بعد أن سخر منه خصومه وعاملوه باستهتار، حقق جاستن ترودو فى الثالثة والأربعين من عمره، فوزا مفاجئا على المحافظين، ليصبح رئيسا للحكومة الكندية على خطى والده. ونجح نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (19681979 و19801984) فى تجاوز الهزيمة الساحقة التى لحقت بالليبراليين فى انتخابات 2011، بعد عامين فقط على توليه قيادة الحزب. وبعد تسعة أعوام من حكم المحافظين، تتحول كندا إلى سلطة الليبراليين بقيادة سياسى شاب لم يكن يراهن أحد على فوزه فى الحملة التى استمرت 78 يوما فى مواجهة خصمين أكثر حنكة هما المحافظ ستيفن هاربر، والاشتراكى الديموقراطى توماس ماكلير. وفاز الليبراليون ب170 مقعدا من أصل 338، أى الأغلبية المطلقة، وفق نتائج غير نهائية. وقبل يوم الاقتراع، كانت المادة الدعائية الأساسية للمحافظين تقول: «جاستن ليس جاهزا» معتبرين أنه لا يملك الخامة ولا الخبرة الضروريتين لرئاسة الحكومة وأنه باختصار شاب مدلل لا يتمتع بالعمق، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. إلا أن السياسى الشاب رد على ذلك فى تصريحات لصحيفة «جلوب آند ميل» قائلا: «تعلمت فى وقت مبكر من الحياة ألا أتأثر بالناس الذين كانوا يكرهون والدى» الذى كان هدفا للقوميين والشركات النفطية فى مقاطعة البرتا. وخاض هذا الهاوى للملاكمة حملة انتخابية لا يشوبها أى خطأ تقريبا، وكان جيدا فى كل المناظرات بما فى ذلك على صعيد السياسة الخارجية التى يفترض أنها نقطة ضعفه. وركز ترودو فى حملته على الدفاع عن الطبقة الوسطى ورغبته فى تحسين صورة كندا فى الخارج عبر تقديم نفسه على أنه يسعى إلى جمع الكنديين فى بلد يشهد استقطابا كبيرا. وجاستن ترودو معروف فى الحياة العامة منذ ولادته فى 25 ديسمبر 1971، واحتل عناوين الصحف عندما كان والده فى السلطة. ونشأ فى المقر الرسمى لرئيس الوزراء فى اوتاوا الذى شغله والده بلا انقطاع تقريبا من 1968 إلى 1984، ثم فى مونتريال حيث استقر والده مع أبنائه الثلاثة بعد طلاقه. وفى العشرينيات من عمره حصل على دبلوم فى الأدب الإنجليزى والتربية وتقرب من والدته على الساحل الغربى للبلاد، حيث عمل دليلا فى رياضة الرافتينج (التجديف فى المنحدرات المائية) ثم مدربا للتزلج على الثلج بالألواح ونادلا فى مطعم قبل أن يسافر فى العالم. وسببت له وفاة شقيقه الأصغر ميشال فى انهيار ثلجى فى 1998 صدمة كبيرة. وبعد سنتين ألقى كلمة مؤثرة جدا فى جنازة الدولة التى أقيمت لوالده فى مونتريال بحضور الزعيم الكوبى فيدل كاسترو والرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر. إلا أنه قاوم الدعوات إلى دخول الساحة السياسية. إلا أنه دخل المعترك فى 2007 وسعى للترشح عن دائرة فى مونتريال لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون لبابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعا اتنيا فى كندا، وانتخب نائبا عنها فى 2008 ثم اعيد انتخابه.