أعظم دليل على الانتصار الكبير الذى حققه الجيش المصرى فى حرب أكتوبر عام 1973 هو شهادة قادة العدو فى تلك الحرب،ففيها اعتراف بالهزيمة وبعظمة الإنجاز المصرى وبقدرة المصريين على تحقيق المستحيل، وبسبب تلك الهزيمة التى ألحقتها القوات المصرية بالإسرائيليين فى أكتوبر 1973، لا يزال الإسرائيليون يحسبون لنا ألف حساب، فجولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل أثناء حرب أكتوبر تبدأ الحديث عن ذكرياتها عن حرب أكتوبر 1973 والتى دونتها فى كتاب «حياتى» بالقول إن الكتابة عن تلك الحرب كانت من أصعب ما كتبت فى تلك المذكرات ككارثة ساحقة وكابوس عاشته بنفسها وظل باقياً معها على الدوام أعظم دليل على الانتصار الكبير الذى حققه الجيش المصرى فى حرب أكتوبر عام 1973 هو شهادة قادة العدو فى تلك الحرب،ففيها اعتراف بالهزيمة وبعظمة الإنجاز المصرى وبقدرة المصريين على تحقيق المستحيل، وبسبب تلك الهزيمة التى ألحقتها القوات المصرية بالإسرائيليين فى أكتوبر 1973، لا يزال الإسرائيليون يحسبون لنا ألف حساب، فجولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل أثناء حرب أكتوبر تبدأ الحديث عن ذكرياتها عن حرب أكتوبر 1973 والتى دونتها فى كتاب «حياتى» بالقول إن الكتابة عن تلك الحرب كانت من أصعب ما كتبت فى تلك المذكرات ككارثة ساحقة وكابوس عاشته بنفسها وظل باقياً معها على الدوام تتحدث جولدا مائير عن معلومات وصلت للقيادة الإسرائيلية عن حشود على الجبهتين المصرية والسورية فى مايو 1973 وحينها قررت التعامل مع الموقف بجدية رغم أن رجال الموساد رأوا أن الحرب لن تندلع، ثم حدث فى سبتمبر من نفس العام أن عادت الحشود على الجبهة السورية وتطور الأمر إلى مواجهة جوية فى 13 سبتمبر أسفرت عن إسقاط 13 طائرة ميج سورية وبعدها توقع رجال المخابرات الإسرائيلية أن سوريا لن تقوم برد فعل قوى، وتشير مائير فى الفصل الخاص بحرب أكتوبر فى مذكراتها إلى اجتماع القيادة الإسرائيلية يوم الثالث من أكتوبر بحضور قادة الجيش والذى خلص فيه الحاضرون إلى أنه رغم الحشود السورية فإن القوات السورية لن تهاجم إسرائيل بمفردها وأن الحشود المصرية تعود للمناورات التى تقام فى مصل هذا الوقت من العام ولأنه لا داعى لاستدعاء احتياطى الجيش الإسرائيلى. وتحكى مائير عن تقرير وصل إليها يوم الرابع من أكتوبر اى قبل اندلاع الحرب بيومين يفيد بأن عائلات المستشارين العسكريين الروس فى سوريا تحزم أمتعتها وترحل على عجل، ورغم أن تلك المعلومة أثارت قلقها غير أنها وجدت عدم أكتراث من وزير الدفاع ورئيس الأركان بل أكدا لها أن هناك تعزيزات إسرائيلية لمواجهة اى متاعب، كما أن الجيش – خاصةً سلاحى الطيران والمدرعات – وضعا فى أقصى حالات التأهب، وفى ظهر اليوم التالى – يوم 5 أكتوبر – عقدت مائير اجتماعاً مع رئيس الأركان ومدير المخابرات و9 من وزراء الحكومة فى تل أبيب وخلص الجميع إلى نفس النتيجة وهى أن الحرب لن تندلع ، بل تشير مائير إلى أن المصادر الأجنبية التى كانوا على اتصال مستمر معها وصلت إلى نفس النتيجة. ربما يدفعنا ذلك إلى الحديث عما ذكرته