مصر تستورد مبيدات بحوالي 600 مليون دولار بأنواعها الحشرية والفطرية وغالبيتها مركبات خطيرة تعاني الأراضي الزراعية في مصر من «سفه» في استخدام المبيدات الزراعية مما انعكس سلباً علي صحة المواطن وإصابته بعدة أمراض منها السرطان والتلوث البيئي والتلوث الاقتصادي نتيجة لانخفاض الصادرات من السلع الغذائية. وشهد استخدام المبيدات الزراعية في مصر عدة معوقات بدءاً من استيراد مبيدات مسرطنة من إسرائيل في عهد يوسف والي من خلال البرنامج الشهير «اندرياس» لتنمية الزراعة في مصر والذي يرعاه شيمون بيريز وأدي لدخول العديد من الأنواع السامة من المبيدات إلي مصر. ومؤخراً أعلنت وزارة الزراعة أنها بصدد توقيع اتفاقية مع الولاياتالمتحدة لتوحيد المبيدات المستخدمة في الزراعة بين البلدين في اطار المعايير الدولية إلا أن الجانب الأمريكي تراجع في اللحظات الأخيرة، حيث كشف عن مفاجأة خطيرة أدت لهذا التراجع وهي أن مصانع بئر السلم في مصر تنتج كميات كبيرة من المبيدات المغشوشة لا تعلم وزارة الزراعة عنها شيئاً، إلي جانب الاستخدام العشوائي وغير الآمن للمبيدات في مصر. وقد حذر تقرير صادر عن المجلس القومي للتعليم والبحث العلمي والتكنولوجيا من المشكلات التي تواجه التنمية الزراعية في مصر وصحة المواطن حيث تشير الأرقام إلي أن الاستخدام العشوائي للمبيدات في رش الزراعات أدي إلي تفشي الأمراض المختلفة والأوبئة وفي مقدمتها الفشل الكلوي والكبدي والسرطان وغيرها من الأمراض المختلفة، بل ووصل مقدار الخسائر الاقتصادية الناتجة عن التلوث بالمبيدات إلي حوالي مليار دولار منها تلوث البيئة والريف بما يوازي مساحة تزيد علي 4.2 مليون فدان. وأخطر ما كشفه التقرير عن المبيدات المغشوشة أنها تتسبب في وجود عشرات الملايين من الأطنان السامة في مياه النيل التي تتفاعل مع المياه وتكوين أكثر من 168 مادة كيميائية سامة تسبب الفشل الكلوي والكبدي خاصة تلك المياه التي تم تنقيتها بالكلور الذي يتفاعل مع مكونات المبيدات الزراعية والحشرية مكوناً تراكمات من المواد الكبريتية والصوديوم ذات تأثير سيئ علي صحة المواطنين.. وكشف الدكتور زيدان هندي عبدالحميد أستاذ الوقاية بجامعة عين شمس عن أن مصر تستورد مبيدات بحوالي 600 مليون دولار بأنواعها الحشرية والفطرية وغالبيتها مركبات خطيرة وتأثيراتها ضارة وأشد خطورة علي الإنسان وقد تصيب بالسرطان، وأشار إلي أن مصر تستهلك وحدها 1% من اجمالي حجم استهلاك المبيدات في العالم.. وأوضح أن فاقد الزراعة بسبب الآفات والحشرات يقدر بنحو مليار دولار سنوياً مما يتحتم معه ضرورة استخدام مبيدات. وكشف زيدان عن أن متوسط اجمالي كميات المواد الفعالة المستخدمة في مستحضرات المبيدات التي تستخدم في مصر سنوياً خلال السنوات الأربع الأخيرة 2005 - 2008 بلغ حوالي 5800 طن سنوياً بما فيها الكبريت ومركبات النحاس التي يستخدم منها بكميات كبيرة في الآونة الأخيرة تصل إلي 25%. من جانبه يوضح د. فؤاد أحمد فهمي أستاذ المبيدات بكلية الزراعة جامعة الأزهر، أن المبيدات الزراعية يتم استيرادها من الخارج وتجهيزها داخل مصر، ولكن القياسات تختلف من كل دولة لأخري، فمثلاً الشركات الأم المصنعة للمبيدات الزراعية في أمريكا أو ألمانيا أو انجلترا تصنع المبيدات بقياسات تختلف عن الصين والهند رغم أنها تقوم بالتصنيع بتوكيلات من الشركات الأم في أمريكا وألمانياوانجلترا. مشيراً إلي أن القياسات المصرية للمبيدات لا تتوافق مع قياسات تصنيع المبيدات بأمريكا وبالتالي فشلت الاتفاقية. وأوضح أن من ضمن الكوارث في القياسات المصرية لتجهيز المبيدات الزراعية، أنه يتم استيراد المادة الفعالة من الخارج ويقوم المستورون باضافة مذيب غير مناسب بنسبة كبيرة تصل إلي 100% ويكون من خامات رديئة وبأقل الأسعار، ولذا يكون تأثيرها قاتلاً للإنسان قبل الحشرات لارتفاع نسب الشوائب، وعدم مراعاة نسب القياسات العالمية في تجهيز المبيدات الزراعية وبالتالي يكون مغشوشاً، إلي جانب تنافس مصانع بئر السلم في السوق، والتي تنتج أردأ الأنواع من المبيدات والأسمدة، وذلك لغياب الرقابة. أما مدحت الحليبي أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة فيري أن المشكلة الأساسية تعود إلي أن المبيدات في مصر تعاني من احتكار سبعة أشخاص فقط لسوق استيراد المبيدات في مصر. وأكد علي ضرورة وضع قواعد واضحة تحكم استيراد المبيدات وفقاً للقواعد والقوانين المتعارف عليها دولياً، وذلك لوضع حدود ومنع تسلل أي مبيدات مجهولة إلي مصر، مع ضرورة علاج مشكلة لجوء المزارع إلي استخدام المبيدات بكثافة في الزراعة وكيفية اقناعه باللجوء إلي الزراعة العضوية.