وزير التعليم العالي يلتقي نظيره الروسي لتعزيز التعاون المُشترك    وزير الإسكان يتابع مشروعات الزراعة وزيادة المسطحات الخضراء بالمدن الجديدة    تبدأ من 220 جنيها| تعرف على أسعار اللحوم الحمراء بمنافذ التموين    وزير الإسكان: جار إجراء التجارب لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح    استشهاد طفل فى قصف للاحتلال على حى الزيتون بغزة    الاتحاد الأوروبى: نسعى للضغط على إسرائيل وحماس لقبول المقترح الأمريكى    ألمانيا يتطلع لانطلاقة قوية أمام اسكتلندا في افتتاح كأس الأمم الأوربية 2024    بدء تصعيد حجاج القرعة للوقوف بعرفات لأداء الركن الأعظم    الداخلية ترفع درجة الاستعداد القصوى لتأمين احتفالات المواطنين بعيد الأضحى    الأمن العام يكشف غموض سرقة مبالغ مالية كبيرة ومصوغات ذهبية بالغردقة    سكة الحديد: تخفيض السرعة المقررة للقطارات على معظم الخطوط بسبب الحرارة    «ولاد رزق 3» يحقق 8 ملايين جنيه في أول يوم عرض    4 خطوات تساعدك على الوقاية من مرض الاكتئاب    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    مقارئ وندوات علم.. أوقاف جنوب سيناء تنفيذ البرنامج الصيفي للطفل داخل 60 مسجدا    يوم التروية في الحج.. أهم الأعمال المستحبة والمناسك    موقف وسام أبو علي من مباراة الأهلي والزمالك    وزير الصحة يكلف بالالتزام بجداول نوبتجيات العيد للفرق الطبية والتعامل مع موجة الطقس الحار    الأغذية العالمي: موسم الأمطار يعرقل تقديم الدعم بالسودان    الدوما الروسي: واشنطن تقوض الثقة في الدولار من خلال فرض عقوبات غير قانونية    إخماد حريق داخل منزل فى العياط دون إصابات    32 ألف كادر طبى لخدمة الحجاج.. ومخيمات عازلة للضوء والحرارة    وزيرة التضامن: استمرار عمل الخط الساخن لعلاج مرضى الإدمان خلال أيام عيد الأضحى    وزيرة التخطيط تتابع خطوات إنشاء الصندوق السيادي للصناعة    القاهرة الإخبارية: استشهاد فلسطينى فى قصف لزوارق حربية إسرائيلية بخان يونس    رئيس جامعة حلوان يهنئ السيسي بحلول عيد الأضحى المبارك    يوم التروية.. أفضل الأعمال المستحبة والأدعية المستجابة    الحجاج يرتدون ملابس الإحرام اليوم.. والبعثة الرسمية: حجاجنا بخير    أزهري يوضح موعد ذبح الأضحية.. والصيغة الصحيحة لتكبيرات العيد    أسعار البيض اليوم 14 يونيو    قصف إسرائيلي وسط بلدة الخيام جنوبي لبنان    «غرفة أزمات مركزية».. خطة وزارة الصحة لتأمين احتفالات عيد الأضحى وعودة الحجاج    إجراء مهم من «هيئة الدواء» للتعامل مع نواقص الأدوية خلال عيد الأضحى    إسقاط 87 طائرة مسيرة أوكرانية خلال 24 ساعة    كاميرا القاهرة الإخبارية تنقل صورة حية لطواف الحجاج حول الكعبة.. فيديو    5 قرارات جمهورية مهمة، تعرف عليها    الجيش الأمريكى يعلن تدمير قاربى دورية وزورق مسير تابعة للحوثيين    «لن نراعيه»| رئيس وكالة مكافحة المنشطات يُفجر مفاجأة جديدة بشأن أزمة رمضان صبحي    صفارات الإنذار تدوي في كريات شمونة بسهل الحولة والجليل الأعلى شمالي إسرائيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 14-6-2024    عزيز الشافعي يحتفل بتصدر أغنية الطعامة التريند    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 14 يونيو 2024 مقابل الجنيه المصري بالتزامن مع إجازة البنوك    تنسيق مدارس البترول 2024 بعد مرحلة الإعدادية (الشروط والأماكن)    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكائه في مباراة سموحة وبيراميدز    هاني شنودة يُعلق على أزمة صفع عمرو دياب لمعجب.. ماذا قال؟    