أكد وزير الخارجية سامح شكري أن الصراع في سوريا أدى إلى نزوح ما يقرب من نصف الشعب السوري، مشيرا إلى أن عدد النازحين داخل سوريا نتيجة للصراع الدائر الممتد حاليًا بلغ نحو سبعة ملايين نازح وبلغ عدد اللاجئين لخارج البلاد نحو 4 ملايين لاجيء. وأضاف شكري في كلمته اليوم الثلاثاء أمام المؤتمر الدولي الثالث للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا "إن أعداد الضحايا في سوريا وصلت إلى ما يربو على 200 ألف قتيل وأضعافهم من الجرحى والمصابين "، مشيدا في الوقت ذاته باستضافة الكويت للمرة الثالثة لمؤتمر دعم الوضع الإنسانى في سوريا، وهو مؤتمر له تأثير بالغ على الأزمة السورية كونه يُساهم عملًا في تخفيف معاناة الأشقاء السوريين الذين اضطروا لترك منازلهم حماية لأنفسهم ولأولادهم. وقال في كلمته خلال المؤتمر الدولي الثالث للمانحين الذي تنظمه دولة الكويت " لقد مرت أعوام أربعة كاملة على بدء الأحداث في سوريا، فما انطلق في مهده احتجاجًا سلميًا وتعبيرًا عن تطلعات الشعب السورى في حياة ديمقراطية تعددية، لم يتم التعامل معه بالأسلوب الواجب، فتحول حربًا يموت فيها أو يُشرد الأطفال والنساء وأبرياء كثيرون دون حتى أن تكون لتضحياتهم أية نتيجة، فالحرب وبكل أسف مستمرة ولم تلح في الأفق حتى الآن بوادر انفراج الأزمة. وأضاف قائلا " كثيرًا ما أتساءل عندما أطلع على مشاهد الأطفال القتلى والمشردين منهم واليتامى... أليس هؤلاء مثل أولادنا وأحفادنا ؟... أليس لديهم تطلعات وطموحات في أن يصبحوا أعضاء فاعلين في مجتمع صحيح ؟... أليس من واجبنا عليهم أن نسعى صادقين لمساعدتهم بكافة الوسائل ولاسيما عبر العمل على إنهاء هذه الأزمة؟ ووجه الشكر إلى كل الدول المضيفة للاجئين السوريين على الدعم والمساندة التي يقدمونها لأشقائنا السوريين الذين يعانون من ويلات الحرب في بلادهم. كما أتوجه بالشكر إلى العاملين في المنظمات الإغاثية، سواءً تلك العاملة في سوريا أو تلك التي تعمل مع اللاجئين السوريين، وأتقدم بالشكر كذلك إلى المانحين الدوليين وبخاصة المشاركين اليوم في هذا المحفل. ونوه بأنه تشهد دول الجوار السوري منذ انطلاق الثورة السورية في عام 2011 وحتى الآن تدفقًا كبيرًا للأخوة السوريين الذين خرجوا من ديارهم ووطنهم هربًا من القتل والدمار. ويشير قرارا مجلس الأمن 2139 و2165 الصادران في 2014 أن مصر هي إحدى الدول الخمس الرئيسية المضيفة للاجئين السوريين جنبًا إلى جنب مع لبنان، الأردن، العراق وتركيا. وعلى الرغم من عدم وجود حدود مشتركة بين مصر وسوريا فقد بلغت أعداد من أتوا إلى مصر من الأشقاء السوريين بعد عام 2011 ما يزيد على 300 ألف؛ اختار عدد يقل عن نصفهم تسجيل نفسه مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين. هذا، ومن المتوقع أن تتزايد هذه الأعداد في ضوء امتداد الصراع في سوريا واعتماد مصر لسياسة عدم الإعادة القسرية لأي من المواطنين السوريين وكذلك السماح بلم شمل الأسر السورية المقيمة في مصر، حيث يعيش السوريون وسط أشقائهم المصريين في مختلف المدن والمحافظات المصرية. وأضاف شكرى أنه على الرغم من الأعباء الكبيرة التي يعاني منها الاقتصاد والبنية التحتية في مصر نتيجة للتطورات التي شهدتها البلاد والمنطقة في الأعوام الثلاثة الأخيرة، فإن الحكومة المصرية قد اتخذت قرارًا يسمح بتقديم الخدمات العامة بشكل كامل ومجاني للأخوة السوريين مثلهم في ذلك مثل المواطنين المصريين، حيث يحصلون على ذات الخدمات في قطاعات الصحة والتعليم، وهي القطاعات التي تحظى بدعم مالي كبير من الحكومة المصرية، حيث تقدم الحكومة خدماتها في تلك القطاعات بدون مقابل. وفي هذا الإطار فإن مصر تعد الأعلى في معدلات التحاق اللاجئين السوريين ممن هم في سن الدراسة من بين الدول المضيفة للاجئين، إذ وصل عدد المسجلين في المدارس إلى نحو 39 ألف طالب، وعدد المسجلين في الجامعات بلغ 14 ألفًا في العام الدراسي الحالي. ويبلغ العبء المالي الواقع على بند واحد من بنود الميزانية المصرية من جراء استضافة اللاجئين السوريين، وهو بند الدعم، إلى ما قيمته مليار جنيه مصري أي ما يعادل نحو مائة وخمسة عشر مليون دولار أمريكي. وشدد شكرى على أن مصر تدعم المسار المزدوج الجديد لخطة الاستجابة الإقليمية للاجئين السوريين "3RP"، والذي يعتبر الأول من نوعه من حيث التركيز على أهمية تطوير قدرات المجتمعات المضيفة للاجئين بنفس درجة التركيز على معالجة