· زوجته استولت علي ثروته وطردته من فيلته وطلبت منه الطلاق لتتزوج صديقه · شقيقته بهية باعت الشاي والسكر في قراطيس لتوفر له قوت يومه ونفقات علاجه! تصوير- صلاح الرشيدي أضحك الجميع من خلال مشوار فني أنجز خلاله مائة فيلم سجلت علامات في تاريخ السينما المصرية، وعندما غدرت به زوجته أُسدل الستار علي تاريخ نجم كبير وتعرض للمذلة والمهانة والانهيار النفسي بعد أن أصيب بالشلل، فبعد أن كان يركب السيارات الفارهة لم يجد ثمن شراء كرسي متحرك يتجول به داخل شقته المتواضعة في حي الشرابية، هو الفنان الكبير عبدالفتاح القصري والذي رحل عن الحياة مكتئبا داخل شقته رقم 3 بلوك 11 بمساكن الشيخ مظلوم في حي الشرابية، والتي حصلت عليها شقيقته بهية من محافظ القاهرة بعد أن طردته زوجته من فيلته، ليواجه حياة بائسة ولجأ في نهاية حياته لمطالبة نقابة الممثلين بمعاش لم يوفر له قوت يومه، ولم يمكنه من شراء الأدوية اللازمة لعلاجه.تفاصيل السنة الأخيرة من حياة «القصري» يرويها جيرانه من حي الشرابية:قبل أن تحصل بهية شقيقة القصري علي شقة الشرابية كان يقيم في فيلا فخمة في شارع النزهة بمصر الجديدة ، هكذا بدأ علي مرسي أحد جيران القصري - 70 عاما - حديثه ل «صوت الأمة» وأضاف: كانت زوجته صغيرة السن - في عمر ابنته لو تزوج صغيرا - وكانت تتمتع بشخصية قوية للغاية مما دفعها إلي السيطرة عليه في كل صغيرة وكبيرة، واستطرد من الواضح أنها تزوجته طمعا في ثروته، وقال عندما أصيب بالشلل استغلت زوجته التوكيل العام الذي كان بحوزتها، وحصلت علي توقيعه وباعت لنفسها الفيلا والأراضي وسيارته الفارهة، ولم ترحمه في مرضه، والأكثر من ذلك أنها صارحته بكل جسارة أنها تعشق صديقه وترغب في الطلاق للزواج منه، ولم تمهله ليتخذ قراره واتصلت بشقيقته بهية وطردته شر طردة، وطلقها القصري، وفجأة وجد نفسه في الشارع «يا مولاي كما خلقتني» ولم يجد مسكنا يأويه، فتقدمت شقيقته بطلب إلي محافظ القاهرة ليمنحها شقة تقديرا لظروفها وشقيقها - في حي الشرابية - لينتقلا إليها في ديسمبر 1963 ومنحتها المحافظة خطا تليفونيا لتؤجره إلي الجيران وتحولت شقتها إلي سنترال تقدم من خلالها خدمات الاتصال لجيرانها مقابل حصولها علي ثلاثة مليمات عن المكالمة، إضافة إلي أنها لجأت إلي بيع قراطيس السكر والشاي، في محاولة منها لتوفير قوتها وشقيقها المريض، ويضيف مرسي خلال تلك الفترة ازدادت حالة القصري سواء كلما مر بذاكرته شريط حياته وافتقاده لثروته وللرفاهية التي كان يعيشها وكلما قارن بين حياته الماضية وحياته في شقة متواضعة الحال لا تتجاوز مساحتها أكثر من 65 مترا، كما أصابه اليأس والإحباط لعدم قدرته علي شراء كرسي متحرك ولجوئه إلي الزحف علي يديه وقدميه حتي يصل إلي شرفة منزله ليفرج عن نفسه بمراقبته للمارة في الشارع، وقال: خلال تلك الفترة شعر القصري بالذل والمهانة