إنبي: زياد كمال بين أفضل لاعبي خط الوسط في مصر.. ولا أتوقع تواجده في الأولمبياد    باستعلام وتنزيل PDF.. اعرف نتائج الثالث المتوسط 2024    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    سموحة يرد على أنباء التعاقد مع ثنائي الأهلي    طريقة عمل الفشة في خطوات سريعة قبل عيد الأضحى.. لذيذة وشهية    هشام قاسم و«المصري اليوم»    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 14 يونيو: انتبه لخطواتك    نجم الزمالك السابق: خلصنا مع أحمد ياسر ريان.. والتعاقد في هذا الموعد (فيديو)    الحركة الوطنية يفتتح ثلاث مقرات جديدة في الشرقية ويعقد مؤتمر جماهيري    يورو 2024| أصغر اللاعبين سنًا في بطولة الأمم الأوروبية.. «يامال» 16 عامًا يتصدر الترتيب    مستقبلي كان هيضيع واتفضحت في الجرايد، علي الحجار يروي أسوأ أزمة واجهها بسبب سميحة أيوب (فيديو)    مودرن فيوتشر يكشف حقيقة انتقال جوناثان نجويم للأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهرجان الأقصر يهدى لاسمه دورته الثانية عاطف الطيب عميد الواقعية المصرية الحديثة
نشر في صوت الأمة يوم 14 - 03 - 2013

هاجس الحرية والرغبة فى تحطيم القيود هو الذى كان يحرك شحنة الإبداع لدى المخرج عاطف الطيب، ولأنه كان صادقاً فى انفعاله فإن روحه أيضاً تحررت مبكراً من قيود الجسد، مثل المخرج الراحل عاطف الطيب ولا يزال نقطة فارقة فى تاريخ السينما المصرية، فقد كان يسابق الزمن ليترك له رصيداً من الأفلام تعيش بعده وتحمل اسمه، حيث إنه لم ينجب أطفالاً وفى لمسة وفاء إدارة مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية إهداء الدورة الثانية التى تفتتح فى 18 مارس الجارى لهذا المخرج المتميز
رحل «الطيب» عام 1995 وبعدها بعام أعلن مهرجان القاهرة السينمائى نتائج أول استفتاء لأفضل مائة فيلم فى تاريخ السينما المصرية، ليأتى فيلم «سواق الأتوبيس» فى المرتبة الثامنة، وليكون عاطف الطيب هو المخرج الوحيد فى جيله الذى وصل لتلك المكانة، وجاء أيضا فيلمه «البريء» فى المرتبة 28 و«الحب فوق هضبة الهرم» فى المرتبة 68، ولا أدرى لماذا سقط فيلمه «الهروب» من القائمة. والمؤكد أن فيلم «ليلة ساخنة» لو لم يعرض بعد الاستفتاء لكان ضمن تلك الأفلام المائة.
كانت نقطة الانطلاق لهذا المخرج الاستثنائى عبر معالجة عصرية «لعطيل شكسبير» بعد أن جمع الراحل القليل من الأموال لإنتاج هذا الفيلم الذى وضع من خلاله بطاقة التعارف الأولى بينه وبين جمهوره، وحمل كل حرفية «عاطف الطيب» كمخرج وإن لم يحمل كل أفكاره وطموحاته التى شاهدناها بعد ذلك فى أفلامه التالية. أما فيلمه الثانى «سواق الأتوبيس» فقد انطلق بالطيب ليضعه فى مقدمة صفوف المخرجين ووصل إلى الذروة بأكثر من جائزة عالمية فى مهرجان «نيودلهي» منها جائزة التمثيل لنور الشريف!!
