ذكرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن عشرات من الوثائق المسربة من اتفاقية التجارة الحرة الجاري مناقشتها بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي تظهر أن واشنطن تسعى لتغيير قوانين التكتل بشأن حماية المستهلك والبيئة، ما يجعل الاتفاق على حافة الانهيار. وأشارت الصحيفة على موقعها الإلكتروني اليوم الإثنين، إلى أن الوثائق التي سربتها منظمة «جرين بيس» الأمريكية غير الحكومية تتيح أول رؤية كاملة داخل المناقشات، حيث أظهرت أن العلاقة بين أوروبا وأمريكا أضعف من المعتقد، خاصة وأن هناك انقسامات كبيرة حول بعض أهم أقسام الاتفاقية. وأوضحت أن المحادثات جرت تقريبا بسرية تامة، ومعظم المعلومات المعروفة بشكل علني جاءت من تسريبات غير رسمية، ولكن الوثائق الجديدة التي تعرض ملاحظات كتبها المفاوضون من الجانبين تقدم الرؤية الشاملة الأولى على كيفية سير المناقشات السرية للغاية. وقالت الصحيفة إن الوثائق تشير إلى أن واشنطن تسعى بقوة لتغيير بعض اللوائح في أوروبا لتقليل الحماية على البيئة وحقوق المستهلك وبعض المواقف الأخرى التي تتيحها دول الاتحاد الأوروبي لمواطنيها. ونقلت عن مراقبين أن ممثلي واشنطن والاتحاد الأوروبي يبدو أنهم اصطدموا باختلافات لا تقبل المساومة والتي من شأنها التأثير بالسلب على توقيع الاتفاقية التاريخية المثيرة للجدل. ولفتت إلى أن الوثائق تظهر أن واشنطن تسعى لإضعاف المبدأ الوقائي الذي يطبقه الاتحاد الأوروبي للسيطرة على احتمالية بيع منتجات ضارة، وهو على نقيض سياسة الولاياتالمتحدة التي لديها لائحة أضعف تهدف إلى التقليل بدلا من تجنب المخاطر، مشيرة إلى أن هذا النظام الأقل صرامة لحماية المستهلك قد يطبق في دول الاتحاد الأوروبي بموجب الاتفاقية. واشترطت الوثائق على الاتحاد الأوروبي أن يبلغ الولاياتالمتحدة والشركات الأمريكية على أراضيه بأي تغيير يجريه على اللوائح المشابهة، بجانب أن الوثائق تتيح للشركات الأمريكية القدرة على أن تحظى بنفس وضع الشركات الأوروبية في لوائح الاتحاد. ونوهت الصحيفة إلى أجزاء أخرى اختفت عن الاتفاقية، حيث لم تحتو أي من التسريبات على نصوص تشير إلى الجهود العالمية للحد من انبعاثات الكربون طبقا لما تم الاتفاق عليه في معاهدة باريس حول تغير المناخ في نوفمبر الماضي، وذلك رغم تعهد الاتحاد الأوروبي بأنه سيحرص على وجود الاستدامة البيئية كجزء أساسي في أي من اتفاقياته. من جانبه، قال جارجو ريس مدير منظمة (جرين بيس) في الاتحاد الأوروبي "إن هذه الوثائق المسربة تعطينا نظرة لا مثيل لها على إطار مطالب واشنطن لتقليل أو التحايل على الحمايات التي يوفرها الاتحاد الأوروبي في مجال البيئة والصحة العامة كجزء من اتفاقية التجارة الحرة". وأضاف جارجو، في تصريحات نقلتها صحيفة (الجارديان)، "إن موقف الاتحاد الأوروبي سيء للغاية ووضع الولاياتالمتحدة مفزع، فإمكانية المساومة على اتفاقية تجارة حرة في هذا النطاق شيء مروع، يبدو أن الطريق يتم إخلاؤه لسباق إلى القاع فيما يخص معايير حماية البيئة والمستهلك والصحة العامة". وأشارت الصحيفة إلى أن الاتحاد الأوروبي لم يوافق بعد على مطالب الولاياتالمتحدة، ولكن لم يتم النزاع على هذه المطالب في ملاحظات المفاوضين المكتوبة بالوثائق المسربة، وحتى لم يتم تقديم مقترحات للرد في هذه الأجزاء من الاتفاقية.