كشفت عنه صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية قبل عدة سنوات عن شهادة رئيسة الوزارء الإسرائيلى السابقة جولدا مائير فى لجنة التحقيق الرسمية بحرب أكتوبر والتى جاء فيها معلومات ظلت طى الكتمان لسنوات حول لقائها بالملك الأردنى حسين بن طلال والذى أبلغها بأن سوريا ومصر تستعدان لشن حرب إلا أنها تجاهلت الإنذار الواضح،ففى المذكرات تشير إلى معلومات من شخصية هامة لم تفصح عن اسمها أخبرتها بيوم الحرب ولكن أفادت تلك الشخصية بأن الحرب ستندلع فى السادسة مساء، وأكد السفير محمد بسيونى فى لقاء تليفزيونى أجراه منذ عامين على إحدى الفضائيات نفس المعلومة ولكن يضيف أن أشرف مروان سكرتير الرئيس السادات السابق قام بدور بارز فى إقناع مائير بعدم صحة تلك المعلومات مشيراً إلى أنه لعب دوراً بارزاً فى خطة الخداع الاستراتيجى المصرية، وفى الرابعة من صباح يوم 6 أكتوبر تلقت مائير اتصالاً من سكرتيرها العسكرى يفيد بأن المصريين والسوريين سيشنون هجوماً «فى وقت متأخر من بعد ظهر اليوم وعلى الفور طلبت عقد اجتماع عاجل فى الصباح بحضور قادة الجيش ووزير الدفاع وتقول إن وزير الدفاع أوصى بتعبئة كل سلاح الطيران و4 فرق لمواجهة الموقف وأضاف أنه لو تم الاستدعاء فوراً سيكون بإمكان تلك القوات التحرك والعمل فى صباح اليوم التالى أما موشى ديان فكان يفضل تعبئة سلاح الطيران مع فرقتين فقط واحدة للجبهة المصرية وأخرى للجبهة السورية، وبرر ذلك بأنه لو تم الإعلان عن التعبئة العامة قبل إطلاق رصاصة واحدة فسوف يكون ذلك بمثابة الذريعة للعالم وتتهم إسرائيل بأنها دولة معتدية وكان يرى أن سلاح الطيران وفرقتين تكفى لمعالجة الموقف، فإذا ساء الموقف يمكن استدعاء المزيد من القوات خلال ساعات، وخلال هذا الاجتماع أراد قائد سلاح الطيران أن تقوم إسرائيل بضربة إجهاضية بسلاح الطيران عند الظهر ما دام قد بات واضحاً أن الحرب لا مفر منها،ولكن رأت جولدا مائير أنه لا داعى للضربة الأولى ووقفت ضدها قائلة إنها لا تعلم ما يخبئه المستقبل لإسرائيل وهناك احتمال لأن تحتاج إسرائيل للمساعدة فإذا ما قامت بالضربة الأولى فلن تحصل إسرائيل على شىء من أحد! وانفض الاجتماع ولكن طلبت مائير عقد اجتماع آخر لمتابعة الموقف ظهر يوم الحرب وخلال هذا الاجتماع وردت لها الأنباء عن بدء الهجوم المصرى – السورى، تقول مائير «كان هناك تفوق ساحق علينا من الناحية العددية – سواء فى الأسلحة والدبابات أو الطائرات والرجال، وكنا نقاسى من انهيار نفسى ساحق» وتضيف: «لم تكن الصدمة فى الطريقة التى بدأت بها الحرب فحسب بل أيضاً فى حقيقة أن عدداً من افتراضاتنا الأساسية كانت خاطئة، فقد كان احتمال الهجوم فى أكتوبر يبدوا ضئيلاً وكنا على يقين بأننا سنحصل على الإنذار الكافى قبل وقوع الهجوم وكان هناك أيمان بأننا سنتمكن من منع المصريين من عبور قناة السويس».