رئيس جامعة أسيوط يستعرض تقريراً حول الأداء البحثي خلال 2023    كل ما تريد معرفته عن صندوق إعانات الطوارئ للعمال    ارتفاع عجز الميزان التجاري إلى 2.73 مليار دولار خلال فبراير 2024    مصدر رفيع المستوى: رئيس المخابرات العامة يجري اتصالا مع رئيس المكتب السياسي لحماس    مسؤول أممي إعادة إعمار غزة يستغرق وقتًا طويلًا حتى 2040    بيراميدز يفقد الشيبي في مواجهة فيوتشر    تصفيات كأس العالم| فيفا يحدد مواعيد مباراتي منتخب مصر أمام بوركينا فاسو و غينيا    "تعليم القاهرة" تكشف التعليمات الخاصة بامتحان الشهادة الإعدادية    لتعريض حياة المواطنين للخطر.. القبض على شخصين لاستعراضهما بدراجتين ناريتين في القاهرة    "مشنقة داخل الغرفة".. ربة منزل تنهي حياتها في 15 مايو    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    تعطل رحلات الطيران في مطار دبي من جديد بعد هطول أمطار غزيرة    صدام جديد مع المخرج محمد رسولوف.. "بذرة التين المقدس" يثير غضب إيران    احتفالات شم النسيم 2024: نصائح لقضاء يوم ممتع ومليء بالفرح    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    مؤتمر «مجمع اللغة العربية» يوصي بإضافة منهج ل أساسيات الذكاء الاصطناعي (تفاصيل)    تفاصيل موقف غريب جمع بين محمد رشدي وبليغ حمدي في بيروت وما علاقته ب «العندليب»؟    «اللهم يسر لي كل عسير واختر لي فإني لا أحسن التدبير».. أجمل دعاء يوم الجمعة    إطلاق المرحلة الثانية من مسابقة النوابغ للقرآن الكريم في جنوب سيناء 25 يوليو    تمديد استقبال تحويلات مبادرة "سيارات المصريين بالخارج".. المهندس خالد سعد يكشف التفاصيل    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    عاجل.. هيئة الرقابة المالية تقرر مد مدة تقديم القوائم المالية حتى نهاية مايو المقبل    الأوقاف تعلن افتتاح 19 مسجدًا.. غدًا الجمعة    محافظ شمال سيناء: رفح الجديدة صممت لاستيعاب 75 ألف نسمة «من الجيل الرابع» (تفاصيل)    الداخلية تضبط 12 ألف قضية تسول في شهر    أردوغان يعلق على التظاهرات الطلابية بالجامعات الأمريكية لدعم غزة    أول رد من الكرملين على اتهام أمريكي باستخدام «أسلحة كيميائية» في أوكرانيا    وزير البترول ينعى رئيس لجنة الطاقة بمجلس الشيوخ    ميقاتي يحذر من تحول لبنان لبلد عبور من سوريا إلى أوروبا    منحة السفارة اليابانية MEXT لعام 2025 لطلاب الجامعات.. تعرف على التفاصيل    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    كاف يحدد موعد مباراتي مصر أمام بوركينا فاسو وغينيا في تصفيات كأس العالم    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    صحة الإسكندرية: فحص 1540 مريضًا في قافلة "حياة كريمة" ببرج العرب    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    الإمارات: مهرجان الشارقة القرائي للطفل يطلق مدينة للروبوتات    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 48 شخصا    أب يذبح ابنته في أسيوط بعد تعاطيه المخدرات    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    كولر يعالج أخطاء الأهلي قبل مواجهة الجونة في الدوري    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    إعلامي: الخطيب طلب من «بيبو» تغليظ عقوبة أفشة لإعادة الانضباط في الأهلي    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى الحلقة الرابعة.. خالد أباظة: حسام أبو الفتوح وحرمه وأنا أجهشنا فى البكاء داخل غرفة السجن
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 12 - 2015

- بعد نشر المقال قال لى خائفا: يا خالد أنا بتكلم معاك على أساس اننا أصحاب مش بصفتك صحفى وهتكتب!
- اتصل بى أحمد عرفة فى قمة الانفعال وقال: مين محمد زكى ده؟ ومين المسئول عن نشر صوره مع الوزير؟
- معظم من اتهمونى بالغرور والتعالى لم يكونوا يعرفوا أى شيء عن مهامي الإدارية داخل الجريدة
- مدير إدارة العلاقات العامة بالداخلية لجأ لوالدى الذى رد عليه: اعتبرهم عيال وغلطوا!
- وزارة الداخلية انصفتنى فى إلغاء منشور منع ترخيص الزجاج الملون
- إبراهيم سعدة غاضبا: لما تبقى عايز تكذب ما تدخلش أسمى فى كذبك!
- حبيب العادلى أراد الانتقام منى ورئيس التحرير أنقذنى!
- درجة رجال الأعمال بطائرة ماليزيا تحولت فجأة لفصل داخل مدرسة مع مُدرِسة مش عايزه تدرس أساسا!
- أثار مقال «أنا وخالتى فوق السحاب» جدلا واسعا وجاء رد مصر للطيران سريعا جدا
- عندما علم أبو الفتوح أننى الصحفى الذى ينتظر الدخول قال: خالد مش صحفى خالد ده ابنى!
- أغضبنى عرفه عندما قال: فى حاجة حاصلة من تحت الترابيزه وقلت له سوف أرد عليك رسميا وانهيت المكالمة
- قلت لخالد يوسف هاخد حق أخبار اليوم الأول وبعد كده نشوف موضوع الصلح
- كنت مصرا على دفع فريق العمل للسفر وتغطية الأحداث العالمية وكنت أسعد بتراكم خبراته
- سافرت إلى روما وقضيت أربعة أيام وحدى مع الفئة السابعة الجديدة!
