أكد مفتى الجمهورية الدكتور شوقى علام، أن التنظيمات الإرهابية والتى تدعى أنها تعمل من أجل خدمة الإسلام من خلال رؤيتها، كانت لها وجهة فكرية وسياسية، بالإضافة إلى شروعها فى حمل السلاح لتطبيق ما تراه تلك الجماعات إسلاماً صحيحاً. وقال "علام" إن جماعة المسلمين فى الحقيقة، والمذكورة فى كتب التراث، فهم من اجتمعوا على الحقِّ الذى كان عليه النبى صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، وسُمُّوا أهل السنة والجماعة؛ لانتسابهم لسنة النبى صلى الله عليه وسلم، واجتماعهم على الأخذ بها: ظاهرًا وباطنًا فى القول والعمل والاعتقاد، ودلَّ على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إن بنى إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين ملة، وتفترق أمتى على ثلاث وسبعين ملة؛ كلها فى النار إلا ملة واحدة، فقيل له: ما الواحدة؟ قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابى». وأوضح أن المسلمين جماعة واحدة، وليسوا جماعات متعددة، إلا أنه قد شذ عنها قديما فرق مختلفة كالخوارج والشيعة التى بدأت فى الظهور والتكوين، بسبب ما حدث من خلافات فى نهاية عهد الإمام على رضى الله عنه، وغير ذلك من الفرق عبر العصور، وكانت كل فرقة من هذه الفِرَق تَدَّعِى أن مذهبها يُفسِّر ما كان عليه النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة. وأكد أن الأمر بلزوم الجماعة (أهل السنة والجماعة) معناه أمْر الله تعالى للأمة الإسلامية بالاجتماع على الحق، ونهيها عن التفرُّق والاختلاف؛ لافتا إلى أنه بوجود خليفة المسلمين الإمام الأعظم حاكم الأقطار الإسلامية كانت جماعة المسلمين هى المبايِعة له؛ لأنها مأمورة ببيعته ونصرته وعدم الخروج عليه إلا أن يأتى بكفر بواح. وأضاف: "بعد سقوط الخلافة لم يبق لنا من العلامات التى ترشدنا للجماعة المسلمة التى يجب لزومها إلا مفهوم الكثرة من المسلمين، والسواد الأعظم الذى اجتمع عليه أغلب المسلمين سلفًا وخلفًا، فهذه هى جماعة المسلمين التى يجب لزومها ويمثلها الآن الدولة بمؤسساتها؛ ذلك لأن الأحاديث النبوية صرحت بهذا المفهوم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يدُ الله على الجماعة فاتبعوا السواد الأعظم؛ فإنه من شذَّ شذَّ فى النار»، وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أمتى لا تجتمع على ضلالة، فإذا رأيتم اختلافًا فعليكم بالسواد الأعظم». وعن معنى لزوم الجماعة، أوضح أن الاجتماع قد يكون حسيًّا كاجتماع الناس فى مكانٍ ما، وقد يكون معنويًّا كاجتماع الأمَّة على الإيمان بالله ورسوله فى رابطة إيمانية تتجاوز المكان، بل قد تتجاوز الزمان بالتواصل مع الأمة عبر التاريخ، وتقدير منزلة هذا التاريخ فى إطار المرجعية، قال الإمام الشافعى: «معنى أمر النبى صلى الله عليه وسلم بلزوم جماعة المسلمين: لزوم ما عليه جماعتهم من التحليل والتحريم والطاعة فيهما، ومن قال بما تقول به جماعة المسلمين - أهل السنة والجماعة - فقد لزم جماعتهم، ومن خالف ما تقول به جماعة المسلمين فقد خالف جماعتهم التى أمر بلزومها»، أى أنه لم يعتبر الاشتراك فى المكان دليلا على الانتماء للجماعة؛ بل يجب إظهار الموالاة لله ورسوله والرضا بمرجعية الشرع فى الأمور على درجاتها وعلى درجات الأحكام. وأشار المفتى إلى أن هناك أوامر شرعية تأمرنا بعدم مفارقة الجماعة، فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: «من رأى من أميره شيئًا يكرهه، فليصبر فإنه ليس أحد شبرًا يفارق الجماعة فيموت إلا مات ميتة جاهلية»، وقال أيضًا: «من نزع يدًا من طاعة لم تكن له حجة يوم القيامة ومن مات مفارق الجماعة؛ فإنه يموت موتة الجاهلية». وتابع المفتى :"بناء على ما سبق، فإن الشرع الشريف أَمَرَنَا بلزوم جماعة المسلمين وعدم الخروج عليها، حتى لو كانت النية صالحة؛ لأن هذا يؤدى إلى الفرقة والتشرذم بين المسلمين، وإحداث فتن وانتهاكات لا يعلم مداها إلا الله".