فى الذكرى المئوية لمذبحة الأرمن التى حدثت فى 24 ابريل عام 1915 والتى اعترف بها الاتحاد الاوروبى الاربعاء الماضى تمكنا من الوصول الى آخر شهود تلك المذبحة المأساوية وتدعى «اليس ماركاريان» وتبلغ من العمر 80 عاما وتعيش فى مصر الجديدة والتى روت ل«صوت الأمة» قصة جدتها وأمها وخالاتها وكيف هربوا من المذبحة بعد تقديم خالتها كضحية وكيف تواصلت هى الاخرى مع خالتها فى السر وكيف سافرت الى تركيا متخفية وجمعت كل ذكريات عائلتها مع المذبحة وبكت وهى تروى ذكرياتها لنا. قالت «اليس ماركاريان» الارمينية المصرية إن جدتها ووالدتها شهدتا مذبحه الارمن التى حدثت عام 1915 وانهما تمكنتا من الهروب الى مصر بعد تقديم خالتها الكبرى ككبش فداء مقابل هروبهن من مصير مظلم شهده باقى الأرمن. وتابعت «اليس» أن المذبحة بدأت عندما ذهب بعض الجنود الأتراك الى جدتها فى بيتها الذى كانت تعيش فيه فى قرية صغيرة بتركيا تدعى بفره وطالبوها بالخروج من المنزل من أجل حمايتهم من حرب متوقعة فخرجت جدتها ومعها اطفالها الاربعة خاصة أنها قد فقدت زوجها قبل الحادث بأشهر قليلة عندما اختفى فجأة. ومضت تقول إن جدتها خرجت من منزلها ومعها اشياء بسيطة لانها كانت تعتقد انها ستعود مرة أخرى لمنزلها فحملت فقط الضروريات لكن طوال الطريق الذى حدده لها الجنود والذى كانت تخوضه مشيا كانت تكتشف اعدادا كبيرة من الارمن ويزداد هذا العدد يوميا بل رأت سقوطهم واحدا تلو الاخر من الجوع والتعب والتعذيب كما رأت بقر بطون الحوامل اللاتى خضعن للرهان من الجنود فى كون المولود الذى تحمله كل واحدة منهن ذكرا أم أنثى كذلك اغتصاب الفتيات من جنود أتراك ومجرمين خرجوا من السجون. ومضت تقول إن بداية انقاذ جدتها وامها جاءت على يدر رجل تركى ذى منصب كبير طلب من جدتها أن يتزوج ابنتها الكبرى تاركا لها الفرصة فى التفكير فوافقت جدتها مضطرة خوفا من أن تتعرض بناتها الثلاث وابنها الوحيد للقتل او الاغتصاب فرأت أن الحل الوحيد لتنجو بابنتها وأولادها الموافقة على تلك الزيجة. وأوضحت أن هذا الرجل التركى نفذ وعده وذهب بهم الى احد المنازل المهجورة مثل منازل كثيرة تركها الارمن وقام بتعيين عسكرى حارسا لهذا المنزل وليؤدى مطالبهم، منوهة أن جدتها أخذت عددا كبيرا من الفتيات معها وظلوا فى هذا المنزل حوالى ما يقرب من العامين حتى اتى الرجل التركى مرة اخرى واخبرها انه تم نقله الى منطقه اخرى ولا يستطيع حمايتها مرة أخرى. واشارت الى أن جدتها بدأت تخرج وتسير فى الطريق ومعها امها وخالتها الثانية وخالها الصغير حتى وصلت الى اسطنبول وكان فى ذلك الوقت قد خفت حدة المجزرة ووجدت منزلا مهجورا تمكنت من اللجوء إليه وكانت احيانا ما تذهب الى احدى جاراتها لتساعدها فى رعاية طفلها لكن الجوع كان يجبرها على سرقه الارز واكله كما كانوا يأكلون من الحشيش الذى يخرج من الارض من كثرة الجوع، وأثناء وجودها فى هذا المنزل فى اسطنبول رأت عسكرى تحت المنزل فعرفته فأرسلت له ورقة تسأله إذا كان هو شخص تعرفه كان جارا لها ام لا وتطلب منه الصعود للمنزل أن كان هو وبالفعل صعد لها هذا العسكرى واكد لها أنه جارها فى قريتها بفرة واخبرها أنه تم تجنيده اجباريا فطلبت أن يتزوج ابنتها الثانية خوفا من مصير مجهول وبالفعل تزوجها وهرب من التجنيد وكان يذهب الى العمل فى مطعم ليستطيع أن ينفق عليهم. واستطردت كانت جدتى لها اخان يعملان فى مصر فركبت سفينة متجهة الى مصر وكان فى هذا الوقت لا يوجد تذاكر للسفر أو جواز سفر أو غيره بالفعل وصلت هى وأمها وخالها إلى مصر وظل اخوها ينفق عليهم حتى دخلت امها وخالها المدرسة الارمينية. وأكدت «اليس» أن جدتها بعد سنوات طويلة تمكنت من عمل جواز سفر مصرى من خلال دفع رشوة وسافرت الى تركيا لرؤية بناتها لكن بعد عودتها ماتت وطلبت الا يسال أحد عن أى شىء رأته والا نذهب، واضافت اليس انها عندما بلغت 23 عاما سافرت لرؤية خالاتها وقامت خالتها المتزوجة من ارمينى بالاتصال بأختها الكبرى المتزوجة من تركى لتأتى وترى ابنة اختها لكن كانوا يتحدثون بالتركية خوفا من أن يعلم حفيد خالتها التركى ذو العشرة أعوام أن جدته أرمينية. وقالت اليس: خالتى التى تزوجت من تركى انجبت ثلاثة أبناء ولم تخبر اى أحد أنها أرمينية سوى ابنتها وعندما جاءت ابنتها معها لترانى تحدثوا بالتركيه حتى ارسلوا الولد الصغير للعب وتمكنا من الحديث بالارمينية، وأكدت اليس انها حتى الآن على صلة بأولاد خالتها التى تزوجت من ارمينى فى الوقت الذى قطعت فيه الصلة بأولاد خالتها التى تزوجت من تركى واخرج لها زوجها الذى عاش معها طيله حياته أوراق تثبت انها تركية حتى لا يعلم احد حقيقتها.