الأبعاد الإنسانية لأزمة اللاجئين. وأضاف، إننا نأمل أن يساعد هذا النهج المجتمعات المضيفة للاجئين والحكومات الوطنية على توفير الاحتياجات الضرورية اللازمة لمواجهة التحديات والأعباء التي يفرضها وجود تلك الأعداد الكبيرة من المواطنين السوريين بشكل يضمن الاستمرار في تقديم الدعم لهم. وأضاف إن المجتمعات المضيفة تتطلع لأن توفر المساعدات المقدمة من المانحين الدوليين، ما يتعدى الاحتياجات الأساسية لاستضافة الأخوة السوريين، بل أيضًا المساهمة في المكون الخاص ب " الصمود" في الخطة وهو المتعلق بتنمية وتطوير قدرات المجتمعات المضيفة. وقال شكري أنه على الرغم من إدراكنا للإجهاد الذي يعاني منه المانحون نتيجة لاستمرار مساهمتهم في التعامل مع الأزمات الإنسانية حول العالم، وفي الشرق الأوسط على وجه الخصوص، فإن العجز في توفير الدعم المالي للمنظمات الدولية المعنية لا يزال يشكل تحديًا ينبغي العمل على مواجهته، حيث إن نسبة العجز في توفير احتياجات الدول المستضيفة يصل إلى 50% وفي بعض الأحيان يبلغ 60 أو 70%، كما تقلصت ميزانية بعض وكالات الإغاثة الإنسانية. أما منظمات الأممالمتحدة العاملة في مصر والمعنية بتقديم خدمات للأخوة السوريين فلم تتلق سوى 706 آلاف دولار أمريكى وهو ما يمثل 1% من إجمالى الميزانية المخصصة لمنظمات الأممالمتحدة والمنظمات غير الحكومية التي تتعاون معها المقررة لعام 2015 والبالغة 189 مليون دولار. في المقابل، فإن الحكومة المصرية بحاجة لإنفاق 420 مليون دولار إضافية، منها 200 مليون دولار للمكون الخاص ب "الصمود" حتى يتسنى لها الاستمرار في تقديم خدماتها ورعايتها للاشقاء السوريين. وأعرب عن تضامن مصر، والتأكيد على عزمنا على استمرار وتطوير ما بدأناه، نجتمع للنظر والتنسيق في اتخاذ إجراءات إضافية من شأنها زيادة انخراط المجتمع الدولي في تخفيف المعاناة وتوفير الاحتياجات الأساسية لأشقائنا المنكوبين وبخاصة الأجيال الجديدة من الأطفال السوريين. ودعا شكري المانحين الدوليين للوفاء بتعهداتهم كاملة، لضمان ألا ينشأ جيل مفقود من الأشقاء السوريين لا يحظى بنصيبه من الخدمات الأساسية، وتأمل الحكومة المصرية قيام المانحين الدوليين بالإعلان عن تعهدات مالية تقدم في الإطار الثنائى للمكون الخاص ب "الصمود" بما يسهم في دعم قدراتنا الوطنية للاستمرار في دعم اللاجئين السوريين. وقال شكري لقد آن الأوان لأن نعمل بكل جدية وصدق على إخراج سوريا من محنتها، فهى في الحقيقة محنتنا جميعًا، وإن ضميرنا يلح علينا بكل تأكيد في أهمية السعى حثيثًاَ نحو حل سياسي حقيقى يحقق تطلعات الشعب السورى ويؤدى إلى التغيير المطلوب ويجنب هذا الشعب الشقيق في الوقت ذاته آفة التطرف والإرهاب المنتشر، فهذا الوضع الذي ينتج نزوحًا ولجوءًا وتطرفًا لا يمكن السكوت عليه سواء نظرنا إليه من منظور أخلاقى أو تعاملنا معه من منطلق المصالح وحسابات الأمن القومى الفردى والجماعى بالمنطقة العربية. وأضاف قائلا أنه بعد أن بات جليًا أن الحلول العسكرية في سوريا لن تنجح كما آمنت مصر منذ البداية، وعلى ضوء هذا التحدى فقد دعونا في شهر يناير الماضى لاجتماع قوى المعارضة والشخصيات الوطنية السورية التي اعتمدت رؤية مشتركة للحل السياسي المطلوب في نقاط عشر ضمن الإطار الذي ترسمه محددات وثيقة جنيف1 المعتمدة في 30 يونيو 2012، وذلك بهدف الانتقال إلى مرحلة حكم جديدة في سوريا تسمح بوقف القتل وحالة الاستنزاف التي يعيشها الشعب السورى، وتحافظ في الوقت ذاته على كيان الدولة ومؤسساتها منعًا للوقوع في آتون الفوضى الكاملة. وقال أن مصر تعتزم استضافة مؤتمر أكثر اتساعًا في الربيع الحالى بمشاركة القوى الوطنية السورية يعبر من خلاله المشاركون عن رؤيتهم لما يجب أن تكون عليه سوريا المستقبل، ونثق أن الدول العربية الشقيقة تبذل جهودًا في ذات الاتجاه، كما نأمل أن يقف المجتمع الدولى بأكمله داعمًا للرؤية والحلول السورية والعربية لهذه الأزمة التي طال أمدها على نحو لم يعد معه ممكنًا أن يتحمل السوريون أكثر من ذلك، منوها بما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسى في افتتاح القمة العربية في شرم الشيخ في 28 من الشهر الجارى فإن انعقاد القمة تحت عنوان التحديات التي تواجه الأمن القومى العربى إنما يمثل تعبيرًا عن إدراكنا لضرورة أن نتصدى لتلك القضايا دون إبطاء وتأجيل من خلال منهج يتسم بالتوازن والمصداقية عبر أدوات ذات تأثير وفاعلية.