وأصدر دستور برقة الذي كفل حرية العقيدة والفكر والمساواة بين المواطنين وحرية الملكية واعتبر اللغة العربية لغة الدولة الرسمية. ونص الدستور علي أن حكومة برقة حكومة دستورية قوامها مجلس نواب منتخب. وفي عام 1946 اعترفت إيطاليا باستقلال ليبيا وبحكم محمد إدريس السنوسي لها، ولم تكن إمارته كاملة السيادة بسبب وجود قوات إنجليزية وفرنسية علي أرض ليبيا. ونتيجة لمطالبة الليبيين بضرورة الاحتفاظ بوحدة الأقاليم الثلاثة برقة وطرابلس وفزان تحت زَعامة الأمير إدريس السنوسي أرسلت الأممالمتحدة مندوبها إلي ليبيا لاستطلاع الأمر وأخذ رأي زعماء العشائر بشأن من يتولي أمرهم فاتجهت الآراء إلي قبول الأمير إدريس السنوسي حاكماً علي ليبيا. وبعد انتخابه أسس السنوسي أول جمعية وطنية تمثل جميع الولايات الليبية في 25 نوفمبر 1950 وقد أخذت هذه الجمعية عدة قرارات في اتجاه قيام دولة ليبية دستورية، منها أن تكون ليبيا دولة ديمقراطية اتحادية مستقلة ذات سيادة علي أن تكون ملكية دستورية، وأن يكون الأمير السيد محمد إدريس السنوسي أمير برقة ملك المملكة الليبية المتحدة. ولكن لم يقبل الملك بذلك قبل أن يتم الانتهاء من وضع الدستور الليبي وبالفعل انتهت الجمعية الوطنية الليبية في السابع من أكتوبر من سنة 1951 من وضع الدستور الليبي الذي تم التصويت عليه من قبل أعضاء الجمعية الوطنية وكانت النتيجة الموافقة بالإجماع، ثم تم إقراره وإصداره في مدينة بنغازي. وفي يوم 24 ديسمبر 1951 أعلن الملك إدريس السنوسي من شرفة قصر المنار ببنغازي أن ليبيا قد أصبحت دولة مستقلة ذات سيادة اسمها المملكة الليبية المتحدة، عندما تم إعلان استقلال ليبيا كانت حياة الليبيين مثالاً للفقر والبؤس والتخلف، وكانت الأمراض والأوبئة تحصد أرواح الآلاف سنوياً. وكان أكثر من 90% من الشعب الليبي لا يعرف القراءة والكتابة وكان الغالبية الساحقة من السكان يعيشون في خيام أو أكواخ، ونسبة ضئيلة منهم يسكنون بيوتاً شبه مدمرة نتيجة الغارات الجوية للحرب العالمية الثانية. وكانت النظرة السائدة لليبيا هي أنها عبارة عن صحراء شاسعة لا تتوافر فيها اي مقومات للحياة بل كانت تعتمد علي معونات خارجية. ولتوضيح حالة ليبيا في تلك الفترة يكفي أن نذكر أن تقرير البنك الدولي لعام 1952 وصف ليبيا كثاني أفقر دولة في العالم بعد اندونيسيا. وخلال تلك الفترة لم يكن عدد الحاصلين علي مؤهلات عليا يتجاوز الشخصين، كما أن عدد التلاميذ في جميع مدارس ليبيا لم يتعد 200 طالب كما أن عدد خطوط التليفونات في ليبيا لم يزد علي 3 آلاف خط في طرابلس وبنغازي وعدد محدود من القري. عينَ الملك إدريس السنوسي أخاه محمد الرضا في 21 ديسمبر 1953 ولياً للعهد إلاّ أنه مات في في عام 1955، وبقي منصب ولي العهد خالياَ لفترة إلي أن أعلن الملك رسمياً عن تعيين ابن أخيه حسن الرضا ولياً للعهد في أواخر عام 1956 . انضمت ليبيا إلي جامعة الدول العربية في 14 ديسمبر 1953 وإلي هيئة الأممالمتحدة في عام 1955 . وخلال النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي اكتشف البترول في ليبيا وبدأ تصديره في عام 1961، وتسبب اكتشاف البترول في انتعاش اقتصادي بليبيا وترتب علي ذلك البدء في برنامج لتطوير البلاد اقتصاديا وتعليمياً بعد أن أصبحت ليبيا في غضون سنوات من اكتشاف البترول دولة غنية يأتي ترتيبها في المرتبة السابعة بين الدول المنتجة للبترول علي مستوي العالم وصار دخل المواطن الليبي في منتصف ستينيات القرن الماضي ثاني أعلي دخل في الوطن العربي بعد الكويت. كان الواضح أن الملك إدريس زاهد في حكم ليبيا، حيث أمر