مجلس النواب يوافق على الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة    السيسي يتابع توفير الاحتياجات اللازمة لمشروعات الدلتا الجديدة والتنمية الزراعية    سفير أذربيجان العلاقات مع مصر تاريخية تمتد إلى عام 1994    محافظ المنيا يتابع معدلات تنفيذ المشروعات بقرى حياة كريمة    الأونروا: السيطرة الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح يفاقم الوضع الصحي في القطاع    مدير المخابرات المركزية الأمريكية يصل إلى إسرائيل لبحث ملف مفاوضات التهدئة    روسيا تؤكد ضرب مواقع عسكرية وشبكة الطاقة الأوكرانية "ردا" على هجمات كييف    هل خالفت إسرائيل اتفاقية السلام مع مصر؟.. مفيد شهاب يحسم الجدل ويفجر مفاجأة    أخبار الأهلي : 3 تغييرات اضطرارية في تشكيل الأهلي أمام بلدية المحلة    أخبار الأهلي : اليوم ..حفل تأبين العامري فاروق بالأهلي بحضور كبار مسؤولي الرياضة    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لصفوف النقل في أسيوط    خان شقيقه بمعاشرة زوجته ثم أنهى حياته بمساعدتها في كفر الشيخ    «ياسمين والعوضي» و«تامر وبسمة».. ثنائيات فنية رفعت شعار الحب رغم الانفصال    أفضل دعاء للأبناء بالنجاح والتوفيق في الامتحانات.. رددها دائما    الكشف على 1528 مريضا في قافلة طبية بالدقهلية    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    مرصد الأزهر: استمرار تواجد 10 آلاف من مقاتلي داعش بين سوريا والعراق    بعد حلف اليمين الدستوري.. الصين تهنئ بوتين بتنصيبه رئيسا لروسيا للمرة الخامسة    الأرصاد تعلن تفاصيل حالة الجو اليوم.. فيديو    تعذيب حتى الموت| قرار جديد بشأن المتهم بإنهاء حياة صغيرة السلام    أسعار الذهب منتصف تعاملات اليوم الأربعاء.. الجنيه يسجل 24.8 ألف جنيه    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    عبد المعطى أحمد يكتب: عظماء رغم الإعاقة «مصطفى صادق الرافعي»    وزيرة التعاون الدولي تناقش ترتيبات زيارة رئيس أذربيجان لمصر في يونيو المقبل    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    مرشح جديد لتدريب مانشستر يونايتد خلفاً لتين هاج    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    تعرف على حد الاستخدام اليومي والشهري للمحافظ الإلكترونية للأفراد والشركات    30 جنيهًا للعبوة 800 جرام.. «التموين» تطرح زيت طعام مدعمًا على البطاقات من أول مايو    علاء مبارك ينتقد مركز "تكوين الفكر العربي".. بين الهدف المعلن والتحفظ على العقيدة    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    فرقة قصر ثقافة طنطا تقدم عرض تمارة في الموسم المسرحي لقصور الثقافة    أصالة تحذف صورها مع زوجها فائق حسن.. وتثير شكوك الانفصال    باتور... سيارة حصرية جديدة من بنتلي    وزير الخارجية الإيراني: طهران والقاهرة تتجهان نحو إعادة علاقاتهما الدبلوماسية إلي طبيعتها    الإفتاء تكشف محظورات الإحرام في مناسك الحج.. منها حلق الشعر ولبس المخيط    