وتحكى مائير فى مذكراتها أنه فى عصر يوم 7 أكتوبر عاد موشى ديان من زيارة للجبهة المصرية وطلب مقابلتها وأخبرها بأن الموقف فى غاية السوء وأنه يتعين على القيادة القيام بانسحاب جذرى وإقامة خط دفاع جديد،وفى نفس اليوم تم الاتفاق على القيام بهجوم مضاد فى اليوم التالى. وفى اليوم الثانى للحرب بدأت إسرائيل فى مباحثات مع الولاياتالمتحدة للحصول على مساعدات فى إشارة إلى أنها تكبدت خسائر فادحة منذ الموجة الأولى للهجوم على الجبهتين، وتضيف مائير أنه فى اليوم الخامس للحرب تمكنت القوات الإسرائيلية من دفع الجنود السوريين إلى العودة عبر خطوط وقف إطلاق النار عام 1970 وفى الجنوب على جبهة سيناء تصف الوضع بأنه كان هدأ نسبياً وتقول إنها فكرت فى قيام الجنود الإسرائيليين بعبور القناة ولكنها تراجعت عن ذلك، وتشير مائير إلى بداية الجسر الجوى الأمريكى فى التاسع للحرب والذى تقول إنه رفع من الروح المعنوية للإسرائيليين وأوضح الموقف الأمريكى أمام الاتحاد السوفييتى وساعد إسرائيل من الناحية العسكرية بل وتقول إنها بكت عندما علمت أن طائرات جالاكسى للنقل العسكرى هبطت فى مطار اللد وكان ذلك هو أول يوم تعلن فيه إسرائيل عن خسائرها، حيث مات لها حتى اليوم التاسع حوالى 656 إسرائيلياً. وننتقل من مذكرات جولدا مائير عن الأيام الأولى لحرب أكتوبر إلى مذكرات موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى إبان حرب أكتوبر فقد ذكر أنه تلقى اتصالاً هاتفياً يفيد بأن مصر وسوريا تستعدان لشن هجوم قبل غروب شمس يوم 6 أكتوبر، ويشير إلى أن تلك كانت رسالة من المخابرات حول قرار العرب بالحرب ولم تكن تقريراً بشأن نشاط القوات المصرية والسورية على الجبهة، ويقول فى موضع آخر أنه رغم وجود دلائل على أن المصريين والسوريين على وشك القيام بشىء ما غير أن جميع التقديرات كانت تشير إلى أن النشاط العسكرى المتزايد على الجبهة الجنوبية هو مجرد تدريبات فيما يشير إلى نجاح مبهر لخطة الخداع الاستراتيجى المصرية. ويقول ديان: «ومع أننا لم نكن غافلين عن احتمال نشوب الحرب فإن حرب يوم كيبور «أكتوبر» اندلعت فى اليوم الوحيد الذى لم نتوقعها فيه،فقد جاءت فى يوم الغفران وهو اليوم الوحيد الذى يقضيه كل اليهود فى كل أنحاء العالم فى الصوم والعبادة، ويصف ديان الساعات الأولى للحرب قائلاً: كان اليوم الأول للقتال يوماً شاقاً علينا، فقد خسرنا كثيرًا من الرجال وفقدنا أراضى ومواقع غالية القيمة، وبالرغم من ذلك فإن تقرير رئيس الأركان الذى قدمه فى العاشرة مساء من اليوم الأول للحرب كان يتسم بالتفاؤل، وكان واضحاً أن مصر وسوريا حققتا فى الهجوم ميزتين على أقصى جانب من الأهمية: الأولى هى المبادرة فى بدء القتال والثانية هى التفوق الهائل فى القوى، وكان السبب فى تفاؤل رئيس الأركان راجعاً إلى إدراك أن هاتين الميزتين ان تبقيا طويلاً وذلك بمجرد أن تصل قوات الاحتياط الإسرائيلية إلى الجبهات فيما بين 24 و48 ساعة» ويصف ديان الساعات الأولى للقتال قائلاً إن الحرب بدأت بقصف جوى وأرضى لمعسكرات ومنشآت الجيش الإسرائيلى من الجيشين المصرى والسوري، وفى الجنوب تابع المصريون القصف مباشرة بعبور القناة على طولها فأقاموا الجسور واستخدموا الزوارق المطاطية، بل إن بعضهم عبر القناة سباحةً.