تصوير: صلاح الرشيدي وجبة سينمائية دسمة تناولها فيلم «بالألوان الطبيعية» وبمجرد انطلاق العرض الأول للفيلم أثار موجة هائلة من الجدل والاتهامات التي استهدفت صناعه من كل اتجاه، الفيلم من اخراج أسامة فوزي وتأليف هاني فوزي وبطولة يسرا اللوزي وكريم قاسم وفرح يوسف وفريال.. تبدأ أحداث الفيلم بشاب يدعو الله بأن يحقق له أحلامه بدخوله كلية الفنون الجميلة لما يمتلكه من موهبة في الرسم وحتي يصبح مهندس ديكور بعد التخرج ويكفل والدته التي تكفلت بتربيته بعد أن توفي زوجها ورفضت أن تعيش سوي لابنها الذي يجسده «كريم قاسم» والتحق الشاب بالكلية لكن أصابه الفزع بعد ما رأي من «جهنم الحمراء» علي حد وصفه بسبب أوامر الأساتذة برسم الطلاب لبعضهم البعض عرايا، وهو ما يعود بنا علي الفور إلي قضية شائكة حسم أمرها في السبعينيات عندما توقفت هذه النوعية من الدراسة التي كانت تتم عن طريق رسم «الموديل العاري» بمقابل مادي لمحترفي هذه المهنة.. لكن الفيلم تناولها باستفاضة.. ويتطرق الشاب مع مراحل السنوات المختلفة في الكلية إلي الجماعات الإسلامية التي تحاول أن تسيطر علي هذا الفساد من وجهة نظرهم. ومع تطور الأحداث يرتبط الشاب بعلاقة عاطفية مع احدي زميلاته لم تلبث أن تحولت لعلاقة جنسية وبعد أن يمارس الحب تدرك أنها أخطأت في حق الله.. فتحاول التوبة وترتدي النقاب وتتابع الحلقات الدينية التي يلقيها أحد الممثلين بطريقة تتشابه مع طريقة الداعية عمرو خالد.. وتستعرض أحداث الفيلم فساد الأساتذة أنفسهم داخل الكلية وعدم اهتمامهم بالدراسة للطلبة فضلا عن تصويرهم باعتبارهم مجانين ومنحلين أخلاقياً. إلي هنا ينتهي الفيلم لتنتقل ثورة الغضب ضد صناعه خارج قاعة العرض وهو ما شاهدناه علي ملامح طلبة الفنون الجميلة الذين طالبوا بوقف عرض الفيلم تارة.. ومقاطعته في حالة عرضه تارة أخري كنوع من الاحتجاج السلمي الذي يظهر حقيقة هذه الكلية التي تختلف كل الاختلاف مع ما تناوله الفيلم.. واليكم تفاصيل الاعتراضات ورأي شيوخ وعلماء الأزهر في رسم الجسد عارياً وآراء الطلاب وعميد الكلية بالتفصيل: ******* عميد كلية الفنون الجميلة: لو طلبت من أي طالبة خلع ملابسها لقطعتني.. فالكلية ليست «جهنم» وعميدها ليس «إبليس» كما ظهرت في فيلم «بالألوان الطبيعية» · الفيلم تناول أستاذ التشريح باعتباره أستاذ فنون فهذه أول معلومة خاطئة في الأحداث لأن من يدرس هذه المادة دكتور من كلية طب.. لأننا ندرس الجهاز العضلي والعظمي أبدي الدكتور محمد مكي عميد كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان اعتراضه علي فيلم «بالألوان الطبيعية» الذي يعرض حالياً بدور العرض وقال ل«صوت الأمة»: أرفض أن أقوم بعمل دعاية للفيلم من خلال دفاعي عن الكلية العريقة فهي أكبر من أي شيء والهجوم، عليها يساوي الهجوم الذي تتعرض له مصر.. وفكرة تجسيد عميد الكلية كأنه شيطان فاسأل صانعي الفيلم عن أي عميد يتحدثون؟.. فالذي أشاروا إليه هو الدكتور المرحوم صلاح عبدالكريم وهو رمز لا استطيع أن أدافع عنه اذا تمت مقارنته في زمنه ببيكاسو.. وله تمثال في أكاديمية روما وقدم انجازات كثيرة في الفن فكيف يهاجمونه ويصورونه بهذا الشكل.. هل هذا معقول؟.. ويضيف مكي: أما عن تناول الفيلم للأساتذة في صورة أشخاص مختلين عقليا فهنا