جلسات طويلة استمرت لما يقرب من 20 ساعة حتي الآن، تحدث خلالها خالد أباظة بتفاصيل وأسرار يتم نشرها للمرة الأولى على صفحات ملحق سيارات جريدة الشروق، هذا العدد نقدم لكم الحلقة الرابعة وقد أوشك الحديث على الانتهاء، والحقيقة أن تفاعل القراء خلال الأسابيع الثلاثة الماضية كان مدهشا، والمثير «أو» الغريب فعلا أن حالة التفاعل امتدت لشرائح مختلفة من القراء لا يهتم مطلقا بصحافة السيارات، فربما لأول مره يتجاوز التفاعل مجتمع السيارات والمهتمين بهذا القطاع بشكل خاص أو حتى عام، وربما كان هذا من ضمن توليفة النجاح لخالد أباظة، والذي أكد فى الحلقة الأولى من هذا الحوار، أنه كان دائما حريصا على تقديم «طبخة صحفية» تجتذب شرائح جديدة من القراء باستمرار، شرائح جديدة تضم لأول مره على سبيل المثال الإناث!، هذا ما لاحظته خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، من خلال التعليقات التى كانت تأتينى باستمرار من زملائى فى الأقسام الأخرى فى عدد من الصحف المصرية، وأصدقائى الذين لا يهتموا بالسيارات بأي شكل من الأشكال.. فى هذه الحلقة يستكمل «الأستاذ» حديثة عن وزارة الداخلية، مواقف متنوعة تعرض لها وكان الوزير فى بعض الأحيان طرفا فيها، أو خصم كتعبير دقيق، ويتحدث أيضا عن اتهام كان شائعا جدا، فقد كان متهم بالغرور والتعالي على الوسط الصحفى، خصوصا عندما كان يرفض أو يعتذر عن حضور المناسبات والأحداث التى كانت تضم جميع صحفيين السيارات فى مصر، بجانب اعتذاره شبه الدائم عن السفر وحضور وتغطية الأحداث العالمية، يتحدث أيضا عن أبرز مقالاته التى أحدثت جدلا واسعا ولم يكن لها علاقة بالسيارات ولا بسوق السيارات، وأخيرا يتحدث عن علاقة خاصة جدا جمعته بالمهندس حسام أبو الفتوح، مواقف متعددة ومعاصرته للأزمة التى مر بها رجل الأعمال الشهير..
كانت لك العديد من المواقف مع وزارة الداخلية، وأذكر أنك اصطدمت بحبيب العادلى شخصيا؟
(79)
كان هناك عدة مواقف مع وزارة الداخلية، منها موقف طريف ومنها موقف رائع ومنها صدام عنيف أيضا مع وزارة الداخلية، أو مع حبيب العادلى نفسه.. الواقعة كانت فى صيف 2007 ، كنت ذاهبا إلى قرية مارينا فى الساحل الشمالى، ودخلت من بوابة 4 أو 5 حسب ما أذكر، ثم فوجئت بجيش من عساكر الأمن المركزى، يقفون؛ لا حول لهم ولا قوة، فيما يشبه «تشريفه»، وكانت الساعة تشير للثالثة ظهرا والشمس حارقة، وكانوا يرتدون الزى الأسود الكامل لأفراد الأمن المركزى!، كان مشهدا غريبا جدا، العساكر مصفوفة على جسر من الجسور التى تشتهر بها مارينا، وفى نفس المشهد أمام العساكر وحولهم بنات وشباب بملابس البحر «والبنت اللى مش بالمايوه كانت لابسه شورت أو لافه نفسها بكاش مايوه »، ونظرت لوجوه العساكر وشاهدت حالة الذهول التى تسيطر على أعينهم وأفواههم!، ووسط هذا المشهد لجنه تفحص رخص الفتيات والشباب، وتوقفت فى اللجنه وسألت الضابط: «هو فيه إيه؟ العساكر دول واقفين كده ليه؟» وعلمت أنه هذا هو المتبع عندما يتواجد وزير الداخلية حبيب العادلى فى واحدة من ڤيلاته فى مارينا.
(80)
وكنت قد وصلت لأقصى درجات الاستفزاز بهذا المشهد، ولم أهدأ إلا بعد كتابة مقالى الذى لم يتسبب فقط فى اصطدامى بوزير الداخلية، بل اصطدام مؤسسة أخبار اليوم به أيضا، فقد حمل المقال عنوان: «وزير الداخلية والمايوه البيكيني!»، وكان ربما أغرب عنوان أقوم بكتابته فى مشوارى!، والحقيقة لم أجد رد فعل مشجع من الزملاء فى الملحق، كان القلق يسيطر على الفريق بالكامل مساء يوم الأربعاء عندما قرؤوا المقال قبل طباعة الملحق، طلب منى بعضهم تخفيف العنوان وحذف فقرات أو سطور، فقد كان حبيب العادلى وقتها فى عز قوته وهيبة وزارة الداخلية فى هذا الوقت كانت معروفة جدا!، ولكنى رفضت كانت حالة الاستفزاز تتملكنى بالكامل، رفضت تعديل أى جزء وقلت: «هننشر على كده وربنا يستر!»، وكان المقال يحتوى على عبارات نقد وهجوم رهيبة على الوزير حبيب العادلى نفسه، وكتبت منتقدا التعامل غير الأدمي مع عساكر الأمن المركزي، الذين وقفوا لساعات طويلة في الحر الشديد مرتدين الزى العسكرى الكامل، وتعجبت أن لا يخشى أحد أن يثور أحد هؤلاء العساكر ويعلن رفضة لهذا الموقف وتمرده على الوزارة كلها، أو حتى يصاب بحالة «هياج» عصبى ونفسى ويمسك بواحدة من فتيات البيكينى ويعتدى عليها بدون وعى!!، كل ذلك من أجل أن يسير سيادة الوزير في «تشريفة» إلى ڤيلته داخل مارينا، بلا رحمة أو إنسانية!. كتبت وقتها إذا كان الوزير يريد أن يستمتع بشمس الصيف على البحر بهذا الشكل والأسلوب، فأفضل له أن لا يصيف أصلا، ويجلس داخل مكتبه بوزارة الداخلية!.
