تعالت الأصوات المطالبة بحل أزمة القضاة والمحامين التي وصلت ذروتها بعد حبس محاميين في الغربية 5 سنوات لاتهامهما بالتعدي علي أحد رجال نيابة طنطا وبرغم محاولة الدولة احتواء الأزمة فانه يجب بحث جذور المشكلة لأن ما حدث قد يتكرر كثيراً.. هكذا قال المستشار هشام جنينة رئيس محكمة الاستئناف والمرشح السابق علي رئاسة نادي القضاة في حواره ل«صوت الأمة» اضافة إلي العديد من القضايا الشائكة التي تمس القضاة واستقلالهم، سألناه: عام ونصف العام مرت علي انتخاب المستشار أحمد الزند رئيساً لنادي قضاة مصر ما الذي قدمه للقضاة من وجهة نظرك؟ - أداء النادي يحكم عليه جموع القضاة فلا يمثله شخص المستشار أحمد الزند وإذا كانت هناك ملاحظات فالمعني بالمحاسبة هم أعضاء الجمعية العمومية ورأيي الشخصي احتفظ به لعدم الربط بما حدث في الانتخابات الماضية. النادي أثناء أزمة قانون اعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلي خفت صوته.. ما تعليقك؟ - ذلك يدخل في باب التقييم.. فالمفروض أن النادي هو الممثل لجموع القضاة ومن المحزن أن أحد أندية القضاة الاقليمية ومع احترامنا الشديد لم انتزع هذا الدور من صاحب الاختصاص الأصيل باعتبار أن النوادي الاقليمية منوط بها التحدث في شئون القضاة في داخلهم وليس تسجيل موقف عام يهم جموع قضاة مصر، والنادي الأم يجب أن يمثل جموع القضاة ولا يصح أن يقوم ناد هنا أو هناك بذلك وإلا سيحدث خلل وفوضي وعندما يظهر رأي للعلم يكون النادي الأم هو المختص لكن عندما يحدث تقاعس أو تأخر في اتخاذ موقف فهذا يؤخذ عليه ويحاسبه الزملاء في الجمعية العمومية العامة. هناك عدة قوانين تم تمريرها مثل تمديد العمل بقانون الطوارئ ولم نسمع صوتاً للنادي؟ - يدخل في باب اهتمامات مجلس الإدارة وما من شك أنه في أيام مجلس المستشار زكريا عبدالعزيز كنا حريصين علي إعلاء قيم سيادة القانون، واستقلال القضاء، والدفاع عن حقوق الناس وحرياتهم باعتبار أن هذا هو الواجب الأصيل المنوط بأعضاء السلطة القضائية بحكم القانون والدستور. هل الطوارئ تنال من استقلال القضاء؟ - لاشك أن أي قانون ينقص من صلاحيات القضاء هو قانون يعتدي علي استقلال القضاء وقانون الطوارئ أحد هذه القوانين وكذلك سيكون قانون الإرهاب المزمع إصداره كبديل للطوارئ إذا لم يطابق المعايير العالمية لاحترام حقوق الإنسان وحريات الناس واحترام آرائهم وسيصبح بذلك قانوناً ينتهك السلطة القضائية لأنه يسلب اختصاص القضاء الأصيل وأنا حزين أشد الحزن عندما يتم انتقاص السلطة القضائية لحساب توسيع سلطات أخري أو تجزئة السلطة القضائية وتقطيع أوصالها كأن تصبح هناك محكمة اقتصادية وعسكرية وليعلم الجميع أن حضارة 7 آلاف سنة تستحق قضاء مستقلاً نزيهاً بناد تثق الناس فيه وهذا مبعث الهيبة والاحترام حتي لا تحدث الكوارث التي نسمع عنها الآن من احتكامات بين المحامين والقضاة. هل عدم تنفيذ الأحكام القضائية ينال من استقلال القضاء؟ - الدولة هي السبب الرئيسي في الاعتداء علي استقلال القضاء والاقلال من هيبته والمشاكل التي تنشب بين جناحي العدالة المحاماة والقضاء ورغم كل ما نسمع عنه من تدخلات لاحتواء الأزمة أري أنها تدخل جزئي بخصوص أزمة معينة وعندما تنتهي ستتكرر الأزمة مرة أخري. لماذا ستتكرر الأزمة مرة أخري؟ - لأن الدولة لم تعالج الجذور التي سببت المشكلة معالجة موضوعية تماماً كما حدث في أزمة الكنيسة والمحكمة الإدارية العليا فالدولة تتدخل عندما ينشأ نزاع ولكن الاجراءات التي تحول دون الوقوع في مشكلة اجراءات غير موجودة وهذا غياب لدور الدولة فهذا يتكرر في مجالات كثيرة وليس أزمة القضاة والمحامين فقط. لماذا تريد وزارة العدل السيطرة علي القضاة والنادي؟ - أعتقد أن الوزارة لو حرصت علي ذلك ، فذلك يعني أنها تطبق سياسة دولة وليست سياسة وزير ومع احترامي لزملائنا في وزارة العدل لا يستطيع وزير مهما أوتي من قوة أن ينفرد بهذه السياسات التي تعتبر انتهاكاً لسيادة القانون واعتداء علي استقلال القضاء وإلا كيف تفسر بأن كل الجهات القضائية بما فيها مجلس الدولة لها المجالس الخاصة للتفتيش في حين أن القضاء هو الجهة الوحيدة التي يستأثر وزير العدل الممثل للسلطة التنفيذية في التحكم في جهاز التفتيش القضائي الخاص بهم وما يقال من ان مجلس القضاء الأعلي يضفي رقابة قول أجوف.. ولمسنا جميعاً أن هذا الدور غائب، ويعتبره القضاة منقوصاً لدرجة أن هناك بعض رؤساء المحاكم الابتدائية ومعلوم بالضرورة أن هذا المنصب لن يتركه صاحبه حتي يترك الوزير مقعده في الوزارة.. وأصبحت المسألة شخصية. هل مازال التفتيش القضائي سيفاً مسلطاً علي القضاة؟ - مازال كذلك ولدينا دلائل كثيرة علي ذلك منها استهداف زملاء لنا لأسباب واهية مثل الزميل أمير عوض عضو مجلس إدارة نادي قضاة المنصورة الذي تم استهدافه بسبب مواقفه في الجمعية العمومية في المحاكم والمطالبة باستقلال القضاء ودفاعه عن كرامة زملائه وهيبة القضاة.. والنماذج كثيرة.. فالوزارة والتفتيش مستهدفان وأصبح ابداء الرأي شيئاً يلحق الضرر بالقاضي إذا ما عبر عن رأيه بصراحة سواء داخل الجمعيات العمومية أو في النطاق العام.. أثناء ممارسته للعمل العام.. رغم أن هؤلاء الزملاء مشهود لهم بحسن السمعة والكفاءة. ما تعليقك علي كلام وزير العدل الأسبق المستشار محمود أبوالليل عندما أعرب عن أسفه لاحالته القاضيين محمود مكي والبسطويسي للتأديب؟ - المستشار أبوالليل له كل الاحترام والتقدير لأن له دوره حتي الآن في الدفاع عن استقلال القضاء وفي الحرص علي عدم انتقاص صلاحيات القضاة وللأسف لم ينصفه أحد سواء من السلطة القضائية أو من خارجها ولا أدل من ذلك من ارساله خطاب بالغاء تبعية التفتيش القضائي لكن لم ينفذ. لماذا؟ - لأن الدولة تري أن تبعية جهاز التفتيش القضائي «القديمة» لوزير العدل واختيار لرؤساء المحاكم الابتدائية هو العصب الأساسي للاشراف القضائي علي أي انتخابات وأري أن هذا الأمر لن تتخلي عنه الدولة بسهولة لأنها تحرص علي هذا التحكم في هذا العصب القضائي الذي يسيطر علي كل فروع الانتخابات سواء نقابية أو أندية أو مجالس محلية أو شوري وشعب وانتخابات رئاسة الجمهورية. متي تقبلون الاشراف علي الانتخابات؟ - لا يمكن أن نخون ثقة الناس والمجتمع، لكن إذا اجتمع الشعب علي تكليف القضاة بالاشراف فليكن ذلك من الألف إلي الياء بدءاً من تنقية الجداول وانتهاءً باعلان النتيجة مروراً بتنفيذ الأحكام الصادرة واعتبار تقارير محكمة النقض الخاصة بالطعون الانتخابية ملزمة لمجلس الشعب ولا اعتبار للكلمة «سيد قراره». عودة إلي نادي القضاة.. لماذا يتعنت رئيس النادي ضد مستشاري تيار الاستقلال ويرفض اجراء انتخابات التجديد الثلثي حسب اللوائح؟ - معالجة أي خلافات بينه وبين الزملاء تتم دائماً في اطار المصلحة العامة ولا أعرف رؤية رئيس النادي ولكن إذا تدخل هوي نفسي في أي مسألة ينشأ الخلاف حتماً فالقضاة دائماً حرصوا علي الصراحة والشفافية وكل ما أطلبه من رئيس النادي أن تتسم اجراءاته الخاصة بالمال العام للنادي بالشفافية الكاملة واحترام أحكام القانون فيما يخص التصرف في الأموال أو إدارتها وأن تكون الجمعية العمومية هي الحكم في حالة الاختلاف وهذا ما تعودنا عليه في نادي القضاة في فترة رئاسة المستشار زكريا عبدالعزيز. ما تعليقك علي استقالة المستشار خالد أبوهاشم سكرتير عام النادي؟ - فوجئت بالاستقالة والمفروض أن لكل منهم اختصاصه وتاريخه وما حدث تجاوز في حق الزميل. هل يتلقي القضاة توجيهات وتعليمات للحكم في قضايا بعينها بأحكام معينة؟ - إذا صح وتلقي أحد القضاة تعليمات من رئاسته بأن يحكم علي نحو معين فهو لا يصلح أن يكون قاضياً وأكرم له ولنا أن يترك منصبه.