وكنت المح المرارة والحزن في حديثه لشعوره بعدم قدرته علي الانفاق علي نفسه، ولشعوره بالمهانة نتيجة لانفاق شقيقته عليه، ولجوئها إلي بيع الشاي والسكر وتأجير تليفون المنزل للجيران، وأضاف: كنت أشعر وكأنه ملك فقد عرشه وأذله الزمن، ولفت إلي أنه طالب جارنا يوسف «أبو إسماعيل» أن يتقدم له بطلب إلي نقابة الممثلين للحصول علي معاشها، وساعده أبو إسماعيل وتمكن من الحصول له علي المعاش، ولم يكن يكفي لتلبية احتياجاته اليومية، وخاصة الانفاق علي علاجه، مشيرا إلي أن أبو إسماعيل وزوجته تعهدا فيما بينهما علي رعايته وشقيقته.ويقول مرسي: كان القصري يقضي يومه ما بين البلكونة والسرير، وكانت رحلته - زحفا - ما بين السرير والبلكونة تمثل له وجعا داخليا وتسببت له في أزمة نفسية، إلا أنه لم يتخل عن هذه العادة لأنها كانت فرصته الوحيدة ليطل علي الحياة خارج غرفته، بعد أن حرمه المرض من النزول إلي الشارع.وأضاف: كلما كنت أجلس إليه كنت استمع منه لحكايات كثيرة عن أمجاده في السينما، وكواليس أفلامه - والتي بلغت مائة فيلم - وكان يروي لي عن علاقاته وصداقاته بالوسط الفني، إلا أنه خلال فترة مرضه لم يزره أحد من أصدقائه، وكان يشكو لي جحود أقرب أصدقائه إسماعيل ياسين ومحمود شكوكو واللذين لم يزوراه طوال فترة مرضه.فيما زاره محمد رضا مرتين وفي الثالثة كان القصري رحل عن الحياة، واستضاف أحد البرامج رضا فقال: «لولا القصري ما كان اسم محمد رضا عرفه الجمهور» وذلك اعترافا منه بفضله عليه.. وفجأة تذكر الرجل أن راقصة - لم يتذكر اسمها - كانت تزوره وتعطف عليه وتلبي احتياجاته عرفانا منه بجميله وفضله عليها في دخولها الوسط الفني، مشيرا إلي أنها كانت أكثر إنسانة تتردد عليه أثناء محنته المرضية، فيما انقطع عنه أصدقاؤه من الوسط الفني مما أصابه بالحسرة والألم.وقال خالد محمود موظف بمطار القاهرة: إن والده كان صديقا للقصري، وكان يذهب لزيارته يوميا ليعطيه الحقنة المقررة له لافتا إلي أن القصري كان يروي له خلال زياراته تاريخه الفني وعلاقاته بالوسط، وقال: روي لي والدي أن القصري كان يبكي بمرار كلما تذكر جحود أصدقائه وعدم زيارتهم له في محنته، وكذا جحود زوجته واستيلاؤها علي ممتلكاته وثروته وطرده من فيلته.فيما قالت أم رفعت: إن أحدا لم يشعر بوجود القصري في حي الشرابية نتيجة لاصابته بالشلل، ولانطوائه بسبب اصابته بالاكتئاب والاحباط، وأضافت الست بهية كانت تحكي لنا عن أفلامه وتاريخه المليئ بالبطولات السينمائية، حتي رحل صامتا ولم يمش في جنازته سوي عدد قليل من الناس ولم يكن من بينهم أي من الفنانين.. ليرحل عن عالمنا شارلي شابلن الشرق في نهاية درامية مأساوية لم يجنح إليها خيال كتاب السيناريو يوما ما.. ليرحل نجم من نجوم الكوميديا الكبار في نهاية درامية ولم يبك عليه أحد من الوسط الفني.. وربما اكتفوا بمصمصة الشفاة.