(81)
وتم نشر المقال، بعنوانه الذى كان يتعدى الجرأة ومحتواه الصادم، وانقلبت الدنيا رأسا على عقب فى وزارة الداخلية فى الساعات الأولى من صباح السبت!، حالة غضب غير مسبوقة فى الوزارة، اجتماعات طارئة لكبار الضباط فى إدارة الإعلام والعلاقات العامة، وتم الاستفسار والسؤال عنى، وتطورت حالة الغضب وانتقلت إلى مكتب الوزير نفسه، ولم يعتمد حبيب العادلى على كبار ضباط الوزارة هذه المرة، وقام بالاتصال وهو فى قمة غضبه بممتاز القط رئيس تحرير أخبار اليوم فى هذا الوقت قائلا: إزاى يتم نشر مقال بالمحتوى ده؟ وإزاى يتم إقران اسم وزير الداخلية بالمايوه البيكينى؟ انتم عارفين اللى حصل ده اسمه ايه؟!.
(82)
وفى الوقت الذى كان يحذرنى فيه الزملاء من نشر المقال، كنت قد أرسلت نسخة منه لمكتب رئيس التحرير ممتاز القط، ليشاركنى المسؤولية عند نشر المقال، ولم يصلنى منه أى رد أو تعليق!، وقلت فى نفسى أنه اطلع عليه، وهو يعرف جيدا أنه سوف يتحمل معى جزء كبير من المسؤولية بصفته رئيس تحرير أخبار اليوم، وعلمنا بحالة الغضب الشديدة في الوزارة والتى انتهت بمكالمة من الوزير، اتصل حبيب العادلى برئيس التحرير ممتاز القط، وعبر عن غضبه الشديد من المحتوى والعناوين وكيف يجرؤ خالد أباظة على كتابة مثل هذا المقال، كيف يجرؤ على إقران منصب حكومي رفيع مثل منصب وزير الداخلية ب«مايوه بيكيني»!، وكانت هناك نبره تهديد واضحة فى مكالمة الوزير، حيث قال لرئيس التحرير: «انتم عارفين ده اسمه إيه؟!، ده اسمه سب وقذف وتشهير!».
(83)
الحقيقة أن موقف ممتاز القط كان أكثر من رائع مع وزير الداخلية، قال له: «لو فيه حاجة مش صحيحة زميلنا خالد كتبها، أؤكد لك انه سوف يتم محاسبته فورا، هل هو «اختلق» قصة التشريفة والأمن المركزى والبنات من عنده؟»
ورد العادلى قائلا: «لا الموقف حصل، بس القصص دى مش قابلة للنشر، بهذا الأسلوب اللى فيه تجاوزات كثيره، وله أثار سلبية داخل الوزارة»!
واعتذر له ممتاز القط وطلب منه عدم التدخل فى الشئون الصحفية للمؤسسة، وأن ما يفعله هو ضد توجهات رئيس الجمهورية – فى ذلك الوقت – الذى كان يوجه بحرية الصحافة، والحقيقة أن موقف ممتاز القط مع الوزير حبيب العادلى، لم يكن متوقع من قبل العادلى نفسه، والذى يبدو أنه فوجئ خلال المكالمة بأن القط لم يكن خائفا أو مرتعشا ولا ينوى التضحية بى من أجل عيون وزير الداخلية. ولم يكن أمام العادلى إلا أن يبادر بإنهاء المكالمة التليفونية مع ممتاز القط، بكلمة «شكرا يا أستاذ ممتاز» والتى كانت تحمل غيظا شديدا واستسلاما للأمر الواقع!، واستدعانى رئيس التحرير فى مكتبه، وكنت متوقع أن تتم مهاجمتى وإلقاء اللوم على، ولكن على العكس تماما، استقبلنى القط فى مكتبه بترحاب، وحكى لى ما حدث، وقال لى فى نهاية الجلسة؛ «ده من أحسن المقالات اللى اتكتبت، راجل يا خالد»!.
وماذا عن الموقف الطريف.. هل كان الوزير أيضا طرف فيه؟
(84)
كان موقفا طريفا، ولكنه كان موقف محرج أيضا!.. وكان وزير الداخلية طرفا فيه بشكل من الأشكال!، ففى احدى الجلسات فوجئت بأحد أصدقائي المقربين يروى لى ب «حرقة دم» شديدة قصة تجديد رخصة سيارته فى احدى وحدات المرور بالقاهرة، وكانت سيارته چيپ شيروكى ومزوده ببعض الاكسسوارات منها إكصدامات أمامية وخلفية للحماية، وذهب لتجديد الرخصة، وعند الفحص، قال له مهندس الفحص الفنى: «حضرتك روح فك أو شيل الإكصدامات الزيادة دى وارجع لى عشان أمضيلك على ورقة الفحص، وتعرف تجدد رخصة العربية» وبعد مناقشات طويلة استسلم صديقى وغادر وحدة المرور، ليتفاجأ بصبى صغير يجرى خلفه وينادى عليه: «يابيه، يابيه عايز ترخص وانت مركب الحديد؟!» والتفت صديقى للصبى قائلا: «أيوه، انت مالك وانت مين أصلا وعايز ايه؟!»، وطلب منه الصبى 50 جنيه وأخبره أنه سوف يقوم بإعطائها للمهندس بنفسه وسوف يقوم بتوقيع الورق فورا.
(85)
أعطى صديقى للصبى ال 50 جنيه، وخلال دقائق خرج المهندس وقال له: «تحت أمرك با بيه، انا خلصت لك الورق أهو، وانت كان عندك حق على فكره، ده لازم تركب الحديد عشان يحمى العربية، أوعى تشيله أو تفكه»، وكان صديقى يحكى القصة وكنت أنا فى قمة التفاعل مع تفاصيلها، أفكر كيف سوف أقوم بصياغة هذه الواقعة، التى تكشف قصة فساد علنى!، وبالفعل كتبت الواقعة بالتفصيل ولكن دون أن أذكر أسماء، لم أذكر أسم صديقى ولا وحدة المرور ولا رقم ومواصفات السيارة، وفى صباح السبت وبعد نشر تفاصيل الواقعة، جاءنى اتصال هاتفى من مدير إدارة الإعلام والعلاقات العامة بوزارة الداخلية، وكان بالصدفة صديق مقرب جدا للعائلة، وكنت أعرفة جيدا منذ الصغر، اتصل بى قائلا: «إيه يا خالد اللى انت كاتبه ده؟!، سيادة الوزير قرأ المقال وأعطى أمر بالتحقيق ومعاقبة مهندس الفحص، ومدير إدارة المرور فى الوحدة التى شهدت الواقعة، ابعتلى حالا بيانات صاحبك وبيانات عربيته، واسم وحدة المرور، واسم مهندس الفحص».