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    رئيس جامعة القاهرة ينعى الدكتور إبراهيم درويش أستاذ العلوم السياسية    بدء تنفيذ أعمال مبادرة "شجرها" بسكن مصر في العبور الجديدة    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    طلاب الصف الأول الإعدادي بالجيزة: امتحان اللغة العربية سهل (فيديو)    "المدرج نضف".. ميدو يكشف كواليس عودة الجماهير ويوجه رسالة نارية    اليوم، الحركة المدنية تناقش مخاوف تدشين اتحاد القبائل العربية    مجلس النواب يوافق على تشكيل المجلس القومي للطفولة والأمومة    المركزي للمحاسبات: ملتزمون بأقصى درجات المهنية في نظر الحساب الختامي الموازنة    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    نتائج التحقيقات الأولية فى مقتل رجل أعمال كندى بالإسكندرية، وقرارات عاجلة من النيابة    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    اليوم العالمي للمتاحف، قطاع الفنون التشكيلة يعلن فتح أبواب متاحفه بالمجان    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخوارج في طورهم الأول .. بذرة الشر ( جزء 2
نشر في صوت الأمة يوم 01 - 02 - 2014


( حرقوص ) نعم هذا الرجل هو البذرة الأولي للشجرة الملعونة .. ظهر علي مسرح الأحداث لأول مرة في عهد النبي الكريم ( ص) .. فها هو الحبيب المصطفي يجلس مع أصحابه بعد أن فرغ من غزوة حنين يقسم الغنائم . ينظر النبي إلي بعض وجهاء قريش من الطلقاء يجلسون علي استحياء وأعينهم تتحلق بالغنائم المكدسة أمام النبي .. ينادي عليهم فيسرعوا.. يعطيهم النبي ويكرمُهم تألفاً لقلوبهم في الإسلام .. يقبل رجل طويل آدم عبوس الوجه ، بين عينيه أثر السجود .. من هو ذلك الرجل يا ترى ؟ يرد أعرابي ويقول : هذا حرقوص بن زهير التميمي المعروف بذو الخويصرة . يسلم الرجل ولا يخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالسلام . ثم يقف ويشمخ برأسه ويقول : يا محمد قد رأيتك وما صنعت في هذه الغنائم . يقول النبي : وكيف رأيت ؟ قال: لم أرك عدلت ! فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتي تغير وجهه . قال : ويلك ! إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون يا رجل ؟ ينتفض عمر بن الخطاب ويقوم إلي الرجل ويشهر سيفه وينظر إلي النبي .. يقول عمر : يا رسول الله اقتله ؟ فيرد النبي : دعه يا عمر.. فان له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم . يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية .. يتوعدهم البشير النذير انه سيقتلهم قتل عاد إن أدركهم .. يخرج حرقوص من مجلس النبي والعيون تلاحقه .. لسان حال الصحابة يقول : هذا الأعرابي الجلف هو بذرة الشقاق التي سيسقيها النفاق وينميها الحقد حتي تزهر شجرة ملعونة .. لم يسرح خيال أحد منهم ليصل إلي يوم الجمل وصفين ثم واقعة النهروان . والحروب التي من بعدها والفتن والأراجيف بين المسلمين الذي أوقدها حرقوص ومن تبعه .. ينطلق حرقوصاً يَؤزُّه الشَّيطانُ .. يوسوس له .. نبغ الشيطان