اسمها «مدونة سلوك»، وهي ملزمة للحكومة وجميع الوزراء والمسئولين يعني لا يزعم أحد في الحكومة أنه لم يعلم!، أو يشغل نفسه بالالتفاف حولها والبحث عن «حتة واطية» في سورها لاختراقها!،إذ تقضي «مدونة السلوك» هذه بعدم تعيين أي صحفي أو أي شخص مسئول في وسيلة إعلامية في أي دائرة حكومية أو مؤسسة رسمية أو عامة أو بلدية للتأثير علي حرية الصحافة، أو علي استقلالية المؤسسات الصحفية، وعلي جميع الوزارات والمؤسسات التوقف فورا عن الاشتراكات بشكل مباشر في الصحف، وربط الإعلانات بمعايير مهنية من خلال ضوابط معينة حتي لا تستخدم الإعلانات وسيلة للتأثير علي استقلالية وسائل الإعلام، ولم ينس مجلس الوزراء الذي أصدر «مدونة السلوك» لعلاقات الحكومة مع وسائل الإعلام أن يشير إلي أن الهدف من هذه المدونة «ضمان حرية التعبير، وحق وسائل الإعلام في الحرية والاستقلال»، علي أن يبدأ العمل بالمدونة بعد اعتمادها من مجلس الوزراء. وقد قرأت هذا الكلام الذي طيرته وكالتنا المصرية للأنباء «أ. ش. أ» الأسبوع الماضي من العاصمة الأردنية ومجلس الوزراء الذي أصدر «مدونة السلوك» هو مجلس الوزراء الأردني!، حتي لا يقلق عندنا من هم من أهل المهن الإعلامية - التي تطورت من العمل بمهنة الصحافة إلي الإذاعة والتليفزيون والفضائيات - ممن أصبحوا يعملون تحت مسميات حفاظا علي استقلالية وسائل الإعلام بما يمكنها من أداء دورها وتفاديا لحدوث أي تضارب في المصالح، وتشترط «مدونة السلوك» التفرغ الكامل للتعيين في دوائر الحكومة ومؤسساتها والبلديات بما في ذلك وظائف المستشارين والناطقين الإعلاميين في الوزارات والمؤسسات الرسمية والعامة والبلديات وتلتزم الحكومة بعدم الحصول علي خدمات من الصحفيين بشكل دائم أو مؤقت مقابل أي مكافأة مادية! وتقضي مدونة السلوك بالامتناع عن أي «ممارسات مغلوطة» تتم في إطار الاسترضاء بسبب الخوف من الابتزاز أو سعيا وراء تحقيق الشعبية بما في ذلك تقديم الحوافز المادية أو العينية التي تستهدف التأثير علي الصحفيين أو وسائل الإعلام، والعمل علي إخضاع أي ممارسة لا تنسجم مع القوانين ومع ميثاق الشرف الصحفي مع بنود هذه المدونة للمساءلة القانونية، كما تقضي المدونة باتخاذ ما يلزم لضمان عدم استخدام الاشتراكات في الصحف والمجلات ووسائل الإعلام الأخري مختلفة بمختلف وزارات الدولة وجهاتها الرسمية من مستشار إلي ناطق إلي متحدث إلي ناصح!، ومازالوا يفضلون الاحتفاظ بأعمالهم في الصحف والمجلات والإذاعة والتليفزيون باعتبارهم «حملة أقلام» و«أهل رأي» يبدونه واضحا صريحا عنيفا شرسا في مواجهة جميع المؤسسات والوزارات والجهات عدا تلك التي يعملون فيها- أيا كان المسمي - بعض الوقت أو كله! ولست أهتم بأن تكون هذه «مدونة السلوك» موضوعا لمقالي هذا الأسبوع إلا من باب أنني أصبحت لا أعرف في مصر حاليا المستشار من الناطق والمتحدث من الناصح، إلي آخر هذا الذي يفضله بعض إخواننا الصحفيين علي صفته ومهنته «صحفي»!، حتي أن الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم تساءل في تعليق له علي عمل زميل لنا مستشارا لأحد رجال الأعمال: «مستشاره في إيه يا خويا!»، حتي أنني وجدت بدون مبالغة أننا في مصر ما أحوجنا نحن معشر الصحفيين حاليا إلي «مدونة سلوك» مصرية مثل الأردنية!