(86)
وانتهت المكالمة مع اللواء، لأطلب صديقى فورا، وكنت سعيدا بالتجاوب السريع للوزارة وسعيدا بأن مقالى سوف يكون سبب فى محاربه جزء من الفساد المنتشر وقتها في إدارات المرور، وحكيت لصديقى المكالمة التى دارت بينى وبين اللواء، وتعليمات وزير الداخلية، وفوجئت منه برد فعل غير متوقع تماما!، فقد أعصابه ودخل فى نوبه قلق شديدة وقال لى: «يا خالد أنا بتكلم معاك على أساس اننا أصحاب مش انك صحفى وهتنشر إللى أنا حكيته!، أنا ما طلبتش منك تنشر أى حاجه!» وأضاف: «دلوقتى لو عرفوا اسمه هيعملولى مشاكل، ياعم أنا طول عمرى ماشى جنب الحيط، أنا مالى ومال الناس دى، أبوس إيدك ابعدنى عن وزارة الداخلية وحبيب العادلى»، وكان موقف محرج جدا لى، كنت أنتظر مكالمة اللواء ولا أعرف ماذا أقول له.
(87)
واتصل الرجل ويبدو القلق واضحا فى صوته؛
- فين يا خالد، مبعتش البيانات اللى طلبتها منك ليه يا حبيبي؟
- حضرتك، احنا مش هينفع نبعت البيانات، صاحبى خايف جدا، وطلب منى ان سيرته ماتجيش خالص.
- يعنى إيه يابنى الكلام ده؟!، مفيش حاجه اسمها كده، قول له ماينفعش، بقول لك الوزير مستنى!.
- مهو خايف لحد يستدعيه للشهاده
- دا وارد فعلا، هو خايف من إيه بس، دى إجراءات عادية جدا
- هو مش عايز وقال لى أن لو حد استدعاه هينكر الواقعة ومش هيعرفنى تاني
- أيوه يا خالد، وأنا أقول إيه لسيادة الوزير؟!
- أنا أسف والله مش هعرف أعمل حاجه، أنا مش هخسر صاحبى عشان وزير الداخلية
- إيه يا خالد ده؟، ماينفعش كده، أنت كبرت يا حبيبي وبقيت صحفى، ازاى تورط الداخلية أنت وصاحبك بالشكل ده؟
وانهى مدير إدارة العلاقات العامة حديثه معى واتصل بوالدى، وهم أصدقاء منذ الطفولة، وحكى له الواقعة وأن وزير الداخلية منتظر التحقيق، واتصل بى والدى وقلت له أن الواقعة تخص فلان وهو خائف وطلبت منه أن يعتذر للرجل. وكان موقف طريف فعلا حيث اتصل به قائلا: «معلش بقى عديها الولد صاحب خالد خايف، وخالد مش عايز يزعله، بص اعتبرهم الاتنين جوز عيال وغلطوا وخلاص»!!، وضحك مدير إدارة الإعلام والعلاقات العامة وقال لوالدى: «خلاص أنا هبلغ سيادة الوزير ان الموضوع طلع عائلى، بس قول لخالد بعد كده مايكتبش حاجه عن الداخلية، لو مش هيقدر هو وأصحابه يتحملوا المسؤولية، لأن مافيش لعب مع سيادة الوزير حبيب العادلى».
ذكرت أيضا أنه كان هناك موقف رائع مع وزارة الداخلية، ما هو؟
(88)
موقف رائع جدا مع وزارة الداخلية، فى فترة أصدرت الوزارة منشور، تم توزيعة على جميع إدارات المرور فى مصر، ينص على عدم الترخيص أو تجديد الترخيص لأى سيارة مزوده بزجاج معتم «فاميه»، وأنه يجب إزالة «الفيلم الغامق» أولا حتى يتم ترخيص السيارة، وأن هذا المنشور سارى على جميع السيارات بكافة أنواعها، المجمعة محليا والمستوردة من الخارج، وكان قرار «غريب» جدا، وغير مدروس على الإطلاق، فقد كان عدد كبير من السيارات والموديلات المختلفة، مزودة بزجاج معتم كتجهيز قياسي، أى أن الزجاح ملون أصلا، ولا يوجد فيلم يمكن إزالته، وأحدث المنشور حالة كبيرة من «الدربكة» فى سوق السيارات، انصرف العملاء عن شراء السيارات التى تحمل زجاج ملون، ووضع المنشور الوكلاء فى موقف غريب، فكان الحل الوحيد أمامهم، هو استبدال الزجاج الأصلى للسيارة بأخر غير أصلى شفاف، وكان حل غير منطقى وغير عملى ولجأت إلى عدد كبير من الشركات المتضررة في ذلك الوقت.
(89)
نشرت فى يوم السبت التالى القصة كاملة، مع صورة المنشور، وناشدت وزير الداخلية للتدخل لإلغائه، وأنه سوف يلحق بضرر كبير على المستهلك وشركات السيارات، وحدثت استجابة أسرع مما كنت أتوقع وأتخيل، اتصل بى مساعد وزير الداخلية فى اليوم التالى من النشر، وقال لى أن الوزير قرأ المقال وطلب تقريرا وافيا لتلك القضية، وبالفعل تم عرض التقرير عليه، وكان يحمل وجهتين النظر، الأولى التي كانت وراء إصدار المنشور، الثانية المعارضة والتي تم الاستناد فيها لما كتبته في المقال، وقرر الوزير فورا أن يتم إلغاء القرار وتم إصدار منشور جديد وتوزيعه على جميع وحدات المرور، وأرسلت لى الإدارة المختصة نسخة منه، ونشرته مع مقالى في الأسبوع التالى، الذى شكرت فيه وزارة الداخلية، فهذه الواقعة كانت تجسد من وجهة نظرى فعلا دور ملحق السيارات بأخبار اليوم، حيث نقل بمنتهى الشفافية صرخات قطاع السيارات؛ مستهلكين وشركات إلى المسئولين، وفى المقابل تحركت فورا الجهات المختصة، تأكيدا لقوة هذا الإصدار المتخصص.