البشري في تلقي تعليمات سيده إبليس .. أجاد تنفيذها في البصرة والأهواز وكرمان . صار للمارق الخارجي هناك حزب وأتباع . لم يظهر لهم أثر في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان .. عندما قتل خليفة المسلمين عثمان بايع المسلمون علياً . الكل يعلم من علي .. هدأت القلاقل بمدينة الرسول .. ظن الناس أن الفتن أطفأت ثائرتها بإسناد الخلافة إلى علي الذي عرف بصلابة إيمانه وقوة جنانه . الذي لا تأخذه في الله لومة لائم . وكيف لا والرجل بطل الإسلام .. أول الناس إسلاماً وتصديقاً بابن عمه النبي العدنان (ص) آمن بالله وصدق رسوله والناس عُكف على أربابها . اللات والعزى وهبل يعبدونها . كان علي يحامي عن رسول الله (ص) وينصره في مواقفه كلها حتى دانت قريش الطاغية لكلمة التوحيد . نعم ناضل علي (ع) المشركين ولم يتأخر عن غزوات النبي (ص). وأبلى فيها البلاء الحسن وكان الفتح في الحروب والوقائع يكون على يده ، ناضل المشركين وجاهدهم وهو لم يبلغ العشرين من عمره . وجده الرسول الأعظم (ص) كفأً لسيدة النساء فاطمة فزوجه منها ، واختاره أخاً له دون المسلمين عندما أمر (ص) بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ونوه باسمه في حشد بعد حشد منادياً على رؤوس الأشهاد من المهاجرين وأنصار على أقضاكم ، علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي .. وغيرها الكثير .. نعم وعى المسلمون هذه الأحاديث من رسول الله (ص) . حتى جاء اليوم الذي انثالوا عليه كعرف الضبع للبيعة ، وبايع المهاجرون والأنصار في ذلك اليوم بالمدينة علياً ولم يتخلف عن بيعته كما تخلف عن من قبله أحد . لكن حان وقت ظهور الخوارج الآن بعد طول كمون .. يتنادي حزب الشيطان .. لا يوجد أفضل من فرصة حرب الجمل .. حرقوصاً ، وعبَّاداً ، ومسعر بن فدكي ، وعبد الله بن وهب ، وعدد من قيادات الخوارج تدخل بين الجيشين . ترقب لحظة اصطكاك الصفوف واشتباك القنا . جرت مساعي للصلح انتهت سريعاً بلا طائل .. تعبأ جيش عائشة وحملوها على جملها المدرع (عسكر) ، وفي المقابل تهيأ جند علي ، والتحم الجيشان التحاماً رهيباً . كان جمل السيدة عائشة هو راية أهل البصرة وعرينهم ، يلوذون به كما يلوذ المقاتلون براياتهم ، اقتتل الفريقان كأشدّ ما يكون القتال ضراوة حول الجمل ، تفاني جيش عائشة في الزود عن الجمل وفي هودجه تجلس أُم المؤمنين في قلب المعركة .. في قلب المعركة التي تتكسر فيها السيوف وتقتطف الرؤوس ينادي علي بعد أن يخلع درعه ويلقي ترسه : أين الزبير ؟. يتمتم حرقوص لصاحبة مسعر .. ماذا يريد علي من الزبير الآن ؟ يخرج الزبير وهو شاك في سلاحه .. فلمّا رآه الإمام علي بادر إليه واعتنقه ، وقال له بناعم القول : يا أبا عبد الله ، ما جاء بك ها هنا ؟ . يرد الزبير مغمغماً : جئت أطلب دم عثمّان . فرمقه الإمام علي بنظرة حانية من عينه .. ويقول له : تطلب دم عثمّان ! . فيرد الزبير بصوت خافتاً : نعم . فيقول علي : قتل الله مَنْ قتل عثمّان . وأقبل علي عليه يحدّثه برفق ، قائلاً : أنشدك الله يا زبير ، هل تذكر يوم أن مررت بي وأنت مع رسول الله ( ص ) وهو متكئ على يدك ، فسلّم عليّ رسول الله وقال : يا زبير تحب علياً فقلت : ألا أحب ابن خالي وابن عمتي وعلى ديني؟ فقال : يا عليّ أتحبه ؟ فقلت : يا رسول الله ألا أحب ابن عمتي وعلى ديني ؟ فقال : يازبير أما والله لتقاتلنه وأنت ظالم له ! .. فقال الزبير : بلى والله لقد نسيته منذ سمعته من رسول الله (ص) ثم ذكرته الآن . ولو ذكرتها ما خرجت إليك ولا قاتلتك . فناشده علي وهو يربت علي كتفه قائلا : إذن ارجع . فقال الزبير : كيف ارجع وقد التقت حلقتا البطان ؟! هذا والله العار الذي لا يُغسل . فيهتف علي : ارجع قبل أنْ تجمع العار والنار .. هنا لوى الزبير عنان فرسه ، وقد ملكت الحيرة والقلق أهابه ، وراح يقول : نادى عليٌّ بأمرٍ لستُ أجهلُهُ .. عارٍ لَعمرُك في الدنيا وفي الدينِ فقلتُ حسبُك مِن عذلٍ أبا حسنٍ .. فبعض هذا الذي قد قلت يكفيني فاخترتُ عاراً على نارٍ مؤجّجةٍ .. ما إنْ يقوم لها خلقٌ من الطينِ وقفل الإمام علي راجعاً إلى أصحابه ، فقالوا له : تبرز إلى زبير حاسراً وهو شاك السّلاح ، وأنت تعرف قدر شجاعته !. فقال علي : إنّه ليس بقاتلي ، إنّما يقتلني رجل خامل الذكر ، ضئيل النسب ، غيلة في غير حرب ولا معركة رجال . ويل أُمّه أشقى البشر ! ليودّ أنّ أُمّه هبلت به . أما أنّه وأحمر ثمّود لمقرونان في قرن .. استجاب الزبير لنداء الإمام فاتّجه صوب أم المؤمنين السيدة / عائشة .. فقال لها : يا أُمّ المؤمنين ، إنّي والله ما وقفت موقفاً قط إلاّ عرفت أين أضع قدمي فيه إلاّ هذا الموقف ؛ فإنّي لا أدري أمقبل أنا فيه أم مدبر ؟! وعرفت السيدة / عائشة تغيير فكرته وعزمه على الانسحاب مِنْ حومة الحرب ، فقالت له مثيرة عواطفه : يا أبا عبد الله ، خفت سيوف بني عبد المطلب ؟! فالتفت إليه ولده عبد الله فعيّره بالجبن قائلاً : إنّك خرجت على بصيرة ، ولكنّك رأيت رايات ابن أبي طالب وعرفت أنّ تحتها الموت فجبنت . فزع الزبير من حديث ولده ، فقال له : ويحك ! إنّي قد حلفت له أنْ لا اُقاتله . فقال له ابنه : كفّر عن يمينك بعتق غلامك سرجس . فأعتق غلامه وراح يجول في ميدان الحرب ليُري ولده شجاعته ، ويوضّح له أنّه إنّما فرّ بدينه لا جبناً ولا خوراً ، ومضى منصرفاً على وجهه حتّى أتى وادي السّباع . وكان الأحنف بن قيس مع قومه مقيمين هناك ،فتبعه ابن جرموز فأجهز عليه وقتله غيلة ، وحمل مقتله إلى علي فحزن عليه كأشدّ ما يكون الحزن . وأخذ سيفه وبكي وهو يقول : سيف طالما جلا الكروب عن وجه رسول الله (ص) . وخاض طلحة المعركة وهو يحرّض جيشه على الحرب ، فبصر به مروان بن الحكم فرماه بسهم ؛ طلباً بثار عثمّان ، فوقع على الأرض يتخبّط بدمه . وكان مروان يقول لبعض ولد عثمّان : لقد كفيتك ثأر أبيك من طلحة . وأمر طلحة مولاه أنْ يأوي به إلى مكان ينزل فيه ، فأوى به بعد مشقّة إلى دار خربة مِنْ دور البصرة فهلك فيها بعد ساعة . وتولّت السيدة عائشة قيادة الجيش بعد هلاك الزبير وطلحة، وقد تفانت بنو ضبّة والأزد وبنو ناجية في حمايتها وقد هاموا بحبّها ، فكانوا