على مسافة بعيدة وفي إحدى جبال «سيوة»، يسير دليل يحمل لقب «المعالج»، بصحبته، شخصًا أصابه الوهن والآلم، يتبعه محنيًا، منتظرًا الوصول إلى البقعة المقصودة أو منطقة «العلاج»، وعلى مسافة بعيدة، ترى رؤوسا تعلو سطح الرمال، بينما الأجساد دُفنت أسفلها. حرارة الشمس الشديدة تشوش الرؤية، وبينما يقترب المريض، يرى العرق يسيل على الرمال، بينمى تغطي الرمال كافة الجسد وتتطاير على الأجبنة المدفونين، ثم يبدأ المعالج بعمل «حفرة» لدفن الضيف الجديدة، إنها رحلة علاج مرضى «الروماتيزم»، في رمال سيوة. ويقول هلال إبراهيم أحد المعالجين، أن المريض يتم دفنه في الرمال مدة 15 دقيقة، على مدار ثلاثة أيام متتالية، وعقب عملية الدفن في الرمال الملتهبة، يتم نقله إلى خيمة تُقام منذ الصباح الباكر، وتُغلق الخيمة تماما لتكون بمثابة «ساونا طبيعية»، ويتناول المريض أثناء وجود بخيمته شرابًا ساخنًا من الحلبة. ويوضح المعالج، أن طقس «سيوة» يساعد على الشفاء، مشيرًا إلى أن الرمال تشبعت بالأملاح المعدنية الموجودة في المياه، والتي بدورها تساهم في عملية العلاج، مؤكدًا أن سخونة الرمل وارتفاع درجة الحرارة لنحو 40 درجة مئوية تعمل كأنها آلة تمتص السموم من جسم المريض. «أنا خلاص كنت مصاب بيأس تام».. هكذا بدأ منصور فتحي، أحد المرضي حديثه، مشيرًا إلى أنه جرب العديد من الطرق العلاجية التقليدية، ولكن فشلت جميعها في تخفيف حالته المرضية، مضيفًا، حتى إننا لجأت للعلاج الخارجي، ولكن لم يقدم المزيد في حالتي الصحية. جدير بالذكر أن واحة سيوة تستعد لبدء السياحة العلاجية علي جبل «الدكرور»، الذي يقصده المئات من المرضي الذين يعانون من أمراض «الروماتيد، والروماتيزم، والامراض الجلدية، وآلام المفاصل، والعمود الفقري»، خلال شهور «يونيو، ويوليه، وأغسطس». ويعد موسم العلاج بالدفن بواحة «سيوة»، فرصة للأهالي لاكتساب مورد رزق، بعد أن اعتبرها الكثيرون من أبناء الواحة مهنة يقتاتون منها.