تفرز انتخاباتنا العامة «النزيهة» أنواعاً من العلاقات الناجمة عن تعاون وثيق بين أطرافها دون سابق معرفة، ومن يشهدها عند نشوئها من بداية الانتخابات وحتي انتهائها إلي نتائجها الأخيرة يتصور لفرط سذاجته أنها قامت لتدوم!، خاصة أن هذه الأطراف ما كان يمكن لها أن تنشأ لولا الحاجة التي تضطر البعض أحيانا إلي سؤال اللئيم وفي الانتخابات الأخيرة «النزيهة» جداً افترش «البهوات» الارض وأكلوا «عيش وملح وطعمية وجبنة» مع الذين لم يتصوروا أنهم سيتبادلون معهم أي حديث!، وارتدي الوزير المرشح جلابية ورقص بالعصا مع الراقصين!، واعتلي وزير صهوة حصان ليرقص علي ظهره ليسنده وهو يتمايل حتي لا يسقط أحد الخفراء!، وأخبر واحد من المليونيرات رشح نفسه الذين جلسوا اليه في المقهي أنه أحب طوال حياته الشاي الأسود كما كان والده «العصامي» يحبه،! وزالت الجفوة بين لواء شرطة سابق رشح نفسه، وبين واحد من المسجلين خطر أصبح طليقا فبانت له من اللواء السابق كل المودة علي عكس ما فعله به أيام كان مأمورا في أحد الأقسام، وتحول بيت واحد من كبراء المرشحين إلي تكية يأكل فيها البلطجية الذين رابطوا في البيت لرد الإثم والعدوان عن صاحبه، حتي مضت أيام الانتخابات«النزيهة» إلي نتائجها التي أعلنت الحكومة أنه لا تراجع عنها، وعاد كل من شارك في احياء الليالي الانتخابية إلي حيث ينتظر انتخابات جديدة. ولكن بعض الذين أكلوا الطعمية والجرجير علي الأرض مع «البيه» لم يتصورا أن أيام الانتخابات قد ولت، وأن «البيه» قد أصبح مشغولاً بتقديم أوراقه إلي مجلس الشعب ليعلن «العواطلية» الذين يحيطون به دائما أن البيه قد أصبح دائماً «مش فاضي»!، وأنه في داره قد استسلم للنوم!، وأن الأطباء اشفاقا عليه من مجهود الجولات الانتخابية قد منعوا عنه الزيارات والأحاديث حتي مع أهل منزله!، وكان «البيه» قبل إعلان نتائج الانتخابات «الزيهة» زي الجن حتي آخر لحظة حتي اختفي!، أما الوزير الذي رقص بالعصا فما بال سكرتيره في مكتبه يتهرب من الذين توافدوا من أهل دائرته التي نجح فيها لتهنئته بالنجاح ليس إلا!، وفيهم الذي ظل يلح علي السكرتير أن يتركه يصافح الوزير ويسلمه «الطلب»!، وهوالذي وعده الوزير بأن يأتي إلي المكتب ويترك له«الطلب»!، في يده ليلحق ابنه في وظيفة جاهزة بعد اعلان النتائج !، وهاهو السكرتير يستجيب لالحاح صاحب «الطلب»!، ولكنه يعود ليخبرهم الوزير بأن الوزير لا يتذكر أنه وعد أحداً بهذا الاسم بوظيفة أو غير ذلك!، مع أن صاحب الطلب قد ظفر بصورة له مع الوزير وهوبالجلابية والعصا كدليل دامغ علي كذب السكرتير أو الوزير لا فرق!، وبين هؤلاء «بلطجي» له باق من أجر معلوم وعده الوزير بدفعه بعد النتيجة، لكن السكرتير يستمهل البلطجي أياما حتي يستريح الوزير من عناء حملته ليكون باقي المعلوم جاهزاً للدفع!، وعند مدخل العمارة الشاهقة أصرت «شرشوحة» علي الصعود إلي شقة سيادة النائب الناجح، الذي كانت «الشرشوحة» تلتقي به يوميا أيام الانتخابات، وابن «الشرشوحة» مقبوض عليه منذ ايام بعد القبض عليه ضمن متجمهرين يتوعدون بالعصي والسباب المرشح المنافس للنائب حتي سقط، واصبحت «الشرشوحة» لا تعرف احداً غير النائب الناجح ليفرج لها عن ابنها بضمانه، البواب مصر علي صدها عن الصعود إلي شقة النائب، حيث قضت تعليماته لذلك والبواب لا يفهم من حكاية «الشرشوحة» غير أن ابنها قد افتدي سيادة النائب الناجح ودفع ثمن ذلك، والشئ الوحيد الذي يعرفه البواب أن الانتخابات قد انتهت، وهي مسألة «محترمة» لاصلة لها بالشراشيح أمثال المرأة التي تسمرت أمام العمارة!، وضاق البواب بالمرأة حتي كاد يتوسل لها أن تنصرف، بعد أن تأكد أنه لو انشغل عنها لحظة لافلتت وصعدت إلي أعلي!، وساعتها لن يفلت من عقاب النائب الناجح!، الذي أصبح عليه أن يفلت من «الشرشوحة»بأي طريقة، ويترك البواب أسيراً لها حتي يتم الجلاء!.