اشتهرت فى فترة بمقالات ابتعدت عن سوق السيارات بشكل ما، هل تذكر «حكاية» مقال من تلك المقالات الكثيرة والتى أحدثت جدلا واسعا؟
(90)
مقال: «أنا وخالتى فوق السحاب»!، دارت الواقعة خلال واحدة من رحلات معرض أوتوماك – أخباراليوم التى كنا نصطحب خلالها المسئولين فى شركات السيارات فى رحلة عمل تمتد لأسبوع تقريبا، وكنا متجهين إلى ماليزيا مع ما يقرب من 25 أو 30 مسئول فى سوق السيارات، وكنا قد حجزنا درجة رجال الأعمال فى الطائرة بالكامل، وبعد إقلاع الطائرة، وإعطاء الكابتن إشارة إمكانية فك حزام الأمان، فوجئنا بسلوك غريب جدا من مضيفة مصر للطيران، وهى سيدة تخطت الستين من العمر على ما أعتقد، فى البداية كان يبدو الاستياء واضح عليها، ثم بدأت تنفعل و«تزعق» و«تشخط» فى أى شخص منا يترك مقعدة أو يضحك بصوت عالى!، وكان الأمر في منتهى الغرابة.. فجأة كأننا فى فصل داخل مدرسة مع مُدرسة لا تريد التدريس أساسا!، ووجدت كل المرفقين لنا من مسئولين بشركات السيارات يسألوننى: «هتكتب إيه السبت اللى جاى بقى؟!، هتحكى الموقف ده إزاى؟!».
(91)
وفعلا بعد عودتنا إلى القاهرة كتبت مقال بعنوان؛ «أنا وخالتى فوق السحاب»، وأثار المقال جدلا واسعا جدا فى هذا الوقت، وكان المقال عبارة عن شكوى إلى مسئولى شركة مصر للطيران، وأبديت غضبى الشديد لأن ما حدث من الطبيعى أن يؤثر بشكل سلبى على سمعة شركتنا الوطنية، التى نعتز بها جميعا، وكانت الاستجابة سريعة جدا، ورائعة أيضا من مسئولى الشركة، وعلى رأسهم عبد العظيم صدقى مدير إدارة العلاقات العامة بمصر للطيران والسيدة يسرية رجب المستشار الإعلامي لرئيس مجلس إدارة مصر للطيران، ووعدوا بالتحقيق فى الواقعة، وأكدوا لى أيضا، أن الفترة القادمة سوف تشهد تغييرات جذرية فى شركة مصر للطيران، وسوف تشهد تعيين جيل واعد من المضيفات والمضيفين الشباب، وأن الإدارة كانت قد عكفت طوال الفترة الماضية على إجراء اختبارات ولقاءات لعدد كبير من الفتيات والشباب، وبالفعل تم اختيار عدد كبير منهم، بعد توافر بعض الشروط التى تتعلق باللغة والسن وحسن المظهر، وبمجرد حصولهم على التدريبات والدورات اللازمة سوف يتم الدفع بهم فورا على جميع رحلات مصر للطيران، وأذكر أنهم وجهوا الدعوة لى للاجتماع مع عدد كبير من المضيفين والمضيفات الجدد، الذين تم اختيارهم بعناية حتى أتعرف بنفسى على كفاءتهم وصلاحيتهم للعمل، على خطوط مصر للطيران المختلفة، ولكننى اعتذرت عن عدم حضور هذا الإجتماع مؤكدا لهم ثقتى الكاملة فى اختياراتهم القادمة وفقا لما أبدوا لى من تفهم فعلى لاستحالة استمرار عدد كبير من المضيفين والمضيفات، أصحاب المستوى المتدنى شكلا وموضوعا.
هل تعلم أنك كنت متهم دائما بالغرور، والتعالى على مجتمع صحافة السيارات، خصوصا مع تغيبك الدائم عن الأحداث المحلية التى كانت تضم معظم صحفيين السيارات، وفى الكثير من الأحيان الأحداث العالمية أيضا؟!
(92)
سمعت هذه الاتهامات كثيرا، خصوصا بعد خروجى من أخبار اليوم، وعلمت أنها كانت تتزايد بالفعل عندما أصبحت أعتذر عن حضور الأحداث المحلية والعالمية باستمرار، ولم يكن اعتذارى من منطلق الغرور إطلاقا!، فكما ذكرت فى الحلقات السابقة من هذا الحوار، تم تأسيس فريق عمل رائع، وكان كل فرد فى هذا الفريق يعرف دوره جيدا، والحقيقة أنه كان جديرا بثقتى الكاملة، وكنت أكلف أفراد الفريق بتغطية كل الأحداث المحلية والعالمية التى يتم دعوتنا إليها، وكان فعلا وجودى غير مهم، لن يمثل أى إضافة لما سوف يقوم به الفريق من قسمى التحرير والإعلانات خلال الحدث، الحقيقة أن هذا الفريق سمح لى للتفرغ لمهامى الإدارية والتى لم يكن يعرف عنها الذين يتهموني بتلك الاتهامات أى شيئا!، فمعظم الزملاء فى الصحف المنافسة سواء الذين يعملون فى التحرير أو الإعلانات، يكونوا عادة متابعين لأحداث شركة سيارات أو شركتين، ولا يمكن لأى أحد منهم أن يتخيل حجم المسؤولية لتولى مهام الإشراف الصحفى والإعلانى كاملة، على كافة شركات السيارات فى مصر.
(93)
هذا بجانب أننى كنت مصرا دائما على دفع أفراد فريق العمل لتغطية الأحداث وخصوصا الدولية التى كانت تتم دعوتنا لها، كنت أسعد بتراكم خبراتهم، وارتقائهم بجودة إنتاجهم، وفى الكثير من الأحيان كانت دعوات السفر تأتى بشكل حصرى جدا لى، وكنت أكلف أحد أفراد فريق عملى بالسفر دائما بالنيابة عنى، فمن المؤكد أننى لم أكن أتعالى على نفسى عندما كنت أعتذر عن السفر!، وجدير بالذكر أنه مع الوقت تخصص كل فرد من أفراد فريق العمل فى جزئية معينه وتفوق فيها، وكان وجودى معهم فى أى حدث لن يضيف إلى جودة التغطية بأى شكل من الأشكال.
