قال المستشار بمحكمة الإستئناف بالإسكندرية أحمد ابراهيم على فى تصريحات خاصة ل"صوت الأمة" أن" القضاء الاقتصادي المقارن " بيانا للمصدر المقارن للمحاكم الاقتصادية في شكلها المعاصر والذي بدأت إرهاصاته الأولى منذ أقل من عقدين في محاكم ولاية نيويورك وعرف مجازا باسم business courts وقد حقق نجاحا هائلا ودويا كبيرا كتب له الانتشار في باقي الولاياتالامريكية وامتد الى مناطق كثيرة من العالم منها كندا وهولندا واسبانيا والهند وباكستان وفي مصر , وحديثا في عام 2010 تعمل أول محكمة اقتصادية متكاملة في لندن ، حتى أن صندوق النقد الدولى في تقريره الخاص بمؤشر أداء الأعمال لعام 2007 أشار إلى أن إنشاء هذه المحاكم كان واحدا من أكثر الإصلاحات التي أجريت في جميع أنحاء العالم خلال عامين 2005 و 2006و اعتبر النظام المعمول به في محكمة نيويورك هو النموذج المتقن لها . مضيفا أن أسباب إنشاء هذا القضاء ، فمعلوم الدور الكبير الذي تلعبه ولاية نيويورك في مجالات المعاملات الاقتصادية ليس فقط في الولاياتالمتحدة ولكن كمركز عالمي للتجارة ، ففي بداية التسعينيات لا حظ القائمون على العدالة فيها أن بطء اجراءات التقاضي في القضاء الداخلي للولاية لتعدد مراحله في الدرجة الواحدة وعدم تخصص القضاة أدى الى هروب الخصوم المتعاملين في أسواقها من هذا القضاء والتجائهم إلى القضاء الاتحادي أو التحكيم الخاص أو مكاتب الوساطة مما أضر بسمعة الولاية ومركزها في أوساط المتعاملين في مراكزها . ومع تحديد الداء بأسبابه وأعراضه تبلورت الغاية سعيا لتحقيق عدالة ناجزة تتحقق من خلال السرعة في الأعمال الاجرائية دون تسرع ، وخفض تكاليفها ، والتوصل إلى قرار قضائي فيه ترضية قضائية للخصوم وطريق سواء يلتقون فيه ولتواكب الخصومة القضائية مسيرة العمل الاقتصادي وسرعته. أما عن وسائل تحقيق هذه الغاية فأهم مما يميز النظام الإجرائي الاقتصادي في قضاء محكمة نيويورك هو استخدام المنهج العلمي في وضع قواعده معتمدا على عناصر هذا المنهج المتمثلة في المشاهدة والتجربة والاستعانة بالعلوم الحديثة في الآليات الإجرائية المكونة للخصومة ويبدو ذلك جليا في أن القواعد الإجرائية سالفة الذكر قد بدأت بمرحلة المشروع التجريبي في عام 1993 الذي وضعته المحكمة وتم تطبيقه ، ثم تولت لجنة مشكلة من نقابة محامين الولاية دراسة هذا المشروع وتطبيقه وقدمت تقريرا عنه بنجاحه ، ثم عرضت الدراسة على المحكمة العليا وبعد دراسة منها سنت قواعد هذا النظام ، والذي ظل محل مراجعة من الجهات المعنية حتى اكتملت قواعده في عام 2006 . وأن هذا القضاء قد عالج والسلبيات والشوائب العالقة بنظام تحضير الدعوى ، مما كان يشتت أواصرها بين أكثر من قاض ، أخذ هذا العلاج بالافكار الحديثة في علم الادارة – بأن جعل زمام إدارة الدعوى في يد قاض واحد ، يتميز بخبرة علمية وعملية ومؤهلا تأهيلا كافيا في مجال المنازعات الاقتصادية ، يختص بجميع مراحل الدعوى مع مشاركة فعالة له من الخصوم وقد اطلق على هذا النظام " برنامج الادارة الفعالة للدعوى " حتى تهيئتها للحكم واستعمال وسائل التقنية الحديثة سيما الفاكس والكمبيوتر في مراحل الاعمال الاجرائية للخصومة القضائية مع تقنين قواعد إجرائية مناسبة تحكم هذه الاعمال في اطار من الضمانات والمبادئ الأساسية التي تدور هذه الاعمال في