هي دقائق معدودة تلك التي تابع العالم فيها كلمات أدلي بها القائد الليبي معمر القذافي والتي يمكن وصفها بالكوميديا السوداء.. بل حالكة السواد! كرر مراراً وصف المحتجين من الشعب الليبي الذي رفعه طيلة أكثر من أربعين عاماً علي الأعناق بالجرزان (الفئران) والجراثيم متوعداً إياهم بالإعدام! إذا رفع ليبي السلاح يعاقبه قانون القذافي بالإعدام وعند استعماله القوة ضد السلطات يعاقب بالإعدام.. دعي الشعب الليبي الذي يحيا سنوات القهر رجالا ونساءً أولاد وبنات بل والأطفال للخروج مدافعين عن الأخ العقيد ! الذي قرر أن المحتجين طالما احتجوا فهم تحت تأثير الحبوب المخدرة متناسياً تلك القوة التي دبت في الشعب الليبي علي يقين أنه سيكتشف فساداً كبيراً مستتراً لست أدري إن كان أول الفساد أو آخره إصدار القذافي قراراً للجيش والشرطة معاً للقضاء علي المحتجين حتي لو بالموت.. يبدو أن كرسي السلطة له راحة تختلف تماماً عن سائر الكراسي له بريق خاص ودفء يصل بمن يعتليه إلي حد السخونة ثم الإنصهار فالذوبان فيه حتي يصبح المسئول لديه شعور بالتوأمة مع كرسيه يدافع عنه حتي الوعيد أنه لن يتركه إلا مع الموت.. يرفض فراق الكرسي حتي لو ضحي بالمحتجين معتبراً منْ مات! ليس له قيمة أو ثمن.. حديث القذافي ليس به شئ من العقل.. لا يري سوي عزته و زعامته و مجده الذي منحه له هذه الأصوات الصارخة بعد صمتها.. آن الأوان لكشف الحقيقة التي إختفت كل السنين الماضية.. لو كانت الشعوب العربية قد نالت الإهتمام والعيش في رغد لما ارتفع صوتها ولاكتسب محبو الكراسي عقوداً موقعة علي بياض بالبقاء.. أمر القذافي بإبادة الشعب الليبي بالطائرات الحربية لم يتصور صرخة طفل تخترق قلبه رصاصة ! لم يشعر بآلام الفقر التي يشعرها هؤلاء المحتجون ومن المؤكد أن إعتراضهم ليس علي حياة البذخ و الرخاء ! الفقر هيمن علي الشعوب العربية وليس هنالك من مغيث.. لن أعتبره حلماً لأنه يوم سيتحقق أن يجلس أحد هؤلاء الرؤساء أو المسئولين محدثاً الشعوب العربية عن شعوره مع دعاء المحتاجين و هو في دفء المليارات.. في حديث لي مع أحد السادة المسئولين سألني بعد وصفي بالمعارضة عن رأيي في حال المصريين قبل وقوع الأحداث الأخيرة أو خروج ثورة التحرير المصرية أخبرته أني لا أبغض إستفادة الآخرين أو تحقيق أهدافهم و أرباح كبيرة أيضاً لكن إلي جانب شعور المواطن أنه حي يعيش حياة كريمة يشعر بمعاني العزة التي تحدث عنها الأخ العقيد وحديثه كان خاصاً به وحده.. هذا هو حال الشعوب العربية كلها! لن ينسي الشعب الليبي للقذافي تفجير الطائرة الليبية في سماء بنغازي لمجرد أن يقايض الغرب علي طائرة لوكيربي.. أمر بقتل مائة وسبعة وخمسين روحاً ليبية لمجرد فكرة مريضة قد هبطت علي رأسه الجهنمية التي ينفرد بها وحده.. يطالب بإبادة جماعية للبشر ولا أعلم أين منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي لغوث الليبيين من هذا التخلف الأحمق! سيقتل الرجل منْ جعلوا منه زعيماً مرفوعاً علي الأعناق! لا أعلم ما يصيب الحاكم لحظة خروجه من الحكم! هل يفكر في سحب مليارات اكتسبها والمحيطين به من دماء الشعب و علي أنقاض حياتهم المهدومة فقراً؟! هل يفكر في الملك الذي حتماً يزول دون أن يدرك أنه يوماً يزول؟ ألم يشعر الحكام العرب أن هنالك صراخاً يزلزل السماء تعبيراً عن الإحتقان والعيش في العراء بعيداً عن الأمان ؟! هل توهم الحكام العرب أنهم في عزبهم الخاصة ؟ هل نسوا إلي هذا الحد القصاص الإلهي العادل..الثورة الليبية ليست محاكاة للثورة المصرية لأن الرئيس المصري خرج حين إصر الشعب و إحتراماً لنفسه وتاريخه بينما العقيد القذافي غير مدرك حجم الكارثة في حال إبادة الشعب الليبي الأعزل.. أدركوا ليبيا.. أغيثوهم أغاثكم الله. حنان خواسك