أكد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، فى البحث الذى قدمه لمؤتمر مجمع الفقه الإسلامى، والذى يعقد فى الكويت، حول حقوق غير المسلمين فى ديار الإسلام، أن غير المسلمين من مواطنى الدول الإسلامية يتمتعون شرعاً بكافة الحقوق التى يتمتع بها المسلمون، وفى مقدمتها حرية الاعتقاد وتحريم دمائهم وأموالهم وأعراضهم كالمسلمين، وأنه يجب على الدول التى يتبعونها حمايتهم من أى اعتداء داخلى أو خارجى يقع عليهم، ولو كان الاعتداء واقعا عليهم من مسلمين. وأضاف "شومان"، فى تصريحات صحفية، أننا اليوم فى حاجة ماسة أكثر من أى وقت مضى إلى أن ننزع أسباب الاحتقان التى تعكر صفو وحدة دولنا وتماسكها من الداخل، داعياً كافة دول المنطقة إلى تطبيق تجربة الأزهر الفريدة، والمتمثلة فى بيت العائلة المصرية التى يحتضنها الأزهر الشريف، بعد أن أسسه إمامه الأكبر، والذى يجمع علماء من الأزهر ورجال الكنائس المصرية لتناول أهم المشكلات التى تعترض طريق الوحدة الوطنية والتآلف بين أبناء الشعب وإخماد أى بادرة للفتنة بين نسيج المجتمع المصرى الواحد. وأوضح "شومان"، أنه حقق نجاحات كبيرة على أرض الواقع عبر مقره الرئيسى فى قلب مشيخة الأزهر وفروعه المنتشرة بالعديد من محافظات مصر، حيث وصل الأمر إلى تسيير قوافل مشتركة بين الأزهر والكنيسة، فضلا عن جهود لجان المصالحات فى الخصومات الثأرية التى ترعاها اللجنة العليا للمصالحات بمشيخة الأزهر الشريف. وقال وكيل الأزهر، إنَّ الدين الإسلامى وضع أسسا للحوار والتعاون بين المسلمين وغير المسلمين، إلا أن هذ الروح السامية قد غابت عن بعض الناس مِمَّن يظنون أن عَلاقة الإسلام بغير المسلمين عَلاقةُ حربٍ وعداوةٍ، ولعلَّ ما يحدثُ فى هذه الأيام من بعض المنتمين للإسلام "اسمًا" دون معرفة بصحيح الدين، وظهور أفكار لا تنتمى إلى الشريعة الإسلامية الغرَّاء من قريب أو بعيد، وكذلك محاولة تشويهِ صورة الإسلام من غير مَن ينتمون إليه دون فَهم أو إدراك بهدف إبعاد العوامِّ فى تلك البلاد عن قراءة الدين الإسلامى بحقائقه ووسطيته وسماحته؛ كل ذلك يُحتِّمُ على علماء الأمة أن تتضافر جهودهم من أجل إعلاء كلمة الله، وتوضيح حقائق الإسلام؛ حتى لا تمر الأيام ونجد أن تلك المعانى الخاطئة قد ترسَّخت فى أذهان الناس. وأكد عباس شومان أن العَلاقات الدولية فى الإسلام تحكمها قاعدةٌ أساسيةٌ سواء فى حالة الحرب أو فى حالة السلم، ألا وهى العدل، موضحا أنَّ الشريعة الإسلامية فى حقيقتها تُقِرُّ التعايش السلمى بين المسلمين وغير المسلمين على أسس من العدل؛ وهى فى ذلك سابقة لغيرها من القوانين الوضعية والمواثيق الأممية، ومع ذلك فلن تجدَ فى هذه القوانين الوضعية والمواثيق الأممية مثل ما أقرته الشريعة الإسلامية من حقوق لغير المسلمين فى ديار الإسلام، ويكفى من ذلك كفالتها حرية العقيدة للجميع، وهو ما يدل على سماحة الإسلام ووسطيته وبلوغه المرتبة العليا فى الإنسانية وحرية الاعتقاد.