فلكها ويرعاها الدستور والقانون ، وبالتالي فإن ملف الدعوى ومحتواه يتحول من حالته الورقية إلى شكل الكتروني تودع مفرداته وتعلن ويتم تداوله في جميع اجراءاته حتى الفصل فيه من خلال وسائط وبرامج الكترونية مبسطة . مشيرا إلى أن عناية هذا القضاء بالوسائل البديلة لحل المنازعات وأهمها الوساطة القضائية والتحكيم والتقييم الحيادي و يباشر هذه الوسائل محايدين مؤهلين ومقيدين لدى المحكمة يعملون تحت إشرافها مع تنظيم المسائل المتعلقة بسلوكهم واجراءات عملهم بقواعد تكفل حيدتهم والتزامهم بالسرية في أداء مهامهم وما يطرحه الخصوم عليهم حتى عن قاضي الدعوى ، مما كان له أثر بالغ في إنهاء ما يزيد على نسبة ثمانين في المائة من المنازعات بتلك الطرق في المراحل الأولى للدعوى وبالتبع لم تكن هناك حاجة الى اجراءات الطعن أو اشكالات وعقبات التنفيذ في تلك النسبة الهائلة . وأن قانون المرافعات سواء على مستوى التشريع الداخلي للولاية أم على المستوى الاتحادي دائم التطور للأخذ بالأساليب الحديثة في المجال الإجرائي متى كان من شأنها أن تسرع بعجلة الاجراءات وتوفر في النفقات ومن أمثلة ذلك تبني القواعد المتعلقة باحترام اردة الخصوم في الاتفاق على طرق الاعلان بينهم – في المسائل التجارية – وتنظيم المسائل المتعلقة باعلان الخصوم المقيمين في الخارج باستخدام التسيرات التي توفرها المعاهدات والاتفاقيات الدولية سيما اتفاقية لاهاي لسنة 1968 – وتنظيم المسائل المتعلقة ببعض الوسائل البديلة لمعالجة النزاع وأهمها الوساطة القضائية . وتنظيم المسائل المتعلقة بمدي أحقية المحكوم له فيما أنفقه من أتعاب محاماة والمعايير المتعلقة بتقديرها سيما وأن الانظمة الاجرائية الحديثة اهتمت بهذا الحق كالقانون الانجليزي والفرنسي والقانون الكويتي والبحريني في منطقتنا العربية لعل هذه الاليات التقنية والاجرائية كانت محل متابعة و وتطوير خلال تلك الفترة الزمنية الوجيزة لتثبت قدتها عل تحقيق الغاية من هذا النظام القضائي لتجعل منه نموذج محل عناية المستثمرين والجهات المالية الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي ودراسته التي يقيم بها الأنظمة الإجرائية وآدائها في البلدان المختلفة باعتبارها الاداة الفعالة لكفالة الحقوق والامتيازات والضمانات التي تقدمها تلك الدول . وقد أشار ذلك الى نقاط معينة في الأحكام المنظمة للمحاكم الاقتصادية في مصر وغايتها النبيلة وما حققته من نجاح وتفوق في هذا التخصص القضائي ، إلا أن نقاط معينة ركز عليها كي يجني الاقتصاد القومي من هذا التخصص ثمار أكثر تتضمن أن قانون إنشاء هذه المحاكم لم يحدد اختصاصا قيميا للمحكمة الاقتصادية الابتدائية وترك هذا الاختصاص مفتوحا الا من قيد الاختصاص النوعي واختصاص محاكم الاستئناف وإن القانون وإن أخذ بنظام تحضير الدعوى الا أنه لم يفرد بيانا للإجراءات المتعلقة به أو يتبني الاتجاهات الاجرائية الحديثة التي تحكم إدارة الدعوى في مهدها بل وقبل انعقاد الخصومة فيها ومن ثم رأينا ضرورة مراعاة تطبيق نظام الادارة الفعالة للدعوى بشكلها الحديث في قانون المرافعات الانجليزي أو قوانين المرافعات الامريكية الحديثة وأن تسند هذه المرحلة إلى أحد قضاة الدائرة المختصة بنظر الدعوى وهو ما يعرف بمبدأ وحدة القاضي . أنه ولئن كان النص في المادة الرابعة