أساتذة عظماء.. شرفوا مصر بجوائزهم.. فحصلنا من خلالهم العام الماضي علي أحسن رسالة في الاتحاد الأوروبي.. وحول حقيقة تنصل طلاب الفن من الدين قال مكي: هذا الكلام دخيل علينا وأتذكر أن الإمام محمد عبده حسم هذا الأمر وقال: إن الفن شيء جميل ولا يتعارض مع الدين فهل نرجع للوراء؟.. أما ما سرده الفيلم عن قضية «الموديل العاري» ففي الماضي كان هناك «موديلز» معروفون يقومون بذلك بأسعار ثابتة.. تقريباً جنيه في الساعة.. أما الآن فالأمر اختلف فالموديل الآن أصبح من البسطاء.. وللعلم لا حكومة أصدرت قراراً بمنع الموديل ولا الأزهر تدخل كما أشيع بالعكس فالله عز وجل قال «قل سيروا في الأرض فانظروا» وبذلك يدعو الدين إلي التفكر والتأمل والاحساس بالجمال.. فأين التعارض فالتماثيل في كل مكان ولو كانت تتعارض مع الدين كما يدعي البعض لكان عمرو بن العاص فعلها عندما دخل مصر وحطم التماثيل.. فالدين يفرق ما بين الوثن والتماثيل.. وفي القرآن يحكي الله عن قصة سليمان يصنعون له تماثيل ومحاريب فالتماثيل تختلف عن الوثن الذي يعبد وأنا حزين أن أناقش أمورا ناقشها آخرون عام 1900 ومازالت مثارة حتي الآن وقال مكي: أرفض الدفاع عن الكلية وسألجأ للقضاء وبالشرعية والقضاء والهدوء نأخذ حقنا.. وهذا أمر مفروغ منه. وأضاف: الفيلم تناول أستاذ التشريح باعتباره أستاذ فنون فهذه أول معلومة خاطئة في الأحداث لأن من يدرس هذه المادة دكتور من كلية طب.. لأننا ندرس الجهاز العضلي والعظمي. وعن تناول الطلبة وهم يخلعون ملابسهم داخل المحاضرة لرسم بعضهم البعض فمن يسمح بذلك.. والله العظيم أنا لو دخلت سيكشن صغيرا وقلت لطالب اخلع ملابسك الطلبة يقطعوني في الكلية.. ولا يجرؤ أستاذ أو أي مخلوق أن يطلب من الفتاة أن تخلع ملابسها في أي زمن. أما عن استغلال العميد للطلبة ومجهودهم وما يسرده الفيلم من أن هناك مافيا لتجارة الآثار.. قال مكي إن العميد الذي أشار إليه الفيلم خرج من الحياة ولم يكن يملك «مليماً» واحداً. وأبدي مكي دهشته من تناول الفيلم لفكرة التطرف الديني وقال: لا أتذكر أني رأيت طالبا بذقن إلا وأنا طالب في السبعينيات وكان طالباً محترماً وهادئاً.. ولا أعرف عنه أي شيء الآن. وفي النهاية أكد «مكي» أن مؤلف الفيلم تخرج في الكلية في عام 1983 وكان حاقداً عليها.. وعندما أتي لنا ليأخذ تصريحاً بتصوير الفيلم في الكلية طردته بعد أن أطلعني علي السيناريو.. وتدخل وسطاء كثيرون دون جدوي.. وعن دعم وزارة الثقافة للفيلم بمليون ونصف المليون قال: الوزير ابن الكلية وتخرج فيها وقدم لها الكثير. وتتابعاً للأحداث رصدت «صوت الأمة» الكلمة التي ألقاها عميد كلية فنون جميلة أثناء الوقفة الاحتجاجية السلمية داخل المبني وقال للطلبة والطالبات بعدما أثير مؤخراً عن الفيلم الذي يسئ للكلية: نحن لسنا في حاجة لدعاية له، فإدارة الكلية بالكامل أخذت اجراءات منذ عام ونصف العام قبل تصوير الفيلم لأنني طردتهم في الشارع بنفسي عندما طلبوا تصوير الفيلم بالكلية.. فالفيلم مريض وأنتم أكبر دليل علي شكل ووضع الكلية وعلي دراية كاملة بما يحدث.. لابد أن نؤمن بحبنا للكلية فأنا كنت طالبا بالكلية مثلكم.. وأحبها مثلكم.. ولا نقبل شيئا يقال علينا.. لكن كانت وجهة نظري ألا نقدم لهم دعاية رخيصة وهذه الوقفة استثناء.. فالقائمون