رصدت دراسة أثرية للدكتورة شيماء سيد محجوب، أخصائي ترميم الآثار بمنطقة آثار الفيوم، أهم النباتات البرية التي تنمو بالمواقع الأثرية، وكيفية معالجتها والقضاء عليها لتأثيرها الضار على الآثار، وكذلك استخدام قدماء المصريين للنباتات البرية في الطب. وأكدت الدراسة أن هذه النباتات لها تأثير ضار على الآثار، حيث تؤدي إلى تلف فيزيائي بإحداث شروخ وشقوق بالمباني الأثرية ومواد البناء قد تصل إلى الهدم الجزئي أو الكلي في بعض الأحيان، وتلف كيميائى متمثل فيما تفرزه جذور الحشائش من مواد عضوية، بالإضافة إلى التلف البيولوجي من حيث انتشار الحشرات والحيوانات بالمواقع الأثرية، مما يؤدي لتشويه بيئة الأثر والمظهر الجمالي وإعاقة أعمال الحفائر والترميم. ورصدت الباحثة، في دراستها، أهم النباتات التي تنتشر بين المواقع الأثرية وتضر بها وعلى رأسها الحشائش الحولية، والتي فترة حياتها أقل من عام، ومنها الزمير، والعوسج، وديل القط، واليدمة، والحندقوق، والغاسول، والجعضيض أو الزربيح، والخبيزة، والأقحوان، ونشاش الدبان، أما الحشائش المعمرة، وهي حشائش تمتد فترة حياتها لثلاث سنوات فأكثر - فهي أخطر أنواع الحشائش لصعوبة مكافحتها وانتشارها بكثرة في المواقع الأثرية، ومنها العاقول، والغاب البلدي، والعليق، والحجنة، والسعد، والحلفا، والسمار الحلو . وعددت الدراسة أهم البرديات الطبية التي وردت بها الوصفات العلاجية وعلى رأسها بردية هيرست ويرجع تاريخها إلى عهد الملك أمنحتب الأول من عصر الدولة الحديثة، وبردية برلين من عهد الملك رمسيس الثاني وبرديات سميث ولندن وليدن الديموطيقية السحرية، وتابعت أن الأطباء المصريين استخرجوا وصفاتهم العلاجية من النباتات البرية داخل المعابد كمعبد دندرة، ومعبد الدير البحري بالأقصر، حيث استخدموا الطابق العلوي منه كعيادة طبية. واعتنى المصريون القدماء بحسب الدراسة بزراعة الحدائق النباتية التي احتوت على أصناف مختلفة من النباتات، حيث قام الملك تحتمس الثالث بزراعة أول حديقة من هذه الحدائق، واحتوى معبده بالكرنك على حجرة زخرفت جدرانها بزخارف محفورة تمثل أنواع مختلفة من النباتات التي أحضرها من رحلته الاستكشافية من فلسطين إلى سوريا، وكذلك اهتم الأطباء في العصرين اليوناني والروماني بالنباتات البرية حيث كان «أبقراط» أو «هيبقراط» من أنبغ حكمائهم، بالإضافة إلى استخدام النباتات البرية في مجال الطب والعقاقير، ومنها الكركم والحنظل والعرعر والكتان والجميز في مجال الطب. كما استخدموا النباتات الطبية في الوصفات العلاجية، ومن أمثلة النباتات التي عرفها وقدسها المصري القديم نبات البردي حيث صنع منه الورق ، والحلفا في صناعة الحبال والحصر. من جانبه، أوضح خبير الآثار عبد الرحيم ريحان أن الدراسة حددت عددا من المواقع الأثرية التي تنتشر بها النباتات الضارة ومنها موقع عرب الحصن بالمطرية ومواقع كيمان فارس الأثرية، وموقع كرانيس بكوم أوسيم بالفيوم، وموقع مدينة ماضي الأثرية، وموقع طابية عرابي بعزبة البرج بدمياط، وقامت بتجارب عملية بموقع السرابيوم بأطفيح، والتي كانت تنتشر به نباتات الحجنة - وهو النبات الرئيسي - ونبات الجعضيض الذي تعرفت عليهما الباحثة وحددت طرق مقاومتهما الميكانيكية والكيميائية. وأضاف «ريحان» ل«الشروق» أن الباحثة تغلبت على هذه المشكلة بشكل تجريبي بموقع السرابيوم بأطفيح بالمكافحة الميكانيكية من خلال قطع الحشائش مع ترك النموات الحديثة لتنمو مجددا، وبعد شهرين تمت المكافحة الكيمياوية بواسطة مبيد الجليفوسات أولا بتركيز 1% في منطقة المكافحة، ثم الرش بتركيز 1% بعد مرور شهر من الرشة الأولى، وكانت النتيجة مجدية إلى حد ما، وبعد فترة تم رشه بواسطة الجليفوسات بتركيز 2%، وبعد شهر تم رشه مرة أخرى بواسطة نفس المبيد تركيز 2% وكانت النتيجة ممتازة، حيث إنها التجربة الأولى عالميا التي أثبتت نجاحها في القضاء على نباتات تضر بالمواقع الأثرية وصعبة المقاومة.