فى إحدى المدن الساحلية الشهيرة، خرجت الأم المسنة كالعادة تتحسس الشوارع حتى وصلت إلى هايبر شهير جداً فى تلك المدينة، وهناك التقطت كاميرات الأمن، لقطات لهذه السيدة تضع ما تطوله يدها فى جيب الجاكيت الذى ترتديه، وعلى الفور، جاءها رجل الأمن وطلب منها أن تأتى معه إلى مكتب المدير، وهناك طلب منها المدير أن تعيد ما أخذته وأن تنصرف فى هدوء. لم يستطع المدير الذى كان مقاتلا يدافع عن مصر فى حروب عدة أن يحرر محضراً ضد سيدة مسنة كهذه والتى يبدو عليها أنها «بنت ناس»، لكن الأمر تكرر أكثر من مرة، وفى كل مرة يقف المدير موقفاً شهماً معها ويجعلها تذهب إلى حال سبيلها. وفى المرة الأخيرة قرر أن يتخذ إجراء معها، حتى تتوقف عن السرقة، فطلب منها أن توقع تعهداً بعدم القدوم مرة أخرى إلى الهايبر، وإلا سيضطر إلى إبلاغ قسم الشرطة. رفضت السيدة أن توقع على التعهد، وتردد المدير «المقاتل» أن يبلغ الشرطة فى سيدة مسنة، فأمسك بتليفونها، واتصل بعدة أرقام حتى يعرف لها أهلا أو أقارب، فكانت المصيبة الكبرى أنه اتصل بابنها المسئول المهم. وبعد لحظات، كانت قوة من الشرطة تقتحم الهايبر، وبدلا من أن تقبض على السيدة المسنة، ألقت القبض على المدير، وجرجره العساكر على الأرض، وظل الضرب مستمراً حتى وصل قسم الشرطة. وهناك قال للضابط لا تستطيع القبض علىّ دون إذن نيابة، فضحك الجميع، وقال له أحدهم، (وحياة أمك .. إذن النيابة أهوه). ثم نفذ الضباط والأمناء الجزء الثانى من التعليمات التى جاءتهم من المسئول الكبير، بأن ربطه المخبرون من قدميه وعلق فى سقف الغرفة وأمسك أحد المخبرين بعصا رفيعة جداً، وانهال بها على جسده المتدلى. وعبثا حاول ان يفهم لماذا يحدث معه ذلك، وما هى تهمته، لكن لا حياة لمن تنادي، فالتعليمات واضحة وبسيطة من المسئول المفترض ان يكون ممثلا للعدل والقانون، «الضرب والاهانة حتى إشعار آخر». أربعة أيام دون تهمة، حتى شعر أحد الجنود بتأنيب الضمير، فعرف منه تليفون زوجته، واتصل بها وأخبرها بمكانه. وعلى الفور، بدأت الدنيا تنقلب، ولا تقعد، فالرجل ليس فردا عاديا، هو مقاتل مصرى شجاع، له من البطولة والشرف والوطنية ما تحميه من عبث الحمقى الذين يتصورون أن الناس أحذية فى أرجلهم، يخلعونها وقتما يريدون ويرتدونها وقتما يشاءون. وبالفعل حدث اتصال بأعلى سلطة سيادية، الذى انزعج رئيسها للغاية مما حدث، وأمر بأن يتم احتجاز المدير طرف هذه الجهة السيادية، إعمالا للقانون، وحتى لا يقال إن الجهة السيادية تعارض القانون أو لا تريد إنفاذه. المفاجأة أن المسئول بالجهة المحترمة لا يعلم أن والدته المريضة بداء السرقة والزهايمر، لها فيديو مصور، بكل أفعالها، وكان يعتقد بفعلته مع المدير أنه يريد أن يخفى مرض أمه، حتى لا يتم التشهير بسمعته وسمعة شقيقه الذى يعمل فى نفس الهيئة المحترمة.