من قرار المستشار وزير العدل رقم 6929 لسنة 2008 بإلزام قلم الكتاب بإخطار الخصوم بجلسات هيئة التحضير و ما يصدر من قرارات أخرى بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول ، أو ببرقية ، أو تلكس ، أو فاكس ، أو غير ذلك من وسائل الإتصال التي يكون لها حجية في الإثبات قانونا و انصراف العبارة الاخيرة إلى وسائل الاتصال المستخدمة للكتابة الالكترونية كالكمبيوتر والفاكسات التي تعمل بالوسائط الالكترونية والتواصل مع شبكة الانترنت والتي كفل القانون رقم 15 لسنة 2004 للكتابة المستخدمة فيها والتوقيعات ذات الحجية التي تكون للمحررات والتوقيعات العادية يعد معه هذا القرار فتحا جديدا لاستخدام التقنية الحديثة في الأعمال الاجرائية في القانون الاجرائي المصري خلافا للآعمال المتعلق بقيد الدعوى والاحصاء والمتابعة ، إلا أنه ينبغي مراعاة ًالعمل على تنظيم القواعد الاجرائية المتعلقة بتنظيم أدوات وخطوات العمل الاجرائي المستخدمة فيه تلك التقنية وما قد يستتبع ذلك من تعديل بعض نصوص قانون المرافعات باعتباره القانون الأم المعني بتنظيم هذه المسائل سيما وأن المادة الخامسة منه لم تجز إجراء عملية الاعلان الا بواسطة المحضر مالم ينص القانون عل خلاف ذلك ورتبت المادة 19 منه البطلان على مخالفته الأمر الذي يحتاج لتنظيمه تدخل تشريعي بقانون . هذا مع ضرورة تنظيم القواعد المتعلقة باستخدام الطرق البديلة لحل المنازعات كالوساطة القضائية والتحكيم والتقييم المحايد من خلال محايدين متخصصين مقيدين بجدول المحكمة يتمتعون بالحيدة والاستقلالية ترسم أمور شروط تعيينهم وندبهم وإجراءات عملهم وعلاقاتهم بالمحكمة والخصوم قواعد خاصة تحتمي بضمانات وأسس التقاضي والحفاظ على سرية ما يعرض عليها توصلا إلى حلول فاصلة للنزاع ترضي الخصوم وهو الذي أعطى عمل هذه المحاكم في الأنظمة المقارنة التفوق الباهر في انجاز مهامها . مطالبابإعادة النظر في بعض الأحكام الخاصة بقانون المرافعات بما يتفق والاتجاهات الحديثة في الأنظمة الاجرائية المختلفة سيما في اتاحة الفرصة لارادة الاطراف في المسائل التجارية والاستثمار الاتفاق على طرق أخرى للاعلان ومنح الخصوم دور أكبر في عملية إدارة الدعوى ومشاركة القاضي في تحضيرها بفاعلية سواء في الأمور المتعلقة بالوقائع أو المسائل القانونية فلا يكون أيا منها حكرا على إرادة القاضي وحده أو الخصوم وحدهم توصلا إلى حل ينسجم وقناعة القاضي ورضاء الطرفين ليضعهما على سواء الصراط دون حاجة إلى امتداد الخصومة إلى درجات الطعن أو تعقد اشكالات التنفيذ وأن يتبنى قانون المرافعات في نصوصه الأحكام التي نظمتها معاهدة لاهاى لسنة 1968 بشأن إعلان الاوراق القضائية في الخارج والموقعة عليها مصر وتبنتها بقرار رئيس الجمهورية رقم 412 لسنة 1968 استفادة بالتيسيرات التي تقدمها هذه المعاهدة والتي من شأنها تسريع العمل الاجرائي وخفض تكاليفه مع تنظيم الاجراءات المتعلقة باستخدام الفاكس والكمبيوتر في الاعمال الاجرائية للخصومة القضائية بنصوص وتقنية مبسطة للجميع تكفل حق التقاضي في سهولة ويسر. وكذا تنظيم الأحكام المتعلقة بأحقية المحكوم له فيما أنفقه من أتعاب محاماة ووضع المعايير اللازمة لتقدير هذه الاتعاب تمشيا مع الاتجاهات الحديثة المنظمة للحقوق والالتزامات الاجرائية في جانبها المالي .