لم يكن عاطف الطيب هو أسبق أبناء جيله زمنياً فى الإخراج السينمائي، إذ سبقه المخرجان محمد خان وخيرى بشارة. ولم يكن فيلمه «سواق الأتوبيس» هو أول فيلم يقدم الانفتاح الاقتصادى والمتغيرات التى حدثت فى المجتمع المصري، ولكن لا شك أن عاطف الطيب كان هو أغزر أبناء جيله - ولا يزال بعد رحيله - فى عدد الأفلام التى قدمها – 21 فيلماً – ولاحقه فقط مؤخراً محمد خان.
فى مجمل أفلام الطيب تستطيع أن ترى أنه يقدم السينما كما يريدها وبشروط لا تتناقض مع السوق، تختلف أعماله أحياناً ولكن بدرجة لا تصل إلى حد التناقص. وقد جاء فيلمه «سواق الأتوبيس» متصدراً سينما هذا الجيل ومعلناً ليس فقط عن اسم «عاطف الطيب» ولكن أيضاً عن جيل جديد من المخرجين باتجاهات مختلفة.
إن «حسن» بطل «سواق الأتوبيس» هو أحد أبطال حرب 73 الذين دفعوا الثمن، ولكنه يجد أن الآخرين قد حصدوا معظم المكاسب بعد أن فرضت التحولات السياسية والاجتماعية نمطاً استهلاكياً مختلفاً، وعليه إما أن يخضع لهذا النمط أو يواجه طواحين الهواء، ليكتشف أن عليه أولاً أن يواجه نفسه وأن ينتصر على السلبية التى فرضت نفسها عليه. كانت القفزة الثانية للطيب بعد «سواق الأتوبيس» بمعالجة سينمائية لقصة نجيب محفوظ «الحب فوق هضبة الهرم» وشارك بهذا الفيلم فى أسبوعى المخرجين بمهرجان كان السينمائي. هذه الرؤية السينمائية نالت إعجاب الكاتب الراحل نجيب محفوظ الذى تنبأ بمستقبل واعد لعاطف الطيب.
وقال صاحب نوبل عن الفيلم «لقد قدمت لى السينما العشرات من الأفلام، ولكنى أعتقد أن الحب فوق هضبة الهرم من المعالجات السينمائية الجيدة التى لم تستغل الأصل الأدبى لأسباب لا تمت للأدب أو الفن بصلة، إنما حول القصة الأدبية إلى شكل سينمائى متميز جعل منها بالفعل علامة مهمة فى تطور السينما فى مصر، وجعل من مخرجها بحق عميداً للخط الواقعى فى السينما المصرية الحديثة». انتهت كلمات أديبنا الكبير.
ولأن عاطف الطيب كان مخرجاً لديه وجهة نظر وليس مجرد مخرج حرفى يجيد فقط «الديكوباج»، وهو تحديد اللقطات والزوايا وحركة الكاميرا، فإن الفيلم عنده كالطفل حين يمر بمرحلة حمل وحضانة وطفولة ومراهقة حتى يصبح قادراً على التنفس مع الناس، ولهذا فإن كل التفاصيل الدقيقة التى تسبق ولادة الفيلم يعيها الطيب ليجسدها لنا بعد ذلك فى فيلمه على الشاشة.
ومن أفلامه الاستثنائية «البريء» الذى تجرى أحداثه من دون تحديد الزمان والمكان، ورغم ذلك يحمل جرأة كبيرة تفضح تسلط الدولة وديكتاتورية الحكم، ولهذا تعاملت الرقابة بشراسة مع الفيلم وأفرج عنه بعدما حذفت منه أكثر من 15 دقيقة. الفيلم يقدم البراءة فى قفص الاتهام، إذ لا يكفى أن تكون بريئاً وطاهراً حتى تعرف من هو العدو من الصديق، ولكن ينبغى أن تملك النضوج وأن تتسلح بالمعرفة والثقافة لتستطيع توجيه شحنتى الحب والغضب.
