ، وتفاءلوا وأعدوا لي حقيبتي وكان النقيب المرافق لي أيضا مستبشرا، وعندما خرجت من حجرة فؤاد علام تساءل معي إلي أين ؟ وجاء الجواب سريعا إلي ليمان أبي زعبل من جديد لأمكث بعدها 5 شهور جديدة في "أبو زعبل" خرجت من أبو زعبل إلي استقبال طرة من جديد ولكن باحتفال مختلف هذه المرة حفلة استقبال كانت عبارة عن حلق جزء من اللحية والشارب والحاجب وشعر الرأس، وصفع وركل أصابني منه الكثير جدا بسبب أنني كنت في لجنة إدارة شئون المعتقلين "المتحفظ عليهم" منذ 3 سبتمبر وحتي اقتيادي إلي التأديب والتي أشرف عليها الأخ المرحوم جابر رزق مع أخي عبدالمنعم أبو الفتوح وحلمي الجزار، وعانينا كثيرا في إدارة الأمور بسبب التنوع الشديد بين المعتقلين الذين كانوا يرفضون نظام التريض داخل العنبر والذي كان لابد أن يتدرج من ربع ساعة لكل ربع دور ثم يتسع حتي يصل إلي نهار كامل حسب تطور الأمور داخل السجن والشكاوي الصحية المستمرة، وكبار السن الذين لابد من عناية خاصة لهم، والسماح للوزراء السابقين في الطابق الأرضي مثل أ.د. إسماعيل صبري عبدالله وعبدالعظيم أبو العطا وفؤاد مرسي رحمهم الله بمزيد من التريض والتساهيل مما كان يثير دهشة البعض وحنق البعض الآخر.
قضيت ليلة ليلاء لأن سكان الزنزانة كانوا من أماكن مختلفة من سجون أو الشارع أو مقار مباحث أمن الدولة، وكأن علي رؤوس الجميع الطير، لا يدرون ماذا يصيبهم ؟ وبعض من كان معنا قبل اغتيال السادات في سجن الاستقبال يخشون علي مصيرهم في القضايا المفتوحة، وكان سجن الاستقبال تحول إلي باستيل جديد، يتم فيه التعذيب البشع والتحقيقات المستمرة، وأحيانا يتم اقتياد البعض إلي خارج السجن دون تسجيل في الكشوف الرسمية والتحقيق معهم وتعذيبهم في أماكن أخري.
عرفت فيما بعد أن التحقيق مع أخي د. عبدالمنعم أبو الفتوح تم في مستشفي سجن الاستقبال، وكان يشرف علي التحقيقات فؤاد علام وكيل مباحث أمن الدولة آنذاك، وعرف أن الأخ الكبير عبدالمتعال الجابري كان هناك أيضا وتم التحقيق معه. لم أمكث إلا ليلة واحدة وتم النداء علي صباح اليوم التالي للانتقال إلي سجن القلعة بكل ما يحمله من تاريخ في التعذيب والاعتقالات وكانت ثلاثة أسابيع عصيبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.