أكوام من الطين متراصة بشكل مستدير، آثار دخان كثيف أسود طُبع على الطين، نيران لا تراها سوى بالتمعن من مربع صغير والنظر له بشكل دقيق، هذا هو ما يُطلق عليه أهالي القرى «الفرن البلدي»، ورغم استخدامه قديمًا في طهي الطعام، الأمر الذي يجعله طريقة بدائية بديلة عن البوتاجاز الذي يتم استخدامه حاليا. انتشار أمراض، فقر، مشاكل صرف، جميعها مشاكل تعاني منها قرية «هلباوي» في محافظة البحيرة، لكن مع موجة الغلاء الأخيرة التي طالت غالبية السلع ازداد الأمر سوءا مع أهالي القرية، خاصة مع اشتعال أزمة إسطوانات البوتاجاز، التي ارتفع سعرها بشكل مفاجئ، وأصبحت لا توجد سوى في السوق السوداء لجأ أهالي «هلباوي» إلى استخدام الطرق البدائية في طهي الطعام، مثل استخدام الكانون والفرن البلدي. 9 آلاف نسمة، هم إجمالي عدد سكان القرية، الذين أجبرتهم الظروف على الاستغناء عن مظاهر الحياة المعاصرة كافة، واللجوء إلى أساليب بدائية مرهقة وشاقة، حيث لجأ الأهالي إلى استخدام الكانون بدلا من البوتاجاز لاستخدامه في طهي الأطعمة والمأكولات وتسخين المياه مع انخفاض درجات الحرارة. ثلاث قوالب من الطوب اللبن يتم ضمهم وإشعال النيران بينهم بواسطة الحطب وقش الأرز، هذا هو المشهد الذي يصفه الحاج محمد، فالأهالي اعتادوا على تكراره يوميًا، للتغلب وفقا لحديثه على ارتفاع أسعار الأجهزة الكهربائية، وارتفاع أسعار الأنابيب أيضًا. «خطر على صحتنا احنا بنموت»، بهذه الكلمات استغاثت عايدة، التي تؤكد معاناتهم الصحية من حرق قش الأرز، فالأدخنة المتصاعدة تجعل أهالي القرية عاجزين عن استنشاق هواء نقي، ما يُشعرهم بالاختناق. «رجعنا قرن لورا»، هكذا يصف حمدي الزناتي، الوضع المأساوي التي باتت تعيش فيه القرية، قائلا: إن الأهالي اضطروا للعودة إلى البدائية بعد ارتفاع أسعار أنبوبة البوتاجاز من 10 جنيهات إلى 30 جنيهًا، فأنبوبة البوتاجاز تنفد في «خبزه واحدة» وفقًا لوصفهم. «دخلي 200 جنيه هصرفه على الأنانيب؟»، كلمات يستنكر بها حسن محمد حال القرية، وما وصلت إليه مع أزمة ارتفاع أسعار أنابيب البوتاجاز، فراتبه القليل لا يكفي ما يحتاج إليه شهريًا من طعام ومصاريف أخرى، لذلك لا يمتلك ثمن الأنبوبة التي يطهي عليه ما يجعله باقيًا في الحياة.