مصطفي بن حليم في عام 1954 بدراسة التحول من النظام الملكي للجمهوري ولكن قوبل هذا الطلب بالرفض التام. وفي عام 1963 قام الملك إدريس السنوسي بإلغاء النظام الفيدرالي، وأصبحت ليبيا منذ إصدار ذلك القرار تسمي المملكة الليبية بدلاً من المملكة الليبية المتحدة وأُعلنت طرابلس عاصمةُ للبلاد. ولي عهد إدريس السنوسي وهو الحسن الرضا كان وفياً لعمه الملك ورفض محاولات البعض تحريضه علي الانقلاب علي الملك والاستيلاء علي السلطة. وبعد انقلاب سبتمبر عام 1969، تعرض الحسن الرضا للسجن وعاش عشرين عاماً داخل ليبيا تحت الإقامة الجبرية ممنوعاً من السفر ومحروماً من العلاج والعيش الكريم إلي أن تمكن في أواخر الثمانينيات من مغادرة ليبيا للعلاج ببريطانيا وعاش بها خمس سنوات إلي أن توفي في لندن عام 1992 ونقل جثمانه إلي السعودية، حيث دفن بالبقيع في المدينةالمنورة. حكم الملك إدريس السنوسي ليبيا من سنة 1951 إلي سبتمبر 1969 وكان وقت وقوع الانقلاب في رحلة علاج بالخارج، حيث سافر الملك وزوجته في بداية صيف 1969 إلي الخارج. وقيل إنه كان ينوي ترك الحكم عند رجوعه للبلاد ليعود هو وزوجته كي يقيما بطبرق بعد تصديق البرلمان علي وثيقة التنازل عن العرش. وفي أوائل أغسطس 1969 بينما كان الملك في اليونان قبل انتقاله إلي مدينة بورصة التركية للعلاج أمضي وثيقة تنازله وتركها للشيخ عبدالحميد العبار رئيس مجلس الشيوخ الذي كان من المفترض أن يقدمها لمجلس الأمة الليبي رسمياً في الثاني من سبتمبر 1969، طبعاً لم تكن تلك سوي روايات الموالين للسنوسي والمتعاطفين معه ولكن كانت هناك أسباب دعت الليبيين لتأييد انقلاب القذافي في أول سبتمبر 1969 أولها القواعد الأجنبية خاصةً الأمريكية علي الأراضي الليبية وتنامي تيار القومية العربية، فضلاً عن الفساد الذي عانت منه الإدارة الليبية خلال تلك الفترة وسلبية الملك تجاه هؤلاء الفاسدين، الأمر الذي ولد حالةً عامة من السخط لدي فئات من الليبيين. في ليلة 31 أغسطس تحرك ضباط صغار بالمصفحات من ثكنات الجيش واستولوا علي الحكم. وخلال أيام الانقلاب الأولي زار المهندس يوسف ندا وهو رجل أعمال مصري من جماعة الاخوان المسلمين الملك إدريس السنوسي في مقر إقامته باليونان وعبر الملك ليوسف ندا عن رغبته في الإقامة بمصر التي لجأ إليها سابقاً عندما شددت إيطاليا خناقها عليه أثناء فترة الاحتلال وسعد حينها بدعم الشارع المصري وجميع فئات المجتمع لقضية بلاده ونددوا من خلال الصحافة والمظاهرات الشعبية والمسيرات بجرائم إيطاليا في ليبيا. وقدم المصريون العون المادي والمؤازرة المعنوية لدعم قضية ليبيا. حينها كانت الحكومة المصرية قد حددت إقامة الأمير السنوسي داخل منطقة الدلتا وتنقل بين القاهرة والإسكندرية قبل أن يعود إلي ليبيا في بداية الأربعينيات. بعد الانقلاب وصل السنوسي إلي القاهرة في نوفمبر 1969 وأقام في مصر حتي توفي في مايو 1983 عن عمر يناهز الرابعة والتسعين. ونقل جثمانه علي طائرة مصرية خاصة إلي المملكة السعودية، حيث دفن في البقيع بالمدينةالمنورة بموجب وصيته الأخيرة. وبوقوع انقلاب سبتمبر دخلت ليبيا مرحلة سوداء من تاريخها يمكن وصفها بالمرحلة التي تجمع بين الكوميديا السوداء والدراما، حيث كانت حقبة حكم العقيد القذافي التي استمرت بيت عامين 1969و 2011 ناصعا لكل ما هو سي مثحتي ان احدا في العالم لم يسلم من شر القذافي بما في ذلك المصريينحيث بد عقيد ليبا مئات المليلرات علي المشروعات عبثيه و تزوات اعادت بلبيا عقودا الي الوراء و هو ما نتعرض له بالتفصيل في الاسبوع المقفبل نشر بالعدد 597 –تاريخ 19/5/2012