علي الفيلم لم يدفعوا عنه «تعريفة» وقدموا فيلما يسيء من مؤلف عنده عقد من الكلية.. ورغم أنه من الممكن أن ندافع لكن هناك وسيلة أرجو أن تساعدوني عليها وهي الصمت.. حتي يمروا من حولنا كالهواء.. والفراغ كالذبابة ستمر سريعاً.. فنحن بيدينا أن نقتله.. والسكوت سيجعلهم يموتون بغيظهم لأننا لم نتأثر، لأننا أقدم كلية في الشرق الأوسط، فنحن قبل جامعة القاهرة وساهمت الكلية في حضارة البلد ولا يصح أن نعطي الفرصة لأحد أن يصبح نجما علي حسابنا والصورة الحضارية التي أمامي تبين ما نسعي إليه.. فلا يصح أن يصوركم الفيلم بالشياطين وأنا ابليس الأعظم. وما أقوله لكم في نهاية حديثي هو أن نقاطع الفيلم.. وأرجوا أن تؤثروا في أصدقائكم بعدم دخول الفيلم.. وحاربوه عن طريق مواقع النت FACE book وغيرها، فأنتم أقوياء ونحن فخورون بكم. ********** طلبة الفنون: لسنا فاسدين كما صورنا الفيلم.. ومشاهد الجنس كانت بهدف الترويج والدعاية · عمرو خالد هو أحد شخصيات فيلم «بالألوان الطبيعية» شيخ عصري يرتدي الملابس العصرية يعظ الشباب وينصحهم، تعامل معه السيناريو علي أنه أحد الذين يحرمون الفن ويثيرون التناقض بين الدين والإبداع بعد الأزمة التي أثيرت حول اعتراض إدارة كلية الفنون الجميلة علي عرض فيلم «بالألوان الطبيعية» انتقل الجدل إلي أوساط الطلبة.. فهناك من أيد وجهة نظر الإدارة رغم اعتراف بعضهم بعدم مشاهدة الفيلم وسادت حالة من الغضب في قاعات كلية الفنون الجميلة بالزمالك فيما كان للبعض رأي مخالف. في البداية تحدث الطالب رامي مجدي «دراسات حرة» وقال إن الفكرة التي ناقشها الفيلم كانت موجودة بالفعل.. ولابد وأنا أدرس مادة التشريح أن أرسم الشكل التفصيلي للإنسان.. وهذا يحدث بالفعل في الخارج.. والآن يري الأساتذة أن الفيلم مسئ.. وفي الحقيقة أنا معجب بالفكرة لأن فكرة من الواقع. وقال صموئيل صفوت بالصف الثاني «ديكور» أصابني الغضب لأن السيناريو لم يحدث في الحقيقة.. وتدخلت «سماح عاطف» وشريهان محفوظ وإسراء سامي طلبة وأكدوا أن فكرة رسم «البورتيريهات» موجودة بالفعل ولا تحدث في الخفاء.. فما يحدث هو الاستعانة بالفراشين والعمال بالكلية في الرسم ويتم رسمهم بملابسهم وحجابهم وفي المقابل ندفع لهم مقابلاً مادياً وربما يرتدون ملابس عصور قديمة لرسمهم.. ولكن فكرة رسم بعضنا البعض عرايا فإنها ليست موجودة. وأضافوا أننا كطلبة لنا آباء وأمهات ولو كان هذا هو الذي يحدث لما سمحوا لنا بدخول الكلية.. لكننا أصبحنا نخجل من التحدث مع أي أحد فنقول إننا طلبة بكلية الفنون الجميلة بسبب الاساءة التي وجهها لنا الفيلم ولذلك قمنا بالاتفاق علي توقيع مذكرة رفض لإدارة الجامعة وقع عليها الطلبة جميعهم. وعن دخول عنصر الجنس في الفيلم قالوا إنه نوع من الجذب للمشاهد.. ورغم ذلك قررنا مقاطعة الفيلم ولا يوجد لدينا فضول لمشاهدته.. وتساءل الطلبة لماذا تحدثوا عنا وهناك قضايا أخري مهمة مثل إغلاق قسم النحت بكلية الفنون التطبيقية وقال رامي علي «رابعة جرافيك» مؤلف الفيلم لا يعرف شيئاً عن الكلية.. وأكيد شاهد فيلماً أجنبياً وحاول أن ينسخ منه صورة مصرية.. وكذبوا علي الجمهور عندما قالوا إنهم صورا الفيلم بالكلية وفي الحقيقة تم تصوروا في أكاديمية الفنون في السادس من أكتوبر. وشاركته الحديث