خاضت المنطقة حروباً امتعددة مع الغرب منذ الحروب الصليبية حتي احتلال العراق وفي كل مرة تفرض علي المنطقة العربية والاسلامية الحروب باسماء مختلفة وبذرائع متعددة ومنذ أن انتهت الحروب الصليبية أخفي قادة الغرب مفهوم الصراع الديني واستبدلوه بحرب المصالح تارة من اجل التوابل والوصول إلي الهند عبر السيطرة علي طرق التجارة وتارة بهدف تهيئة المنطقة التي تقاسموها ومن ثم جعلها دولا في المنظومة الدولية الجديدة فتعددت التسميات كالحماية والوصاية والانتداب ووسموا انفسهم بالمستعمرين من الإعمار وانطلت التسمية علي الجميع وتزامن الاحتلال في القرن المنصرم مع تدفق النفط ومحاولة السيطرة علي قناة السويس ولهذا زرعوا كيانا غريبا في فلسطين بذريعة الحق التاريخي لليهود في فلسطين ولعل الناظر للدول العربية يجد قواسم مشتركة بينها في ضعف التنمية وغياب الصناعات الثقيلة والتقنية الحديثة وهذا ما جعلها بلادا مستهلكة غير منتجة وكلما حاولت دولة عربية النهوض كانت النتيجة تدمير كل ما تبنيه وإعادتها إلي الوراء سنوات وهذا ما حصل لمصر مرتين في تجربة (محمد علي) في القرن التاسع عشر وتجربة (عبد الناصر) في القرن العشرين وأخيرا تدمير العراق الذ تم علي مراحل بدءا بتدمير مفاعل تموز العراقي من قبل الكيان الصهيوني واغتيال الكفاءات التي بنت هذا المفاعل , وبعد ذلك تدمير القوة العسكرية والبنية التحتية العراقية في عدوان 1991 ومن ثم فرض حصار خانق عليه وانتهاء بغزوه عام 2003 , ونتيجة هذا الغزو دمرت المعامل واغتيلت الكفاءات وخربت الزراعة وبات العراق من أكثر الدول فسادا وبطالة وغيابا للخدمات . وبين هذا وذاك لم تتوقف الحرب الثقافية ومحاولة نزع الدين الاسلامي أو تشويه صورته وعده من أسباب تخلف المسلمين . فانتشرت البعثات التنصيرية في العالم الاسلامي , ونظام الدراسة الغربي , وكذلك شجع الغرب علي انتشار الرذيلة بين الشباب المسلم بغية تدمير الجيل وجعله منفصلا عن قيمه الروحية فهل كانت حروب الغرب معنا في القرن العشرين وزرع الكيان الصهيوني حربا دينية ..؟ وهل مازال الغرب يشن حروبه المختلفة الاقتصادية والعسكرية والثقافية لأسباب دينية ..؟ وهل غزت أمريكا العراق بمفاهيم دينية ..؟ لعل الإجابة تطول ولكن الواقع يؤكد ذلك .. ويؤكد علي حقيقة ناصعة وهي منع العرب من النهوض أو الإفادة من ثرواتهم بأساليب مختلفة سواء بجعلهم دولا مستهلكة أو شعوبا مقموعة ليكون الغرب المكان الطبيعي للطاقات العربية الخلاقة التي لاتجد مكانا للبحث العلمي في بلادها أو أخري تبحث عن بقعة تجد فيها إنسانيتها المفقودة ..! مشاكل الإنسان العربي أكثر من أن تعد .. ولعل قضيته المحورية (فلسطين) باتت قضية من قضايا أخري كاحتلال العراق , وتدمير الصومال , والمصير الغامض الذي ينتظر السودان ..؟! وربما أن قضية الدولة الفلسطينية الموعودة تثير في النفس العربية تساؤلات أمام تقاتل الاخوة في غزة والضفة والانقسام إلي حكومتين وإلي مرجعيتين ... كلما تغيرت ادارة امريكية ردد رئيسها الجديد عبارة ً باتت مؤلفة ً لدي العرب علي مدي ستين عاما (أمريكا تلتزم بأمن اسرائيل) والرئيس الحالي باراك اوباما زاد عليها بأن ادارته لن تسمح بكسر اسرائيل أو إضعافها .. فلماذا هذا الدعم الأمريكي لهذا الكيان وهل تحرص أمريكا علي ارضاء بضعة ملايين من اليهود ولايهمها غضب مليار ونصف المليار من المسلمين ...؟ فهل لسيطرة اليهود علي المال والاعلام في امريكا دورفي الهيمنة علي القرار الأمريكي ...؟ أم أن هنالك روابط دينية ً بين اليهود والبروتستانتية المتصهينة التي تلعب دورا كبيرا في صناعة القرار في أمريكا ..؟ أم أن هؤلاء اليهود ليسوا سوي أجراء في المنطقة يعملون علي تحقيق المصالح الغربية وعلي رأسها مصالح امريكا ..؟ وإذا كانت المعادلة ُالتي اُسس عليها الكيان الصهيوني قائمة علي الحروب والنزاعات , فهل يمكن أن يتحقق مايسمي بالسلام بين الصهاينة والفلسطينين علي ارض فلسطين وبين الصهاينة والعرب ..؟ والصهاينة في أدبياتهم يقولون :إن السلام يعني نهاية الكيان ووجودهم علي ارض فلسطين .؟ واذا كان عام 2005 قد مرّ علي انقضائه اربعة اعوام ولم تر الدولة الفلسطينية النور كما زعم بوش وتعهد بذلك فهل سنشهد ظهور دولة فلسطينية كما تعهد اوباما ..؟ الواقع يقول : لا ...! لأن الغرب هو من أوجد هذا الكيان وهو حريص عليه وهو خارج مايسمي بالشرعة الدولية وقرارات مجلس الأمن . من خلال علاقة الغرب بالمنطقة يتضح أن الغرب حريص علي أن يبقي الفجوة العلمية لصالحه وبالتالي تكون الدول العربية مستهلكة تابعة له , كذلك حرصه علي إبقاء العرب شعوبا وقبائل وتركيز حالة القطرية في كل بلد ومنع الوحدة وذلك بتنوع النظم السياسية بين البلاد العربية .. وقد كان لإنشاء دولة إسرائيل دور مهم في فصل شطري الوطن العربي وإعاقة التنمية في الدول العربية المحيطة بها . لكن رغم كل ما تحدثنا عنه إلا أن العرب يساهمون في حالة الضعف العلمي والاقتصادي والتنموي فالمال العربي مودع في المصارف الامريكية والاوربية أو يصرف علي ملذات خاصة ومشاريع استهلاكية وترفيهية وقنوات تقدم الثقافة الهابطة . والبلاد العربية من أكثر بقاع الأرض بطالة إضافة لغياب الحالة المؤسساتية في أغلب الدول العربية ومشاكل كثيرة باتت معروفة لأي مواطن عربي . أحمد الهواس