كان الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش يقضي عطلات طويلة تمتد لعدة أسابيع في مزرعته في تكساس برغم الحروب والأعاصير. أما خلف بوش في البيت الأبيض ، الرئيس باراك أوباما ، فيبدو مختلفا عن سلفه صاحب الرقم القياسي في العطلات ، إذ يبدأ أوباما اعتبارا من مطلع الأسبوع المقبل عطلة صيفية لمدة أسبوع واحد فقط. ولكن أوباما سيحصد الكثير من النقد في الصحف بسبب هذه العطلة لأنه حجز أسبوعا مع أسرته في جزيرة مارثا فينيارد الفاخرة في خضم خلافات حول إصلاح النظام الصحي في أمريكا والأزمة الاقتصادية والهجمات الدامية في العراق وأفغانستان. وسيدفع أوباما نحو 35 ألف دولار على الأقل من ميزانيته الخاصة لتلك العطلة التي سيقضيها مع زوجته ميشيل وابنتيه ساشا - ثمانية أعوام - وماليا - 11 عاما - في حين ستدفع الدولة مصاريف الطاقم المرافق لأوباما والتدابير الأمنية خلال العطلة. وكانت آخر عطلة قضاها أوباما في هاواي في ديسمبر 2008 محل تركيز كبير من وسائل الإعلام آنذاك. وشعر أوباما وقتها بالضيق الشديد بسبب ملاحقة مصوري الباباراتزي له خلال العطلة حيث اختبأ أحد المصورين خلف شجرة ليلتقط الصور لأسرة أوباما وهي على الشاطيء. وسرعان ما انتشرت صور أوباما بعد ستة أسابيع من انتصاره التاريخي في الانتخابات ، وهو يرتدي الشورت ويترك الجزء العلوي من جسده عاريا. وجعلت هذه الصور من أوباما شخصية أقرب لنجوم البوب منها إلى الساسة. وعلقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على تلك العطلة قائلة إن مثل هذه الرحلات تعني "حقيبة سفر ثقيلة وتحديا سياسيا" لأوباما ، في حين أشارت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" إلى توقيت الرحلة الفاخرة الذي يأتي في خضم أزمة اقتصادية طاحنة. ولكن أوباما دافع عن عطلته الصيفية القصيرة وقال في مقابلة مع محطة "سي. بي.إس." : "لا أعتقد بأن الشعب الأمريكي يتوقع مني أن أتخلى عن قضاء بعض الوقت مع ابنتي الاثنتين بسبب الأوقات العصيبة. وكان بوسع أوباما أن يشير إلى سلفيه في البيت الأبيض ، ريتشارد نيكسون وبيل كلينتون اللذين كانا يقضيان الكثير من الوقت في جزيرة مارثا فينيارد. وتعد الجزيرة التي تبلغ مساحتها 230 كيلومترا مربعا بمثابة مكان للراحة يستقطب الأثرياء وأصحاب السلطة ونجوم هوليوود ونجوم التليفزيون أمثال ريز ويثرسبون وميج ريان وأوبرا وينفري وديفيد ليترمان. وتطلق وسائل الإعلام الأمريكية على الجزيرة التي يرتفع عدد سكانها في الصيف من 15 ألف إلى أكثر من 100 ألف نسمة ، اسم "هوليوود إيست". وفي تلك الجزيرة المعروفة صنع المخرج المعروف ستيفن سبيلبرج فيلمه الشهير "الفك المفترس" عام 1974. وعلى العكس من معظم المناطق في الولاياتالمتحدة لا توجد في تلك الجزيرة سلاسل المتاجر والحانات والفنادق ذات الأسماء المعروفة في مختلف أنحاء البلاد حيث تمنع إدارة الجزيرة افتتاح مثل هذه الفروع. ويوجد على الجزيرة بعض متاجر التجزئة ومطاعم صغيرة معظمها باهظ الثمن. وحققت الجزيرة الواقعة بالقرب من بوسطن شهرة من خلال واقعة حزينة يعود تاريخها ليوليو عام 1969 حيث تعرض فيها السناتور تيد كيندي لحادث غريب إذ سقط بسيارته من فوق جسر خشبي. ونجا كيندي الذي كان يبلغ من العمر آنذاك - 37 عاما - من الحادث في حين غرقت الشابة ماري جو كوبيشي - 28 عاما - التي كانت تجلس في الكرسي المجاور له. ولم يبلغ كيندي الشرطة على الفور ولم يتقدم ببلاغه إلا في اليوم التالي. وحكمت السلطات على كيندي وقتها بالسجن لمدة شهرين مع وقف التنفيذ لأنه ترك مكان الحادث. وستسكن أسرة أوباما في مزرعة "بلو هيرون" في تشيلمارك والتي تقدم ل"الأسرة الأولى" كافة أنواع الراحة والرفاهية من الشاطئ الخاص والمكان المخصص للعب كرة السلة إلى حمام السباحة وساحة للعب الجولف. وربما تعتقد ابنتا أوباما أنهما كبرتا على الجلوس على الأرجوحة الدائرية البالغ عمرها 130 عاما والموجودة في الجزء الشمالي للجزيرة. وعلى أوباما أن يتوقع أيضا أن يسمع عن احتجاجات متزامنة مع عطلته حيث أن الناشطة سيندي شيهان التي كانت تتظاهر أمام مزرعة بوش قالت إنها ستأتي إلى الجزيرة التي يقضي فيها أوباما عطلته. وترغب شيهان في الاعراب مجددا عن احتجاجها على حرب العراق وأفغانستان. ولكن لحسن الحظ أن عطلة أوباما قصيرة وربما كان قراره تقليلها من أسبوعين إلى أسبوع واحد صائبا.