بعد الانفجارات الارهابية الشرسة التي روعتنا في كنيسة القديسين بالاسكندرية، أظن أنه لا صوت يعلو الآن فوق صوت قوانين الطوارئ!، هكذا أدركت الحكومة أن قوانين الطوارئ السارية وتمديدها إلي عام2012 ألزم ما يكون للحكومة، حيث تؤكد انفجارات الاسكندرية أن قوانين الطوارئ - وهي سارية - لم تمنع وقوع هذا الحادث الارهابي الفظيع!، فما البال بنا عندما نعيش بدون قوانين الطوارئ! تقدمت أسرة المرحوم "سيد بلال" ببلاغ ذكرت فيه أنه مات من أثر التعذيب...ونحن نصدق أسرة القتيل رحمه الله و نكذب ما عدا ذلك ..إذ أنه من المستحيل أن يدخل المواطن السجن صحيحاً سليماً قوياً .. ثم يموت بمجرد أن تبدأ التحقيقات بسبب " قرصة نملة" أو بسبب حرمانه من "العصير المثلج" .. وقد حدث هذا مع المئات من قبل ..إلا أن أسرعهم موتاً من تعذيب الشرطة وفقاً للإحصائيات كان المرحوم عبد الحارث مدني ثم المرحوم محمد عبد القادر السيد أمين ثم المرحوم خالد سعيد..ثم أخيراً المرحوم سيد بلال..وهؤلاء الأربعة لم تمر عليهم ساعات تحت مقصلة التعذيب إلا وقد لفظوا أنفاسهم الأخيرة..والتعذيب من أجل الإدلاء بالاعتراف هو جناية..لكن النيابة لا تقدم متهمين في هذه الجناية أبداً ..وحتي إن حدث وقدمت متهماً فهي تقدمه بنص قانوني آخر .. وهو جريمة استعمال القسوة مع آحاد المواطنين..وهي جنحة بسيطة العقوبة ...والتعذيب لا يمكن أن يكون جريمة فرد..وهو دائماً سياسة دولة ومحل تشجيعها..فوزارة الداخلية المصرية مثلاً ..تكرم الضباط المعذبين...والحكومة المصرية تجعل منهم قادة ومحافظين ..فقد سبق وأحالت محكمة الجنايات برئاسة المستشار العظيم عبد الغفار محمد رحمه الله أكثر من أربعين ضابطاً إلي محكمة الجنايات بتهمة تعذيب المتهمين في الجناية رقم 462 لسنة 1981 وكان الضباط يحضرون المحاكمة وهم في منتهي الشياكة..وبالنظارات السوداء..ويقوم علي خدمتهم مجموعة من الجنود والضباط....وفي النهاية وبعد ستة أعوام حكمت المحكمة برئاسة المستشار سليمان عدلي أيوب..وعضوية المستشار عدلي حسين "المحافظ الحالي " ببراءة جميع الضباط المتهمين..! لكن هذا الحكم لم يشبع نهم وزارة الداخلية فقررت ترقية جميع الضباط المتهمين بالتعذيب وإرسالهم في رحلة حج مجانية..ثم تم اختيار الكثير منهم في الوظائف القيادية في البلاد حتي أن منهم من يشغل وظيفة "محافظ" وقت كتابة هذا المقال ..ويكون من المنطقي والحال كذلك أيضاً أن يضطر كثير من الأبرياء بالاعتراف بجرائم لم يرتكبوها فعلاً ... فقد تم الاعتداء علي المواطن المشهور "أحمد برادة" بسكين وتوصلت الكلاب البوليسية إلي الفاعل ..وتم تعذيب المواطن المسكين حتي اعترف..ثم تبين بعد ذلك أن الكلاب البوليسية "شمت غلط"..! وتبين براءة المواطن الغلبان بعدما أخذ نصيبه من التعذيب بلا زيادة أو نقصان...وخرج المتهم من القفص ولكن التعذيب لم يدخل القفص بعد ..وحدث ذلك أيضاً مع الممثلة "حبيبة" ...فقد اعترفت بجريمة قتل كاملة من أثر التعذيب وتم الحكم عليها..ودخلت السجن فعلاً لتقوم بتنفيذ الحكم إلا أن المتهم الحقيقي ظهر بعد سنوات وتطوع بالاعتراف بجريمته مع جملة جرائم أخري قد ارتكبها فخرجت الممثلة من القفص..ولكن التعذيب لم يدخل القفص بعد.. وحدث في قضية شهيرة أن تم اتهام ثلاثة من الأبرياء بالشروع في قتل اللواء نبوي إسماعيل واللواءعبد الحليم موسي والأستاذ مكرم محمد أحمد وأدار التحقيقات المستشار ماهر الجندي..ولم يستمع إلي صراخ المتهمين كما لم يهتم بالجروح الظاهرة في فروة الرأس وأسفل القدمين وفي مناطق أخري ..وقدم الثلاثة إلي محكمة أمن الدولة العليا وكانت برئاسة المستشار العظيم عمر العطيفي ..وحدثت المفاجأة بأن تم القبض علي المتهمين الحقيقيين بقدر الله ..فتم الإفراج عن الأبرياء الثلاثة وتم خروجهم من قفص الإتهام ولكن التعذيب لم يدخل القفص بعد.. فالتعذيب إذن هو سياسة حكومات العالم الثالث وينفذه أفراد وجهات.. وهو يمارس الآن في جميع البلاد العربية.. مع ثورة المعارضين في اليمن والجزائر وتونس والمغرب .. والشعب العربي في ذلك الهم سواء.. وبهذه المناسبة فيروي أن الأممالمتحدة قد أجرت مسابقة لاختيار أفضل مجموعة تحقيق جنائي بين حكومات العالم فكانت المسابقة بين مجموعة الدول الأوروبية ومجموعة أمريكا اللاتينية ومجموعة العالم العربي في البحث عن "غزال أبيض" فر من غابات أستراليا..فقامت مجموعة الدول الأوروبية باقتفاء أثر "الغزال"...بينما قامت مجموعة أمريكا اللاتينية بإستخدام الكلاب البوليسية ..أما مجموعة التحقيق العربية فقد قامت بالقبض علي " فأر جبلي أسود " وعلقته من ذيله في شجرة وأخذت تضربه قائلة: "قول أنا غزال.. وأبيض كمان.. قول أنا غزال..وأبيض كمان".. وعجبي مختار نوح