خلال صدامك المستمر مع سوق السيارات، ما هو أكثر موقف أغضبك ولماذا؟!
(94)
فى إحدى دورات معرض أوتوماك – أخبار اليوم، أثناء حفل الافتتاح الرسمى وكنت دائما أصطحب الوزراء وكبار الشخصيات ورئيس مجلس إدارة أخبار اليوم والصديق أحمد غزى رئيس مجلس إدارة شركة ACG-ITF منظمة المعرض فى جولة الافتتاح، وكان الطبيعى أن نقوم بتقديم المسئولين فى شركات السيارات داخل كل جناح للوزراء ونتركهم لبضع دقائق للحديث، حيث يقوم المسئول البارز فى الشركة أو رئيس مجلس الإدارة بنفسه بشرح خصائص السيارات والتكنولوجيا الحديثة للوزراء، ثم نقوم باصطحابهم من جديد لجناح أخر، وفى جناح أودى كنت أبحث سريعا عن وكيل أودى فى مصر كريم نجار أو مدير عام المبيعات أحمد عرفة، حتى أقدمهما أو أقدم أيا منهما للوزراء، ولكنى لم أجدهم ووجدت محمد زكى الموزع العام لأودى، يقف فى الجناح ومستعد لاستقبال الضيوف، وقمت بتقديمه للوزراء، وبدوره قام بتقديم سيارات أودى لهم وشرح التكنولوجيا الحديثة التى تحملها تلك السيارات، وبزيارة الأجنحة الأخرى انتهت الزيارة، وتم نشر التغطية يوم السبت فى الملحق بالشكل التقليدى لكل عام، صور الوزراء مع مسئولى الشركات فى أجنحة السيارات المختلفة.
(95)
فوجئت يومها بمكالمة من مدير عام مبيعات أودى أحمد عرفة وكان فى قمة الانفعال ودارت المكالمة على النحو التالى؛
- يا أستاذ خالد، مين المسئول عن نزول صورة محمد زكى فى الزيارة الرسمية جوه جناح أودى، مين محمد زكى ده؟
- يعنى أيه من المسئول؟! على حسب معلوماتى أن محمد زكى ده هو الموزع العام لأودى في مصر!، وأعتقد يا أحمد إنى مش أنا اللى عينته ولا أنا اللى دعيته على الافتتاح الرسمى ولا أنا اللى وقفته جوه الجناح فى استقبال الوزير!
- لا، أنا أسف بس في حاجه مش مظبوطه، فى حاجه حاصلة من تحت الترابيزه
- وإيه اللى ممكن يكون حاصل من تحت الترابيزه؟!!
- أكيد زكى «مظبط» حد فى الفريق بتاعك في أخبار اليوم، عشان تتم بروزته بالشكل ده وتنزل صورته مع الوزير
- قلت له غاضبا: وتفتكر مظبط مين بقى؟!!!
- أكيد واحد من الصحفيين اللى عندك
(96)
وانقلبت المكالمة لاتهام رسمى من عرفه لى شخصيا، فاختيار الصورة وقرار نشرها يعود إلى فى النهاية، أغضبنى ما قاله ورديت قائلا: «انت بتتكلم فى حاجه عيب تقولها على أى حد فى أخبار اليوم، ولا محمد زكى ولا انت ولا أى حد ممكن يكون مظبط حد فى أخبار اليوم!، اتهامك ده اتهام صريح بالرشوة، وأنا مش هقبله وأكيد هيتم الرد عليك رسميا يا أحمد» وانهيت المكالمة.
بعد ساعتين اتصل بى الصديق خالد يوسف، وهو كان مدير أحمد عرفه السابق أثناء سنوات عمله فى فولكس ڤاجن وأودى وقال لى: «يا خالد عرفه كلمنى وقال لى انه شد معاك جامد وطلب منى إنى أتدخل، وأنا فى المطار مسافر وخلينا لما أرجع نشوف الموضوع ده»، وقلت له: «سافر انت، هو ما غلطش فيا أنا بس، ده غلط فى أخبار اليوم كلها، وده غلط لا يغتفر، وقبل ما يحصل أى محاوله للصلح أنا هاخد حق أخبار اليوم الأول، وبعد كده نشوف موضوع الصلح ده».
(97)
نشرت القصة كلها يوم السبت التالى للواقعة، قلت أن ده شيء مرفوض ومبدأ مرفوض، ولا يجوز أن يتم اتهامنا بالرشوة، خصوصا وأننا ننشر هذه الصور لمجاملة الشركات فى النهاية، فمن المؤكد أن هذا النوع من الصور لا يهم القارئ أساسا، ثم أننا لم نقوم بدعوة محمد زكى، ولم نطلب منه الوقوف فى الجناح واستقبال الوزراء، وكان الحل الثانى أمامنا أن نتجاهل جناح أودى تماما أثناء الزيارة فى التغطية، وهو أمر لم يكن له مبررا أبدا، وخصوصا أن جناح أودى فى هذه الدورة كان يضم عدد كبير من السيارات الجديدة التى يتم الكشف عنها للمرة الأولى محليا بجانب التصميم الرائع للجناح نفسه.
