كشف مصدر قضائى بوزارة العدل أن المستشار ممدوح مرعى وزير العدل اتخذ عدة قرارات لمنع تكرار مهزلة بيع الأراضى والعقارات للأجانب بعد اكتشاف قضية بيع 200 قطعة أرض وفيللات فى سيناء لإسرائيليين بموجب أحكام تحكيم وهمية والمتهم فيها 10 متهمين بينهم لواء شرطة سابق محبوس على ذمة القضية. واستغلت شركة سيناء للتنمية السياحية تخصيص مساحات شاسعة لها فى سيناء لاستثمارها فى بيع هذه الأراضى لإسرائيليين وأجانب، وقام بعض مسئولى الشركة بتأجير محكمين على صلة بهم، لإصدار أحكام صورية بعيدا عن الشهر العقارى والجهات الحكومية، ثم أودعوها فى المحاكم، وقدموها للشهر العقارى لنقل الملكية للأجانب. كما قام المتهمون بالتصرف بالبيع فى أراضٍ وشقق دون علم أصحابها الحقيقيين. وقال المصدر ل«الشروق» إن وزير العدل أصدر تعليمات لكل المحاكم بعدم قبول إيداع الأحكام الصادرة عن هيئات ومراكز التحكيم، وأن يتم إخطار الوزارة فورا، كما قرر وزير العدل إنشاء مكتب فنى مقره ديوان وزارة العدل مهمته مراجعة جميع أحكام التحكيم واعتمادها، وبعدها يتم إخطار المحكمة الابتدائية المختصة كتابة بقبول الحكم من عدمه، وتذييله بالصيغة التنفيذية إذا كان صحيحا. ولفت المصدر إلى أن وزير العدل شكل لجنة للتفتيش على جميع المحاكم الابتدائية على مستوى الجمهورية فور اكتشاف الواقعة للوقوف على ما إذا كانت توجد عمليات نصب واحتيال ببيع أراض للأجانب أو الاستيلاء على أملاك المواطنين، وتبين أن عمليات التلاعب وصلت إلى محكمة جنوبالقاهرة. وقرر أمس مستشار التحقيق فى قضية بيع أراض بسيناء لإسرائيليين تجديد حبس المتهم الأول فى القضية ماهر عبدالله غبريال «لواء شرطة سابق بمديرية أمن جنوبسيناء 15 يوما على ذمة التحقيقات، وأمرت بالقبض على متهمين جدد بينهم هاربون خارج البلاد. وكشفت التحقيقات عن مفاجأة جديدة، إذ تبين أن المتهمين استولوا على شقة مملوكة لرئيس محكمة، واستغلوا وجوده خارج البلاد حيث كان معارا فى دولة الإمارات العربية المتحدة، فافتعلوا نزاعا فيما بينهم على شقة رئيس المحكمة. ولجأوا إلى هيئة تحكيم وادعى أحدهم أنه مالك الشقة، وتصالح مع خصمه، وصدر حكم تحكيم بتسجيل الشقة لصالح المشترى الصورى، وتم إيداع الحكم فى محكمة جنوبالقاهرة، وتم تسجيله فى الشهر العقارى، وفور اكتشاف رئيس المحكمة لعملية الاستيلاء على شقته سارع برفع دعوى قضائية بإبطال حكم التحكيم ومحو عملية الشهر. وأوضحت التحقيقات أن التشكيل العصابى كان يتخذ من محكمة الإسماعيلية الابتدائية مقرا له، مستغلين فى ذلك وجود صلات وثيقة تربطهم بالمتهم عبدالحكيم عوض أمين عام المحكمة، حيث كان يتلقى رشاوى من العديد من المتهمين منذ 15 عاما عندما كان رئيسا للقلم المدنى بالمحكمة، وأمسك بدفتر إيداع أحكام التحكيم، وظل يتلاعب بالدفتر طيلة هذه السنوات إلى أن قام المستشار مجدى عبدالبارى رئيس المحكمة بتفتيش مفاجئ تبين له وجود تلاعب فى دفتر إيداع أحكام المحكمين. ووجود فراغ فى بعض الخانات، وأن المتهم قبل إيداع أحكام تحكيم صادرة على أراض فى محافظات السويسوجنوبسيناء والشرقية رغم أن العقارات لا تقع فى دائرة اختصاص المحكمة، وتم إبلاغ المستشار ممدوح مرعى وزير العدل الذى قرر على الفور إرسال لجنة تفتيش على كل أعمال المتهم. وقرر إحاطة الأمر بسرية شديدة، وطلب من النائب العام استعمال سلطته المنصوص عليها فى قانون تملك الجانب بإلغاء أحكام التحكيم وهو ما تم فعلا، ثم انتدب وزير العدل مستشار تحقيق يتمتع بكل صلاحيات النائب العام لاتخاذ الإجراءات الجنائية ضد المتهمين. واتضح أن أحد الأحكام صدرت بصحة بيع قطعة أرض مساحتها 100 فدان دفعة واحدة للأجانب، وأن الشركة باعت مساحات كبيرة للإسرائيليين والأجانب. بينما كشف شعبان سعيد محامى المتهم الأول فى القضية عما أسماه ب «جهات مشبوهة» تتلصص على التحقيقات لتوريط موكله، ولتمكين باقى المتهمين من الهرب وهو ما تم فعلا. وأضاف ل«الشروق» أنه فوجئ بالعديد من المحامين الذين يقدمون أنفسهم للمتهم على أنهم متطوعون للدفاع عنه بزعم التضامن معه لأنه مقيد حاليا كمحام، ومن خلال حضورهم عرفوا بكل كبيرة وصغيرة فى التحقيقات، وأسماء باقى المتهمين، وأبلغوهم بذلك فهرب غالبيتهم، ولم تتمكن الأجهزة الأمنية من القبض عليهم. بينما أرسلت شركة سيناء للتنمية السياحية ردا ل«الشروق» قالت فيه إنها ليست مسئولة عن قيام بعض المتهمين فى القضية بزيارة دول أخرى. وكان المتهمان ماهر عبدالله غبريال، وساهر فخرى، محاميا الشركة، قد سافرا لإسرائيل عام 2005 ومكثا فيها بضعة أيام. وأضافت الشركة فى ردها أن عمليات البيع التى قامت بها لأجانب تمت وفقا للقانون، وبالتنسيق مع الجهات الأمنية، بل إن الشركة كانت تبادر بإخطار هذه الجهات أولا بأول، وراعت كل الموافقات الإدارية المطلوبة. وعن أحكام التحكيم التى صدرت بين الشركة والأجانب وبعضهم إسرائيليون، قالت الشركة إن رفض اعتماد الحكام غير صحيح قانونا، وإن محكمة النقض تنظر النزاع حاليا تمهيدا لإرساء مبادئ قانونية فيما يتعلق بحجية أحكام التحكيم. ونوهت الشركة إلى أن لها استثمارات ضخمة، ويعمل فيها 2500 عامل.