رغم الآثار السلبية التى تركتها حادثة مجلة شارل إبدو فى نفوس الفرنسيين والعرب والمسلمين فى فرنسا، إلا أن الحديث عن الحادث بات من الذكريات التى لا يحب أحد الكتابة فيها فى الصحف الفرنسية إلا قليلا، وهنا الفرق بين مسئولية الإعلام عندنا وعندهم، الذى عادة ما يضخم كل كبيرة وصغيرة تحدث عندنا، مثلما نفعل. بينما إذا حدثت واقعة إرهابية صغيرة فى فرنسا، فان الإعلام الوطنى بالأخص يتجاهل الحادثة إذا لم يقع فيها إصابات أو وفيات، فقبل فترة كنت فى زيارة إلى باريس وفى المطار أوقفنى رجال الجيش الفرنسى المنتشرين فى كل مكان الآن، وطلبوا إثبات الشخصية وهو أمر نادر الحدوث فى هذه البلاد. ولما سألت الضابط عن السبب قال لى أن انفجارا وقع فى المطار قبل دقائق، وما أن ذهبت الى الفندق حتى وجدت خبر القنابل المصرية الثلاث التى انفجرت أمام مترو دار القضاء العالى هو الخبر رقم ثلاثة فى ترتيب أخبارالنشرة، بينما تجاهلت النشرة خبر انفجار قنبلة مطار شارل ديجول تماما. الآن الحياة فى باريس لا تخلو من مشاهد الجيش فى الشوارع والميادين والمزارت السياحية، وعادة تكون الدوريات ثلاثية تمشى فى الشوارع مدججة بأسلحتها وبدروعها وبالزى الكامل للطوارئ عدا الخوذة الحديدية التى يبدو أنها لا تستعمل سوى فى الحروب فقط. حاولت كثيرا أن أسأل الجنود فى الدوريات الثلاثية عن السبب فى انتشارهم لكنهم لم يكن مصرح لهم الحديث مع أحد، لكن المتابعين للأحداث أكدوا لى أن الرئيس الفرنسى وعد الفرنسيين بنشر الجيش قبل حادث شارل إبدو، لمزيد من الطمأنينة. فقد كانت هناك إخبارية بأن حادثا كبيرا سيحدث، لذا قرر الرئيس الفرنسى أن ينزل الجيش فى الشوارع لتوفير الأمان وطمأنة السكان، ثم سرعان ما تأكدت الأنباء، فقد أعلن الجيش الفرنسى أنه ينتظر حادثا أكبر وأضخم من شارل إبدو، وهو ما عكس توترا واضحا فى تحركات الجيش والشرطة. لكن الرعب الحقيقى يقع فى قلوب العاملين فى السياحة، فشبح ما يحدث فى مصر، يراودهم فى منامهم، ويخرج عليهم كالكوابيس، وهو ما ظهر فى احصاءات عمدة باريس التى قالت إن بدايات الموسم السياحى الحالى هى الأقل منذ عشر سنوات. باريس تستقبل وحدها 40 مليون سائحا طوال العام، رغم ان عدد سكانها لا يتجاوز ال 3 ملايين نسمة، وأن أسعار الفنادق والمحلات والايجارات، لم ترتفع كالعادة السنوية قبل بداية الموسم هذا العام، لذا فهناك قلقا من أن تؤثر توقعات الحادث الكبير القادم، على حركة السياحة هذا العام، والموسم على الابواب (يبدأ من شهر مايو).