· تناقض بين طرح المؤلف للتيارالمستنير والإيمان بوجود الجن من العروض الممتعة التي قدمها البيت الفني للمسرح مؤخرا العرض المسرحي «الغولة» والذي يعرض علي مسرح الغد بطولة الفنانة القديرة سميرة عبدالعزيزوخليل مرسي وإيمان رجائي والفنان الواعد محمد صلاح تأليف بهيج إسماعيل وإخراج مصطفي طلبة.. وتدور أحداث العرض المسرحي حول الفتاة وداد - إيمان رجائي- ابنة إحدي الواحات البدوية والتي خرقت ماهومألوف في مجتمع القبيلة بعد أن تلقت تعليمها في القاهرة وبعد عودتها إلي الواحة تتزوج رغما عنها من شيخ القبيلة الذي يكبرها بعدة عقود من الزمان وفي ليلة الزفاف يتوقف قلب العريس الكهل من الفرحة ويسقط علي فراش ليلة الدخلة مفارقا الحياة وتتهم الزوجة الشابة بقتله وفي موروث الواحة عموما فإن الزوجة التي يموت زوجها عليها أن تحبس نفسها في منزلها مائة يوم بالتمام والكمال ولاتتعطر وتعيش علي القليل من الطعام والضوء ومع اكتمال أيام محبسها تخرج لتغتسل في أقرب بئر ماء شريطة ألا يراها أحد وإذا نظرت لأي إنسان قبل أن تغتسل يصاب هذا الشخص باللعنة وتصبح هذه المرأة في الواحة مثل «الغولة» التي تعاقب علي موت زوجها دون ذنب.. هذه هي القصة الدرامية التي اختارها المؤلف بهيج إسماعيل ليطرح إشكالية قهر المرأة في الموروث الشعبي بين تيار يمثل التخلف والجهل وآخر يمثل التقدمية والتنوير، فكل شخصية تنتمي إلي تيار نجد أمامها شخصية تقابلها من تيار آخر فنجد مثلا البطلة وداد المتعلمة تقابلها العجوز أم السعد التي تؤمن بكل ما فيه قمع وقهر وإذلال للمرأة كما نجد حلاق الصحة يقابله الدكتور فؤاد الطبيب القادم من القاهرة وهو الذي يجمعه الحب بوداد التي تتعرض لمحاكمة عرفية كعادات الواحات البدوية بتهمة قتل زوجها وذلك في وجود شقيقه شيخ القبيلة الجديد الذي يرغب في الزواج من وداد ويحاول ابتزازها فإما الزواج منه أومحاكمتها وإعدامها إلا أنهاتختار أن تخضع للمحاكمة لأنها بريئة وترفض أن تخضع لابتزاز الشيخ مسعودوهنا أراد المؤلف أن يقول إنه حينما يخطئ تيارالتنوير مرة يجب ألا يخطئ الثانية وكان موقف وداد هذا هو قمة التصاعد في الحدوتة الدرامية ولكن سرعان ماهبط هذا التصاعد لدرجة الدنو بشدة في مشهد اختفاء وداد وحبيبها الدكتور فؤاد وتأكيد أن الجن اختطفهمافهنا قمة التناقض بين ما يقاتل من أجله المؤلف في أول العرض وما يطرحه في النهاية من اختفاء حبيبين بفعل الجن فلم نعرف ما الذي يقصده المؤلف فهل الانتصار في النهاية للخرافة والاسطورة والقوي الكلامية التي تحكم المجتمع أم أن المؤلف أراد أن يقول إن ما شاهدتموه ماهو إلا نوع من العبث بالمرأة في المجتمعات المتخلفة .