رسم الكاتب الأمريكي آرون ديفيد ميلر سيناريو لما قد يحدث إذا لم تتوصل القوي الغربية لأي اتفاق مع إيران حول برنامجها النووي وذلك بعد أن هدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس الثلاثاء بالانسحاب من المفاوضات النووية إذا لم تلتزم إيران بالمبادئ التي تم الاتفاق عليها في أبريل الماضي. ذكر الكاتب الأمريكي - في سياق مقال نشرته صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية على موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء - أنه على الرغم من توصل المفاوضين إلى اتفاق بتمديد موعد المفاوضات رسميا الى السابع من يوليو الجاري، ثمة سؤال حول ماذا سيحدث إذا لم تتمخض المحادثات عن أي اتفاق؟. قال إن "الكثير يعتمد على كيفية انهيار المحادثات، فالمسئول عن ذلك سيكون مهما في تحديد الموقع السياسي الذي يتبع حتما فشل الصفقة، فإذا فشلت المفاوضات لعدم تخلي الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي عن أي من الخطوط الحمراء (غير المعقولة) التي أعلن عنها بوضوح الأسبوع الماضي، قد يكون الوضع أقل حدة، وبالتالي سيبقى نظام العقوبات ضد إيران أو قد يتصاعد مع إدراك المجتمع الدولي أن إيران كانت طرفا غير متعاون أو أن مفاوضيها قد تم التلاعب بهم". من ناحية أخرى، إذا كان انهيار المفاوضات بسبب اعتقاد روسيا والصين، قليلا الاهتمام بالبرنامج النووي الإيراني على عكس الأعضاء الدائمين الآخرين في مجلس الأمن الدولي، أو ألمانيا، أن واشنطن لم تبذل جهودا كافية، فقد يؤدي هذا الأمر إلي ضعف العقوبات المفروضة، وقد يبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن وسيلة لإثبات استقلاليته عن مجموعة الدول (5+1) وسيعمل على توسيع نطاق الفرص التجارية الروسية - الإيرانية. أضاف الكاتب أنه "إذا ظهر الكونجرس على أنه هو من أفشل الاتفاق، سيبدي الفرنسيون والبريطانيون استعدادا أقل أيضا للإبقاء على عقوبات صارمة، لا سيما إذا كانت إيران تظهر على أنها أبدت مرونة حقيقية. مضى ميلر يتساءل في مقاله "ما إذا كان إنهاء الدبلوماسية سيؤدي إلى أزمة فورية ؟"، وقال إن "مسئولي الإدارة الأمريكية سيرغبون في خلق صورة أن الحرب والأزمة هما البديل لفشل الاتفاق النووي"، ورأي أنهم يعتقدون ذلك بالفعل، ولكن الاتفاق المؤقت الذي تم التوصل إليه في نوفمبر 2013 كان من الممكن أن يوجد حالة من الاستقرار، وهو يخدم بالفعل - على الأقل مؤقتا - مصالح الطرفين. أشار ميلر إلي أن الكثير سيعتمد على كيفية استجابة إيران، وتساءل "ما إذا كانت طهران ستسرع الخطى في برنامجها النووي لتظهر للعالم أنها جدية ولا يمكن لأحد أن يملي عليها ما تفعله ؟"، ورأى أنها لن تفعل ذلك على الأرجح، فالاحتمال الأكثر ترجيحا هو أن تبقى إيران كامنة عدة أشهر على الأقل جزئيا، لمعرفة المميزات التي قد تحصل عليها من محاولة تقسيم التحالف وإلحاق أضرار بالحشد الدولي ضدها. أوضح أنه ليس لطهران مصلحة في إثارة رد فعل عسكري ضد المواقع النووية الإيرانية، فعلى الأقل سوف ترغب في معرفة ما إذا كان انهيار المفاوضات قد لا يسمح بالعودة إلى طاولة المفاوضات تحت شروط أكثر ملاءمة.. ومازال النظام الإيراني، وبالتأكيد الفصائل الأكثر تشددا في إيران، يعتقد أن الغرب يحتاج هذه الصفقة أكثر منهم. ومن المفارقات، أن هذه الثقة الزائدة قد تخفف من استعداد إيران للمواجهة. يتساءل ميلر "ما إذا كان انهيار الدبلوماسية سيعني الحرب ؟"، مجيبا أن هذا الأمر ليس بالضرورة، لأن تكاليف المخاطرة بعمل عسكري كبيرة على أية جهة.. فإذا لم يحدث أي اتفاق من المرجح أن تحاول إسرائيل النظر في كيفية تحويل هذا الفشل لصالحها، ولا سيما إذا وقع اللوم على إيران لانهيار المفاوضات، وستلعب إسرائيل على وتيرة "لقد قلت لكم ذلك مرارا وتكرارا" وربما ستقوم بحملة لزيادة ضغط العقوبات، ولا يرغب الإسرائيليون في الاعتراف بذلك، ولكن الاتفاق المؤقت الذي تم التوصل إليه في عام 2013 كان أفضل مما كان متوقعا.. وفي الوقت نفسه، فإن إيران لا تريد الضغط على إسرائيل أو الولاياتالمتحدة من خلال صنع قنبلة نووية، على الأقل ليس قبل دراسة طهران لجميع الخيارات. يرى ميلر أن الحقيقة المؤلمة سياسيا هو أنه سواء هناك صفقة أو لا، فإن أخطر تهديد تشكله إيران في الوقت الراهن هو سلوكها في المنطقة، وليس القنبلة، وأنه سواء كانت طهران عازمة في نهاية المطاف على تسليح نفسها من عدمه، فإن خطرها الحقيقي يكمن في سعيها لزيادة نفوذها في العراق ودعم نظام الأسد في سوريا وتقديم الدعم في اليمن ضد السعوديين ودعم وتسليح حزب الله في لبنان. كتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر مؤخرا حول التهديدات التي تشكلها إيران، قائلا إن "الفشل في التوصل إلى اتفاق قد يعطي بالتأكيد الضوء الأخضر لإيران لصناعة سلاحها النووي وبمرور الوقت ستواجه إسرائيل، ولكن خيار إيران الأفضل هو الحفاظ على سعيها لتشكيل منطقة نفوذ في المنطقة معادية تماما لمصالح الولاياتالمتحدة.. ولسوء الحظ، فإنه من المرجح أن تستمر في هذا المسعى سواء تم التوصل إلى اتفاق النووي أو لا".