(98)
وتضخم الأمر جدا بعد نشر المقال، وتحول لشيء لم أكن أرغب فيه فعلا من الناحية ألإنسانية!، فقد اتصل بى صاحب التوكيل كريم نجار وأكد لى رفضه تماما لأسلوب عرفه والاتهامات التى صدرت فى حق أخبار اليوم والعاملين فيها، وتوعده بالفصل، واعتذر شخصيا عن إساءات مدير المبيعات وأكد ثقته فى أخبار اليوم وكل فريق العمل بالملحق، وقال لى إنه إن كان سوف يلقى اللوم على أحد فى هذا الموقف أساسا، فأحمد عرفه من سوف يتم لومه، لعدم تواجده أثناء الزيارة الرسمية، وأنه هو المسئول أمامه عن استقبال محمد زكى للوزراء في الافتتاح الرسمى للمعرض، ووقتها طلبت من كريم نجار أن يهدأ ولا ينفعل أكثر من اللازم وقلت له أننى نسيت الموضوع بالفعل بعد أن كتبته وحصلت على حق مؤسسة أخبار اليوم ولا يوجد داعى لتضخيم الموضوع أكثر من ذلك، ولا التلويح بقصة «فصل عرفه» خاصة وأنه فى مقتبل العمر، ويمكننا اعتبار هذه الواقعة بمثابة درسا بالنسبة له، يدفعه للحرص فى تعاملاته مع الناس مستقبلا، ولكن لا يجب أن نذبحه بسبب خطأ واحد
(99)
وتأثر أحمد عرفة نفسيا إلى حد كبير بسبب هذه الواقعة وردنا العنيف، لدرجه لم أكن أتخيلها بالفعل، وتطور الأمر بشكل انسانى وخاص جدا، حيث تأثرت والدته نفسيا وصحيا بسبب ما كتبته، وفى الحقيقة تمنيت للحظة لو لم أكتب هذا المقال، ولو لم تحدث هذه الواقعة، التى تسببت فى ضرر كبير بهذا الشكل لأحد المنتمين لسوق ومجتمع السيارات فى بلدنا!، ولكنى كنت أقول لنفسى: «هو لو كان حقى أنا كان ماشى، كان ممكن ما أكتبش، لكن ده حق أخبار اليوم كلها»، الاتهامات كانت قويه ولا تغتفر، وفى النهاية لم يكن حق خالد فقط، بل حق مؤسسة عملاقة وفريق عمل محترم أيضا!.
كانت تربطك علاقة قوية مع رجل الأعمال حسام أبو الفتوح، حتى أنك كنت الصحفى الوحيد الذى تمكن من إجراء حوار صحفى معه أثناء الأزمة ونشره أيضا..
(100)
لم يكن حسام أبو الفتوح بالنسبة لى مجرد صاحب شركة سيارات أو عميل لدى ملحق السيارات بأخبار اليوم، القصة مع أبو الفتوح كانت مختلفة جدا، كانت تربطنى به علاقة خاصة، وكنت أعتز بها جدا، علاقة صداقة واحترام متبادل ولم أرى منه دائما سوى كل رقى و«جدعنه» حقيقية فى التعامل، وكان يقول لى كثيرا أنه لديه عشق لملحق السيارات بأخبار اليوم، منذ بداياته فى 1998 والحقيقة أنه كان دائم المساندة للملحق، وكان يقول دائما أن هذا الملحق هو الأفضل وأن أخبار اليوم هى أفضل جريدة، وكانت علاقته بأخبار اليوم أيضا علاقة متميزة جدا.
كان يعرف كيف يثنى على أى شخص، كيف يؤثرك بالكلمات، فى أى احتفال لتقديم سيارة جديدة مثلا، وعندما كنت أذهب لتهنئته، كان دائما حريصا على تقديمي لمسئولى BMW العالمية، يعرفنى ويشيد بى بكلمات أكثر مما أستحق بكثير، معظمها مجاملة، كان يقول لهم مثلا: «دا أعظم صحفى سيارات فى الوطن العربى كله، وفضله على كل شركات السيارات، وأولها BMW» كلامه كان دائما يحمل مبالغة «فظيعة» وكان هدفه التعبير عن تقديره لى ولأخبار اليوم.
(101)
كان يحرص على وجودى فى كل الأحداث الهامة التى تخص BMW داخل مصر وخارجها، دائما أكون أول من يقود أى سيارة جديدة ل BMW، وفى سنه من السنوات بعد أحداث 11سبتمبر، كانت BMW على وشك تقديم الفئة السابعة للأسواق العالمية وإجراء اختبار القيادة الدولى لعدد محدود من صحفيين السيارات حول العالم، فى تلك الأثناء كنا لا نفضل السفر إلى الخارج، تجنبا ل «البهدلة» فقد كنا نسمع باستمرار عن حكايات العرب فى مطارات أمريكا وأوروبا، حتى أن إدارة أخبار اليوم ناشدت الصحفيين فى ذلك الوقت لعدم السفر لتغطية أحداث عالمية، غير للضرورة القصوى، ووسط كل هذا «القلق» تلقيت مكالمة هاتفية من حسام أبو الفتوح؛
- عندنا «التيست درايڤ» بتاع الفئة السابعة الجديدة يا خالد فى روما، جهز نفسك عشان السفر
- سفر إيه بس، ما انت شايف الظروف!
- انت قلقان من إيه بس!، انت صحفى من مؤسسة كبيرة، وبعدين أنا وحسن أبنى كمان طالعين وعايزينك معانا عشان تجرب العربية وتقول لنا رأيك فيها
الحقيقة لم أجد حجه سريعة سوى أن أقول له أن رئيس مجلس الإدارة مانع الصحفيين من السفر خلال هذه الفترة حرصا على سلامتهم، واعتذرت بلطف واعتقدت أن الموضوع قد انتهى تماما بتلك المكالمة التليفونية، دون مشاكل.
(102)
فوجئت فى اليوم التالى بمكالمة تليفونية من الأستاذ إبراهيم سعده رئيس مجلس الإدارة يعاتبنى فيها بمنتهى القسوة والعنف وقال؛
- لما تبقى عايز تكذب ماتدخلش اسمى فى أى كذبه!