يأخذون بعر جملها ويشمّونه ، ويقولون : بعر جمل أُمّنا ريحه ريح المسك . وكانوا محدقين به لا يريدون فوزاً ولا انتصاراً سوى حمايتها . واشتدّ القتال كأشد وأعنف ما يكون القتال ، وكثرت الجرحى ، وملئت أشلاء القتلى وجه الأرض . حتي خاض الجمل عسكر حتي ركبتيه في دماء المسلمين . رأى الإمام علي أنّ الحرب لا تنتهي ما دام الجمل موجوداً، فصاح بأصحابه : ( اعقروا الجمل؛ فإنّ في بقائه فناء العرب ) .سرعان ما انعطف عليه الحسن فقطع رجله اليمنى ، وشدّ عليه الحُسين فقطع رجله اليسري ، فهوى وله عجيج منكر لمْ يسمع مثله ، وفرّ حماة الجمل في البيداء ؛ وأمر الإمام علي بحرقه وتذرية رماده في الهواء ؛ لئلاّ تبقى منه بقية يُفتتن بها السذّج والبسطاء . وبعد الفراغ مِنْ ذلك، قال: ( لعنه الله مِنْ دابة فما أشبهه بعجل بني إسرائيل !) . ومدّ بصره نحو الرماد الذي تناهبه الهواء ، فتلا قوله تعالى : ( وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ) . وبذلك فقد وضعت حرب الجمل أوزارها . وأوفد الإمام للقيا عائشة الحسن والحُسين و أخوها مُحمّد بن أبي بكر، فانطلقوا إليها ، فمدّ مُحمّد يده في هودجها فجفلت منه ، وصاحت به : مَنْ أنت ؟ قال أبغض أهلك إليك . قالت ابن الخثعميّة ؟ قال نعم أخوك البرّ . قالت عقوق . قال هل أصابك مكروه ؟ قالت سهم لمْ يضرّني . فانتزعه منها ، وأخذ بخطام هودجها وأدخلها في الهزيع الأخير مِن الليل إلى دار عبد الله بن خلف الخزاعي على صفية بنت الحارث ، فأقامت فيه أياماً . و نادى منادي الإمام علي بعد النصر: ( أن لا يُقتل مدبرٌ ، ولا يُدفَّف على جريح ، ولا يُكشف سترٌ ، ولا يُؤخذ مالٌ ) ، فقال عباد بن قيس من أتباع حرقوص والخوارج يومئذ: ما يُحلل لنا دماءهم ويحرم علينا أموالهم؟! واتبع قائلاً : يا أمير المؤمنين والله ما قسمتَ بالسوية ، ولاعدلتَ بالرعية ! فقال الإمام : ولمَ ويحك ؟! قال: لأنك قسمت ما في العسكر وتركت الأموال والنساء والذرية . فقال الإمام : أيها الناس من كانت به جراحة فليداوها بالسمن ! (أي أعرض عنه ، وأخذ يعلَّم المسلمين مداواة جراح المصابين ) فقال عباد: جئنا نطلب غنائمنا فجاءنا بالترهات! فقال له علي : إن كنت كاذباً فلا أماتك الله حتى يدركك غلام ثقيف .. يا أخا بكر أنت أمرؤ ضعيف الرأي ، أوَما علمت أنا لا نأخذ الصغير بذنب الكبير، وأن الأموال كانت لهم قبل الفرقة ، وتزوجوا على رشدة ، وولدوا على فطرة ، وإنما لكم ما حوى عسكرهم ، وما كان في دورهم فهو ميراث ، فإن عدا أحد منهم أخذناه بذنبه ، وإن كف عنا لم نحمل عليه ذنب غيره... فمهلاً مهلاً رحمكم الله ، فإن لم تصدقوني وأكثرتم عليَّ ، وذلك أنه تكلم في هذا غير واحد ، فأيكم يأخذ عائشة بسهمه؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين أصبت وأخطأنا وعلمت وجهلنا ، فنحن نستغفر الله تعالى. ! واستعد الخوارج للجولة التالية وكانت بصفين .. والي حديثنا في المقال القادم بمشيئة الله إن كان في العمر بقية ..

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.