يمتلئ الشارع السياسي في مصر بأكثر من 100 حزب، أغلبها تم تأسيسه عقب ثورة يناير 2011، بعد تعديل شروط تأسيس الأحزاب، ولكن أغلبها «ضجيج بلا طحين»، معظم هذه الأحزاب، بما فيها التي لها تكتلات برلمانية كبيرة داخل مجلس النواب، تعاني صراعات داخلية بجانب الأزمات المالية ونقص التمويل، أضف إلى ذلك أنها بعيدة عن المواطن ومشاكله وأغلقت أبواب مقراتها واكتفت ب«الشو الإعلامي». أغلب الأحزاب أسستها شخصيات عامة سواء رجال أعمال، مثل نجيب ساويرس في المصريين الأحرار، أو محمد البرادعي في حزب الدستور، فهل ممكن بيع هذه الأحزاب، وهل هذا البيع يشمل المقرات، هل يحق مثلا لجماعة الإخوان الإرهابية شراء حزب سياسي بشكل علني أو بالباطل، هذا على غرار بيع أحد الأحزاب لرجل أعمال شهير؟. من بين الأسباب التي دعمت سيناريو بيع الأحزاب هو وجود نحو 13 حزبا فقط لهم نواب داخل المجلس من أصل أكثر من 100 حزب، بواقع نحو 250 نائب برلماني، ومن بين هذه الأحزاب التي لها نواب وجود نحو 5 أحزاب فقط هي التي لها نشاط وتعقد مؤتمرات واجتماعات دورية والباقي تحولت لشركات أغلب الوقت مغلقة. اللافت للنظر أن أغلب هذه الأحزاب اتخذت منطقة وسط البلد مقرا لها لدرجة أنه يوجد في عمارة واحدة 3 مقار لثلاثة أحزاب وهي عمارة رقم «5 أ» بشارع البستان والتي تعرف بعمارة الأحزاب، ويوجد بها المقر الرئيسي لحزب المصري الديمقراطي، كذلك حزب المحافظين، ومؤخرا كان هناك مقر لحزب الحركة الوطنية. فيما يتصدر حزب الوفد، قائمة الأحزاب التي لها مقرات في المحافظات، حيث يمتلك أكثر من 190 مقرا بالمحافظات، كذلك حزب مستقبل وطن الذي يمتلك نحو 80 مقرا فيما يعمل حزب المصريين الأحرار على افتتاح سلسلة مقرات خلال الفترة الماضية أمام باقي الأحزاب فأغلبها لا يمتلك سوى مقرا وحيدا وأغلب الوقت مغلق. أما المحافظات فكانت خارج حسابات هذه الأحزاب فمعظم الأحزاب ليس لها مقرات في المحافظات واكتفت بالتواجد في القاهرة الكبرى فقط. وخلال الأيام الماضية، عرض المستشار بهاء الدين أبو شقة، سكرتير حزب الوفد، مقترح بتوليه رئاسة حزب الوفد، لمدة شهر واحد لحل مشكلات الحزب المادية ولكن هذا المقترح تم رفضه من جانب الحزب. هاشم: الأحزاب تحولت لنوادي اجتماعية وهناك بيع للمرشحين وليس للأحزاب في نفس السياق، قال الدكتور عمرو ربيع هاشم، الباحث بمركز الأهرام، إن الأحزاب السياسية في مصر تمر بمرحلة هي الأسوأ حيث تظهر في المناسبات فقط وأن ما يحدث للأحزاب لا يتم بيعها هي ككيانات ولكن يتم بيع وشراء مرشحين وشخصيات سياسية كما حدث في الانتخابات الأخيرة وكان لرأس المال دورا كبيرا في حسم أغلب المقاعد ولكن فكرة شراء حزب من شخص لآخر لم تحدث من ثورة يناير بسبب تعديل شروط إنشاء الأحزاب وتحولها للإخطار بعد تجميع 1000 توكيل، مشيرا إلى أن مصر بها أكثر من 112 حزبا أي أنه لا بد أن يكون هناك سنويا ما يزيد على 5 مؤتمرات عامة لهذه الأحزاب ويكون هناك لقاءات وندوات ثقافية وسياسية وتوعية للمواطن وغيرها من المهام الحزبية ولكن للأسف هذا لم يحدث. وأضاف «هاشم»، ل«صوت الأمة»، أن ما وصلت إليه الأحزاب بسبب غياب العمل الحزبي والتواصل مع المواطن والمسئول ووضع حلول لمشاكلهم الذي فقد الثقة في هذه الأحزاب كذلك غياب الرغبة السياسية من مؤسسات الدولة لاختزال دور الأحزاب في منطقة محدد أشبة بالنوادي الاجتماعية كدعم المرأة وحقوق الطفل وغيرها من المشكلات الاجتماعية وليست السياسية. وتابع أن أحزاب رجال الأعمال التي تمتلك الموارد المالية لجعلها أحزاب تستطيع تنظيم فعاليات وتتواصل مع الشارع دخلت هي الأخرى في دوامة الخلافات وما يحدث لحزب المصريين الأحرار التي يترأسه رجل الأعمال نجيب ساويرس، خير مثال على ذلك، مشيرا إلى أن هذه الأحزاب تخضع لمساومات ومصالح ممولي هذه الأحزاب الخاصة واستثمارتهم. ممدوح قناوي: تمن العضوية في الحزب الوطني وصل ل5 ملايين جنيه ممدوح قناوي، أحد قيادات الحزب الدستوري، قال إن الأحزاب في مصر انتهت ولم يصدر لها شهادة وفاة، ولا يوجد شخص يسعى لشراء شئ ميت ليس له قيمة، مشيرا إلى أن وضع الأحزاب تغير خلال السنوات الماضية حيث كانت قبل الثورة لها دور ويسعى عدد من رجال الأعمال للانضمام إليه كما كان يحدث مع الحزب الوطني الذي وصل ثمن العضوية فيه إلى 5 ملايين جنيه، ولكن تغير الوضع وأصبح تأسيس الأحزب بالإخطار. كبيش: بيع الأحزاب غير قانوني لأنها كيانات غير هادفة للربح عن الموقف القانوني لبيع الأحزاب، قال الدكتور محمود كبيش، الفقيه القانوني، وعميد كلية الحقوق السابق، إن القانون حذر بيع الأحزاب كونها كيانات غير هادفة للربح وهي مجرد جهة للعمل السياسي والاجتماعي، مشيرا إلى أن محل بيع الحزب يكون باطل من الناحية القانونية. وأضاف «كبيش»، ل«صوت الأمة»، أنه شئ غير قابل للتعامل المادي ولم يسبق أن تم بيع حزب من شخص إلى شخص آخر كون أن الحزب ليس ملكية شخصية لفرض واحد ولكن هو ملك لكل مؤسسيه وأعضائه، مشيرا إلى أن مقرات الأحزاب ينطبق عليها نفس الأمر حيث إنه غير قابلة للبيع طالما أنها مملوكة للحزب.