لم يعش البوسني وحيد خاليلودزيتش مدرب منتخب الجزائر حياة عادية تشبه لاعبي الكرة، فاختلطت أيامه بالحروب الفنية والعسكرية. اعتزل وحيد كرة القدم بعد وفاة والدته، وخلال الحرب اليوغوسلافية عاد إلى موستار للدفاع عن بيته، وبقي هناك حتى بعد إصابته قبل أن يجبر على الرحيل عام 1993 بسبب تهديد الوطنيين الكروات حياته وتدمير منزله. "لقد نجحت أينما حللت"، هكذا يعرف وحيد عن نفسه، فمع باريس سان جرمان أحرز كأس فرنسا 2004، مع الرجاء البيضاوي دوري أبطال افريقيا 1997، قاد ليل إلى الدرجة الاولى في فرنسا ثم دوري أبطال أوروبا، أنقذ رين من الهبوط، كما أحرز لقب الدوري الكرواتي مع دينامو زجرب. المدرب العنيد والغضوب والذكي في آن يملك صورة واضحة عن كيفية إدارة أنديته وفرقه وهكذا صنع مع المنتخب الجزائري، ولم يتوان عن إجراء تغييرات جذرية بعد الخسارة الأولى مع بلجيكا ساهمت بتحقيق 4 نقاط وقيادة الجزائر لأول مرة في تاريخها إلى الدور الثاني. يريد خاليلودزيتش رد اعتباره في كاس العالم، فعام 1982 بقي لاعبا بديلا مع يوغوسلافيا التي كانت تضم في وسطها صفوت سوزيتش مدرب البوسنة الحالي فخاض مباراتين كبديل ضد أسبانيا المضيفة وهندوراس دون أن يجد طريقه إلى الشباك. وقبل أربعة أعوام اعتقد أنه سيكون من المدربين المتوجين في أول نهائيات على الأراضي الإفريقية وبقيادة منتخب من القارة السمراء وذلك بعدما نجح في حمل كوت ديفوار إلى نهائيات جنوب افريقيا 2010. لكن هداف الدوري الفرنسي في 1983 و1985 اصطدم باختبار كأس الأمم الافريقية قبل خمسة أشهر من نهائيات كأس العالم وكان منتخب كوت ديفوار الذي يعج بالنجوم مرشحا لرفع الكأس القارية في أنجولا، لكنه وقع على المنتخب الجزائري في الدور ربع النهائي. وكان "الفيلة" في طريقهم إلى دور الأربعة بعدما تقدموا 2-1 حتى الدقائق الأخيرة قبل أن تهتز شباكهم بهدف التعادل الذي جر الفريقين إلى التمديد وكانت الغلبة فيه لمنتخب "ثعالب الصحراء" ليدفع ثمن غضب الجمهور المحلي ويقال من منصبه. "كل درس في الحياة ثمنه وأنا دفعت ما علي"، هذا كان جواب المدرب البوسني على سؤال حول ما شعر به بعد أن حرم من المشاركة في كأس العالم للمرة الأولى. بعد أن ترك كوت ديفوار انتقل خاليلودزيتش الذي حمل الجنسية الفرنسية، إلى كرواتيا للإشراف على دينامو زجرب قبل يبدأ مغامرته الجزائرية قبل ثلاثة أعوام. "التقيت بالمنتخب في فرنسا وكنت أعتقد إنهم سيستجيبون إلي (اللاعبون) وبأننا قد نحقق شيئا معا"، هذا ما يستذكره المدرب البوسني عن اتصاله الاول ب"ثعالب الصحراء". المدرب البوسني الذي ولد في مدينة يابلانيتشا البوسنية في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 1952 وبدأ مسيرته كناشىء عام 1971 مع فريق فيليز موستار ومنه أعير لنادي نيريتفا ميتكوفيتش ثم خاض تجربة مميزة مع نانت الفرنسي بين 1981 و1986 وأثبت معه قدراته كهداف كبير قبل أن ينهي مسيرته في المستطيل الأخضر مع باريس سان جرمان عام 1987، اعتقد أن الفرصة متاحة أمامه لكي يحقق انجازه الأول مع الجزائريين في كأس الأمم الأفريقية عام 2013 في جنوب أفريقيا لكنه مني ورجاله بالخيبة بعد خروجهم من الدور الأول. لكن الاتحاد الجزائري واصل مساندته للمدرب البوسني رغم الخيبة القارية والضغوط الإعلامية والجماهيرية، فكان مصيبا في قراره إذ تمكن من قيادة المنتخب إلى نهائيات البرازيل 2014 بعد أن فاز في خمس مباريات من أصل ست وتصدر مجموعة صعبة ضمت مالي وبنين ورواندا قبل أن يصطدم في الدور النهائي مع بوركينا فاسو التي فاجأت الجميع في 2013 بوصولها إلى نهائي كأس الأمم الإفريقية، فخسر ذهابا خارج ملعبه 2-3 ثم فاز إيابا 1-0 ليتأهل بفارق الأهداف المسجلة خارج أرضه. بدأ مشواره التدريبي عام 1990 مع فريق منطقته فيليز موستار المحلي ثم خاض تجربته الخارجية الأولى مع بوفيه الفرنسي خلال موسم 1993-1994 قبل الانتقال إلى إفريقيا مع الرجاء البيضاوي المغربي. وفي 1998 عاد مجددا إلى فرنسا حيث بقي حتى 2005 بعد أن اشرف على ليل ورين وباريس سان جرمان الذي توج معه بالكأس المحلية، قبل أن ينتقل إلى الدوري التركي لموسم واحد 2005-2006 من أجل الإشراف على طرابزون سبور ثم كانت تجربته العربية الثانية مع اتحاد جدة السعودي عام 2006. ثم خاض المدرب البوسني تجربته الأولى على صعيد المنتخبات بتعاقده مع الاتحاد الإيفواري عام 2008 ثم عاد إلى أوروبا في 2010 لتدريب دينامو زجرب لموسم واحد قبل أن يحل في الجزائر كخلف لعبد الحق بن شيخة في يونيو/حزيران 2011. ستكون مواجهة وحيد الإثنين مع ألمانيا في بورتو أليجري في الدور الثاني الأهم ربما في مسيرته وبحال نجح بتخطيها يكون قد ثار لنفسه وحقق نصرا فريدا سيحتفظ به إلى الأبد.