- خير يا ريس بس، حصل ايه؟
- حسام أبو الفتوح كلمنى، وقال لى انت ليه مانع خالد من السفر، دا شغل ودى عربيه جديدة، أخبار اليوم هتنفرد بسواقتها بدعوة رسمية من الشركة وأن مافيش قلق، وانا قلت لحسام إنى معرفش حاجه عن الموضوع، وأن خالد طالع معاك خلاص.. انت مش عايز تسافر ولا إيه؟
- بصراحة يا ريس مش عايز أسافر
- طيب، عقابا ليك هتسافر السفرية دى وتعمل شغلك
كان موقفا محرجا جدا مع أستاذى الغالى ابراهيم سعده، لم أكن معتادا أن أقحم أسمه فى أى شيء يخص العمل داخل ملحق السيارات، ولم أكن حقيقة أتخيل أن يبادر المهندس حسام أبو الفتوح بالاتصال به، ويتمسك بى بهذه الدرجة من أجل اختبار سيارة جديدة، وبالطبع لم يكن أمامى سوى تنفيذ أوامر إبراهيم سعده، وإلحاح حسام أبو الفتوح وسافرت بالفعل وكان اختبار القيادة الأول للسيارة، وكانت المرة الأولى التى أسافر فيها إلى روما، واختبرت السيارة على مدار أربعة أيام كاملة هناك، والطريف فى الأمر أننى بعد وصولى للعاصمة الإيطالية روما، فوجئت بعدم حضور حسام أو ابنه حسن إلى اختبار القيادة، أخذت السيارة وحدى طوال الرحلة، التى كانت مملة إلى حد كبير بالنسبة لى، لأن الشركة الأم كانت قد خططت لأن أكون فى السيارة مع حسام وحسن بدون أى التزام منا بخط سير محدد أو برنامج لاختبار السيارة مع كافة الصحفيين الأخريين من مختلف بلدان العالم، لذلك بقيت وحدى مع السيارة لأربعة أيام فى بلد كنت أزوره لأول مره، لا أعرف الأماكن والشوارع، والمناطق التى يمكن أن أزورها أو أذهب إليها، وقتها قررت أن أقود التجربة بشكل «عشوائى» وتلقائى جدا، أمشى وحدى فى شوارع وميادين روما، وعندما يعجبنى أى مكان أقف بالسيارة وأنزل لقضاء بعض الوقت فيه، وألتقط بعض الصور للسيارة، وأمشى فى الشوارع المحيطة لبعض الوقت، ثم أعود لتكرار نفس الشيء، هذا ما حدث معى داخل الفئة السابعة على مدار أربعة أيام كاملة!.
(103)
تسببت أزمة حسام أبو الفتوح فى حالة من الحزن لسوق السيارات، والصحفيين بالطبع، الجميع كان يتعامل مع حسام ولمس الرقى و«الجدعنه»، لم يكن أحدا يريد أن يرى هذا الرجل يمر بمحنه كبيرة مثل المحنة التى مر بها!، ولكن لم يكن فى اليد حيلة، وحاولت أن أقابله أكثر من مره فى محبسه، ولكنى لم أوفق، حتى تمكنت أخيرا من زيارته قبل خروجه بفترة لم تكن طويلة، وقتها لم تكن لى علاقة بمصلحة السجون أو بمكتب المدعى العام الاشتراكي، وساعدتنى استاذتى الصحفية القديرة بجريدة الأخبار إيمان راشد، حيث اصطحبتنى إلى مكتب المدعى العام الاشتراكى، وكان أبو الفترح يتردد على هذا المكان مرة أو مرتين فى الاسبوع، لاستكمال المفاوضات وتوفيق أوضاعة، ووفقا للوائح المدعى العام الاشتراكى، لا يمكن إجبار أى مسجون على مقابلة أى زائر إلا فى حالة موافقته، وذهبت فى الموعد المقرر وأثناء تواجده فى احدى مكاتب المدعى العام.
(104)
تم أرسال مندوب ليخبره بالزيارة، وقال له: «فى صحفى عايز يخش يشوفك ويقابلك»، أعتذر أبو الفتوح قائلا: «أنا أسف، مش بقابل صحفيين»، وكاد المندوب لينصرف، ولكن استوقفه حسام وسأله: «أسمه إيه الصحفى ده؟»، نظر المندوب فى الطلب وقال له أسمه خالد أباظة، رد أبو الفتوح قائلا:« خالد أباظة ده مش صحفى، ده إبنى، خليه يخش علطول!»، ودخلت إليه، وكان اللقاء فى حضور السيدة الفاضلة ناهد مدكور حرمه، التى كانت تربطنى بها علاقة راقية ومحترمه، وقامت بتصويرنا معا أثناء الحوار، أنا وهو بالبدلة الزرقاء التى كان حسام يرتديها، ورغم كآبة هذه البدلة إلا أنه – فى رأيي – كان يبدو فيها كالعادة فى منتهى «الشياكة».
(105)
أجرينا حوار مطول، وكان حوارا مؤثرا جدا، تحدثنا عن مشواره، ورحلته منذ بدأ الأزمة وخلال المحنة التى مر بها، ومدى شعوره بالظلم الشديد، والحزن التام طبعا، والدروس المستفادة من هذه الأزمة والمحنة، وأذكر أنه قال وقتها أنه يعيش على أمل واحد فقط، وهو أن يخرج لكى يرى حفيده، الذى لم يراه بعد، وانتهى الحوار سريعا، قبل ميعاده رغم عدم انتهاء الأسئلة، وكان السبب أنى وأبو الفتوح وحرمه بكينا جميعا، ولم يكن من الممكن أن أستكمل الحوار بأى شكل من الأشكال، أو أن أضغط عليه أكثر، وخرج أبو الفتوح من السجن أخيرا، وكنا معه فى تلك اللحظات، وقمنا بتغطية الحدث صحفيا، وأجريت معه حوار أخر هذه المرة، وقمت بفرد الصور على صفحات الملحق، وكنا سعداء بخروجه، وبانتهاء المحنة، ففى رأيي وبعيدا عن أى أراء قانونية، فإن حسام أبو الفتوح لم يكن الشخص الذى تتم «بهدلته» بهذا الشكل أبدا، وأنا أتخيل أنه دفع فاتورة أعلى بكثير من فاتورة أخطاءه الحقيقية، ولكن الحقيقة أن حسام خرج من تلك الأزمة بعلاقة قوية مع الله، وصنعت الأزمة أيضا اثنين من الرجال الأشداء وهما؛ ابنه حسن وبنته غادة.
ترقبوا الحلقة الخامسة..
اقرأ أيضا
خالد أباظة فى أول حديث للصحافة: لا يمكن لأى صحفى سيارات أن يدعى ممارسته لمهنة الصحافة بمعناها الدقيق
خالد أباظة في الحلقة الثانية: ارتبطت بعلاقة خاصة مع محمد نصير وتوفى وأنا أشعر بالذنب تجاهه!
فى الحلقة الثالثة.. خالد أباظة ل«الشروق»: تم تحذيرى من مقال «وزير الداخلية والمايوه البيكيني!»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.