مني عامر «ثالثة جرافيك» و«سهام سامي» وقالتا: الكلية ليست بها شئ يسئ لأحد.. وما فعله المؤلف هراء.. ونحن ندرس هنا الرسم فقط لا غيره. وقال خالد مصطفي «ثالثة عمارة» إن ما ناقشه الفيلم ليس موجوداً بالكلية.. وما يسرده الفيلم تم الغاؤه منذ زمن طويل.. فمادة التشريح دراسة وليست رسماً عادياً.. فكيف يخلع الطلبة ملابسهم في المدرجات كما صور الفيلم.. وفي بداية دراستنا كان يطلب منا رسم «بورتريه» لأحد أفراد عائلاتنا بملابسه.. وهناك سؤال يطرح نفسه لماذا تناولنا الفيلم باعتبارنا طلبة فاسدين فاجرين وغير ملتزمين؟! ********* رجال الدين: رسم الجسد العاري حرام شرعاً.. ورؤيته معصية وفجور أجمع علماء الأزهر الشريف علي تحريم رسم جسد الإنسان عارياً سواء كان امرأة أو رجلا وهو ما تناوله سيناريو فيلم «بالألوان الطبيعية» ويتعرض لقضية طلبة كلية الفنون الجميلة وما يدرسونه من مواد تتطلب رسم الجسد عارياً.. ورغم أن الجميع بالكلية أكدوا أن هذه المادة التي تسمي مادة anatomy أو التشريح تم الغاء الجزء الذي يتعلق برسم الجسد العاري إلا أن الفيلم عاد إلي قضايا قديمة وتناولها بشكل واضح وصريح.. ومن هنا تحدثنا مع علماء الأزهر وقال الشيخ علي عبدالباقي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية. أستغفر الله العظيم.. هذا حرام.. حرام.. حرام.. ويحرم إلي يوم الدين.. وفاعل هذا الإثم العظيم عاص.. فمجرد أن يشاهد البشر هذا العمل فهو معصية كبيرة.. ويندرج تحت مسمي «البدعة» وما يناقشه هؤلاء ليس فناً ومن يقدم علي هذه الأفعال في الدنيا يسمي فاجراً.. وله حساب عظيم عند الله.. ومن يشاهدها بعد فهو عاص. الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر قالت إن هذه الأشياء حرام.. لأنها تتضمن كشفاً للعورات وما دام هناك اختلاط للجنسين فهذا حرام.. لأن نظر أحدهم إلي الآخر عاريا من المحرمات.. وعن وضع هذا بما تسمي مادة علمية فهذه المادة يدرسها طلبة كلية الطب لكن هناك اختلافا كبيرا بينهما.. ومشاهدة ما قلته في فيلم سينمائي معصية وفجور ويحاسب فاعله في الآخرة حسابا عسيرا. أما الشيخ فوزي الزفراف «وكيل الأزهر» فقال: طالما أن ذلك يمتد للعورة فهو حرام.. ومشاهدة هذه الأشياء حرام أيضاً.. والمسألة واضحة ولا تحتاج إلي تعليق. الشيخ عبدالمعطي بيومي «عضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية» قال: حرام.. أما إذا كان التشريح لتعليم الطلبة كما في كلية الطب فهو حلال.. ولو كان الرسم بدون رؤية ومن خيال أو من شخص تستتر عورته «ارسم زي ما أنت عايز».. حتي لو كان ذلك يخص الفن.. ولابد أن يكون الأمر محكوما بضابط ديني شرعي.. ولا يري الرجل من الرجل إلا ما بين السرة إلي الركبتين وكذلك المرأة ترسم مستترة.. ما عدا الوجه والكفين.. فلابد من الالتزام بمبادئ الدين الإسلامي. وقال الشيخ فرحات المنجي «عضو مجمع البحوث» إن الله سبحانه وتعالي خلق الإنسان وكرمه وجعله في أحسن تقويم وجعل جسده أمانة عنده.. وجعل منه ما هو عورة.. فلا يجوز لأحد النظر إليها.. ودليل ذلك أن سبب تكريم الله لوجه سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لأنهم قالوا إنه لم ينظر إلي عورة أحد.. وقالوا إنه لم ينظر إلي عورته ومن هنا يحرم فعل مثل ذلك.. ويعاقب فاعله.