في معرض جلال جمعة " شدو الكائنات فى تماثيل ومجسمات " تظل أعمال الفنان التشكيلي جلال جمعة حالة خاصة فى التشكيل والتعامل مع الحديد كخامة، ولكن من السلك المغزول أو السلك الرفيع فهى تتعايش مع الفراغ تتوحد فيها الاضواء والظلال فى شاعرية وهمس فى اشكال عديدة تتحاور فى صمت وتشدو بلا صوت فى مرح وسكون. ويتنقل جلال جمعة فى معرضه الأخير بقاعة "الجريك كامبس، من دنيا البشر إلى الثور الذى ينساب بالقوة والاندفاع والحصان الذى يقف رافعا ساقاه الأماميتان إلى أعلى فى رشاقة وتلخيص شديد إلى السمكة التي تذكرنا بسمكة همنجواى فى روايته العجوز والبحر ".. التي لايبدو منها سوى هيكلها العظمى".. والبطة التى تتطلع إلى الدنيا برأسها المنساب وحتى الطيور والحشرات مثل البعوضة والنحلة.. وجاءت النخلة باسقة تشق الفراغ بتيجانها القوسية تنساب فى انحناءاتها بالضوء الهامس وكأن النسيم يداعبها كما فى الطبيعة. ومن الشكل المجسم إلى الشكل المسطح بدا الفنان - كما يقول الناقد صلاح بيصار- بدأ الفنان جلال جمعة يقدم تجاربه وأفكاره العديدة كما قدم العديد من الصور الشخصية لأصدقائه فى مجال الفن كل هذا مع الأفريقى المسكون بالحزن والشجن ووصل بأعماله إلى اختزال الشكل إلى أبسط الصور فجمعت الاعمال بين التجريد والتشخيص مع الاحتفاظ بالتشريح والنسب الصحيحة. ومن تلك الأعمال صورة غاندى فيلسوف الهند ومحررها بالتسامح والسلام ومقاطعة المحتل فهى صورة تمثل حالة خاصة "تنتمى لفن الحد الأدنى "من الاختزال الذى يصل لأبسط الخطوط. والعجيب أن أعمال الفنان جمعة لا تفرض سطوتها على الفراغ ولا تقتحم الحيز الذى تشغله ولكنها تتعايش معه.. فهى ليست مسمطة ولكنها مفرغة مسكونة بحركة الهواء.. تتجسد من خلال ارتفافات وطيات السلك.. تلك الخامة الرقيقة التى تكاد تخبو خطوطها المجسمة مع توهج الاضواء وتصحو مع خفوت الظلال.