قبل قدوم شهر رمضان بعدة أسابيع، استعدت شوارع القاهرة الكبرى، والطرق الرئيسية، لوضع لافتات الإعلانات، لكنها هذه المرة، ليست لافتات تحمل إعلانات لمنتجات مثل السمن أو الزيت أو الصابون، لكنها منتجات من نوع آخر، هى مسلسلات رمضان، التى أصبحت تنتشر بقوة فى كل الطرقات الرئيسية والجانبية، وأنعشت سوق إعلانات الشوارع (الأوت دور) بشكل كبير، وساهم فى زيادة هذه الإعلانات شدة المنافسة بين القنوات الفضائية، والتى دفعت كل قناة فضائية إلى السعى للإعلان عن نفسها بقوة لضمان جذب أكبر قدر من المشاهدين وحجز أكبر مساحة من الإعلانات التليفزيونية التى تشتعل أسعارها فى رمضان. «إعلانات المسلسلات هذا العام تشهد زيادة غير مسبوقة»، كما جاء على لسان شريف رزق، رئيس مجلس إدارة شركة بارك للتسويق، مضيفا أن سوق الإعلانات سواء فى الطرق، أو الصحف، شهدت زيادة تتراوح ما بين 60 و70% خلال الشهريين الماضيين، بسبب مسلسلات رمضان. ويرجع طارق نور صاحب وكالة نور للدعاية والإعلان السبب فى زيادة حجم الإعلانات إلى كثرة المسلسلات، والأعمال الفنية، والبرامج التى تسعى للعرض فى رمضان. لكنه يؤكد أن «هذا الانتعاش الذى تشهده سوق الإعلانات الآن لن يعوض التراجع الذى شهدته السوق متأثرا بالأزمة منذ بداية الأزمة المالية فى سبتمبر الماضى»، تبعا لنور. ويوضح أن حجم الإعلانات مع بداية الأزمة تراجع بنحو 40% عن قبل الأزمة، مشيرا إلى أن زيادة إعلانات رمضان هذا العام، سوف يعوض نحو 20% من هذا التراجع فقط. إلا أن محمد عبدالمنعم الصاوى صاحب وكالة «عالمية» لا يتفق مع هذا الرأى، «الرواج الذى حدث مع كثرة الدعاية لأعمال ومسلسلات رمضان، ساهم فى علاج الكساد الذى حدث فى سوق الإعلانات مع الأزمة المالية»، تبعا للصاوى. ويضيف الصاوى أن الإقبال على حجز إعلانات الطرق فى الشهر الماضى زاد بنحو 30% مقارنة بالشهور الأولى من العام، لكنها لم تشهد زيادة ملحوظة مقارنة برمضان الماضى. ويوضح الصاوى أن هناك تغييرا ملحوظا فى خريطة إعلانات الطرق، حيث اختلفت نوعية الإعلانات عن الأعوام السابقة، بعد أن كانت إعلانات السلع الغذائية مثل السمن والزيوت هى التى تشغل الطرق، حل محلها المسلسلات. ويقول شريف رزق: إن زيادة حجم مسلسلات وبرامج رمضان ورغبة كل قناة فى تعريف المشاهدين ما لديها من برامج، حتى تجذب أكبر قدر من الدقائق الإعلانية على شاشاتها، أدت إلى زيادة إعلانات الشوارع، حيث كثرت اللافتات الموجودة على طول امتداد الطريق الصحراوى، بل وظهرت الإعلانات فى أماكن لم تكن معتادة من قبل، مثل شوارع فيصل والهرم، وبعض الشوارع الرئيسية فى حى المهندسين، فضلا عن اللافتات الموجودة على طريق المحور، وكوبرى 6 أكتوبر، والتى تعتبر أماكن مميزة للإعلانات. «السبب فى زيادة حجم الإعلانات عن المسلسلات والبرامج فى كل قناة يرجع إلى المنافسة بين الوكالات الإعلانية التى حصلت على امتياز تسويق القنوات الفضائية، وذلك لجذب أكبر قدر ممكن من الإعلانات على شاشتها»، كما جاء على لسان عمرو شلبى، مدير الإعلانات بوكالة الأهرام للإعلان. المسلسلات فاقت العقارات ومع انتشار القنوات الفضائية وزيادة المنافسة بين القنوات، أوكلت القنوات الفضائية، ومن قبلها التليفزيون المصرى، حق التسويق والدعاية لوكالات متخصصة، تتولى أمور الدعاية للبرامج والمسلسلات الموجودة على شاشتها، وتقوم بالتسويق لهذه البرامج للشركات والمعلنين، حيث تتولى وكالة «ميديا لاين» حق الدعاية لقناة الحياة، ووكالة «آد لاين» تقوم بالدعاية لقناة المحور، ووكالة «صوت القاهرة» لدعاية لقنوات التليفزيون المصرى. ويقول عمر شلبى: إن المنافسة على جذب المشاهدين فى رمضان زادت من حجم إعلانات التنويه للقنوات قبل أسبوعين من قدوم رمضان بنسبة 400% عن ما كانت عليه طوال العام. ويؤكد شلبى على أن القنوات أصبحت تتبارى فى حجز صفحات ومساحات من الجرائد اليومية للإعلان عن المسلسلات، والبرامج التى ستقوم بعرضها خلال شهر رمضان، ومن ثم طغت هذه الإعلانات على إعلانات العقارات التى تتميز بها الجرائد فى الصيف، وفى أيام الإجازات. ثلاثة أضعاف إعلانات رمضان الماضى «هذا العام هناك زيادة فى حجم الدعاية للمسلسلات والبرامج التى تعرض على شاشات القنوات الفضائية»، كما جاء على لسان حازم درع، صاحب وكالة «لوك» للدعاية والإعلان. ويقول إن الزيادة فى إعلانات الصحف والطرق، تقدر بنحو ثلاث أضعاف الإعلانات فى رمضان الماضى. ويضيف درع، أن كثافة مشاهدة التليفزيون فى رمضان، فضلا عن زيادة عدد القنوات الفضائية المتحدثة باللغة العربية، والتى يقدر عددها ب120 قناة، هو السبب فى زيادة حجم إنتاج المسلسلات، والأعمال الفنية، وبالتالى فإن زيادة حدة المنافسة بين القنوات، على جذب أكبر عدد من المشاهدين والمعلنين، السبب فى زيادة الترويج والإعلان عن هذه القنوات. أما عن تأثير زيادة الإقبال على الإعلان فى الصحف والطرق على أسعار الإعلانات يقول درع إنه رغم حدوث رواج فى الطلب على إعلانات الطرق التى تؤجر لمدة شهر أو شهرين، لكن لم يؤثر هذا الرواج على ارتفاع أسعارها، فمازالت تتراوح أسعارها ما بين 60 وحتى 120 ألف جنيه بالنسبة للأماكن المميزة، أما بالنسبة للمساحات المستغلة على مدى عام، لم يحدث تغير فى أسعارها، ومازالت أسعارها تتراوح ما بين 600 900 ألف جنيه فى العام. ويقول إنه تم الاتفاق بين وكالات الإعلانات على عدم زيادة أسعار المساحات الإعلانية، «حتى لا يتم تطفيش العملاء»، على حد قول درع.