،وحتى منتصف الليل كان المصريون قد نقلوا إلى الضفة الشرقية للقناة 300 دبابة من مجموع 2200 دبابة نقلوها إلى هناك وكان لديهم 1848 مدفعًا ميدانيًا تغطى المنطقة كلها وخصصوا لكل ميل من الأرض 50 مدفعاً مضادًا للدروع، بينما كان مجموع ما لدى إسرائيل على الجبهة 276 دبابة و48 مدفعًا ميدانيًا، ويقول: «بلغ عدد قوات المصريين مائة ألف رجل ضد 8500 من رجالنا» مشيراً إلى أن قوات المشاة المصرية كانت تلك المرة – على عكس المرات السابقة – مزودة بأعداد هائلة من الاسلحة المضادة للدروع ويحملون الصاروخ السوفييتى أستريللا الذى يستخدمه الفرد ضد الطائرات وقد عانينا أيضاً من نقص عددى فى الطيران إذ كان لدى مصر 600 طائرة وكان لدى سوريا 350 طائرة». ويصف ديان أحداث اليوم الاول خلال اجتماع القيادة فى اليوم الاول للحرب قائلا: «بات واضحاً أن الموقف على الجبهة الجنوبية ليس مرضياً فقد نجح المصريون فى عبور عائق القناة لكن السوريون لم يخترقوا خطوطنا بعد علاوة على ذلك فإن التعزيزات سوف تصل إلى الجولان فى أثناء الليل، الأمر الذى يجعل فيها مئات الدبابات عند ظهر اليوم التالى 7 أكتوبر أما الجبهة الجنوبية فلن يمكن أن يصلها سوى عشرات الدبابات يوم 8 أكتوبر وبناء عليه تم تغيير الخطة لتقوم الطائرات الإسرائيلية بضرب الجبهة المصرية لمساعدة القيادة الجنوبية، ويضيف أنه شعر بالقلق ولم يكن يشارك رئيس الأركان تفاؤله فقد حقق المصريون مكاسب هائلة وتعرض الإسرائيليون لضربة موجعة، فقد عبر المصريون القناة وأقاموا جسوراً نقلوا عليها المدرعات والمشاة ولم نكن قد فشلنا فقط فى منعهم، بل إننا لم نكبدهم سوى خسائر طفيفة فى الأفراد والمعدات». ويختم ديان هذا الفصل بالقول: «أصبح العبور حقيقة واقعة ولم تعد مواقعنا الحصينة سوى أفخاخاً للموجودين فيها إن لم نستطع رد المصريين إلى الضفة الغربية للقناة، وذلك ما لم أكن أفترضه مع رئيس الأركان وقائد الجبهة الجنوبية فى افتراض إمكانية حدوثه، ويقول إن القوات الإسرائيلية قاست كثيراً على الجبهة الجنوبية، حيث كان خط المواجهة على قناة السويس مباشرة ويضم 16 من الاستحكامات القوية التى عرفت باسم خط بارليف وكان كل منها يحارب كجزيرة منعزلة، ويقول ديان إن تلك المواقع تعرضت لقصف شديد بالمدفعية ثم لهجوم شامل بالدبابات والمشاة بعد العبور وقد سقطت جميع النقاط باستثناء نقطة بودابست القريبة من بورسعيد، ويحاول ديان تبرير النجاح المصرى بسوء التخطيط الإسرائيلى، حيث يقول إن فصائل الدبابات التى كانت موجودة فى تلك النقاط لم تكن متمركزة بينها كى تربطها ببعضها البعض ولهذا تمكن المصريون من تدميرها بل ويقول إن أفراد تلك النقاط لم يكونوا مهيئين للحرب بل من جنود الاحتياط الذين كما يدعى ديان مر عليهم عامان دون الحصول على تدريب عسكرى، والواقع أن ديان من هول صدمة العبور والإنجاز العسكرى المصرى حاول التقليل منه من خلال تلك المبررات التى تبدو واهية وربما لتبرير الفشل الإسرائيلى الذريع، وربما الحقيقة التى اعترف بها ديان فى تلك المذكرات هو أنهم خلال اليوم الأول للحرب خسروا 35 طائرة فى ساعات قليلة بفضل صواريخ الدفاع الجوى المصري نشر بالعدد 617 بتاريخ8/10/2012