إنها مقاربة لمفهوم الحرية والقهر، حيث يصبح السجين هو السجان وتختلط جدران السجن بحدود الوطن، وعندما يتحرر الإنسان من داخله يستطيع أن يحرر أيضاً الوطن، لأن الوطن ليس هو مساحة الأرض التى نعيش عليها بقدر ما هو إحساس الكرامة الذى نحياه!!
ونتوقف مع فيلمه الذى أستعيده كثيراً وهو «الهروب»، حيث يعلن الفيلم بإيحاء فنى أن السلطة ليست دائماً هى الشرطى الذى يطارد المجرم، ولكنها أحياناً تصبح المجرم الذى يحاول الإفلات من عقاب الشرطة.
يوصف فيلم «الهروب» بأنه الأجرأ فى تاريخ السينما المصرية، وربما كان ذلك صحيحاً إلى حد بعيد، ولكن ليست الجرأة فقط هى سر هذا الفيلم، كما يوصف أيضاً بأنه كان الأسبق فى انتقاد العديد من السلبيات الاجتماعية والسياسية. وربما كان هذا أيضاً صحيحا،ً حيث يناقش الفيلم قضايا الناس الملحة، ولكن ليس السبق وحده هو سر هذا الفيلم، ربما تكون هناك أفلام أسبق أو أجرأ، لكن لا شك أن الهروب هو الأصدق. زاوية رؤية المخرج ليست هى فقط تشكيل الصورة فى الفيلم، ولكن اكتشاف زاوية جديدة وأماكن إبداع مختلفة داخل الممثل، وقد كان عاطف الطيب دائما قادراً على اقتناص لمحة جديدة ونبرة مختلفة ربما لم يكن يدركها الفنان نفسه من قبل، وهذا هو ما يمكن أن نكتشفه مثلاً فى أداء بطلة الفيلم لبلبة بفيلم «ليلة ساخنة».
الأحداث الساخنة هى التى تكشف المخرج، لأن عليه ألا تأخذه سخونة الحدث عن تأمله وأحداث فيلم «ليلة ساخنة» أكدت أن عاطف الطيب مخرج يجيد التأمل والهدوء فى عز لحظات الغليان، فكان «ليلة ساخنة» هو فيلم الوداع وترنيمة شجية لمخرج ودع حياتنا ولكنه لا يزال يسكن مشاعرنا. نعم من الناحية النظرية لا يمكن أن نغفل فيلم «جبر الخواطر» المأخوذ عن رواية عبد الفتاح رزق ولكن الحقيقة هى أن عاطف الطيب رحل بعد التصوير وقبل أن يشرع فى المونتاج وهى أهم مرحلة فى رحلة الفيلم السينمائي، كما أن عاطف الطيب كان يعتبر أن المونتاج هو الرؤية النهائية للفيلم، أتذكر أننى بعد عرض «جبر الخواطر» كتبت مقالاً كان عنوانه «عاطف الطيب يموت مرتين» كنت أقصد أن زملاءه الذين أشرفوا فى غيابه على المونتاج لم يمنحوا الشريط السينمائى ما يستحقه ولهذا فأنا أعتبر أن الطيب أنهى رحلته مع « ليلة ساخنة». كانت الحرية والرغبة فى تحطيم القيود هى الهاجس الذى يحرك شحنة الإبداع داخل «عاطف الطيب»، ولأنه كان صادقاً فى انفعاله فإن روحه أيضا تحررت مبكراً من قيود الجسد، لكن أتوبيس «الطيب» السينمائى لا يزال منطلقاً، أراه دائماً كلما لمحت عملاً سينمائياً ينضح بالجمال والصدق والإبداع على الفور أتذكر أنه كان يعيش بيننا قبل 17 عاماً عنواناً مضيئاً للجمال والصدق والإبداع، وكما وصفه بحق نجيب محفوظ بقوله إنه «عميد الواقعية فى السينما المصرية الحديثة».
نشر بتاريخ 11/3/2013 العدد 639


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.