• لقد حققنا انتصارا كبيرا فى حرب أكتوبر 1973 بل حققنا انتصارا مضاعفا لأنى تمكنت من الخروج بقواتى سليمة بعد التدخل الأمريكى السافر فى المعركة. وكانت هذه القوات قادرة على الحرب واستمرار القتال، وثابتة فى مواقعها شرق القناة. وكانت سلامة قواتى شاغلى طوال الحرب، لذلك قال بعض النقاد إنه كان علينا أن نتقبل المزيد من المخاطرة، وكنت على استعداد للمخاطرة والتضحيات، ولكننى صممت باستمرار على المحافظة على سلامة قواتى، لأننى أعرف الجهد الذى أعطته مصر لإعادة بناء الجيش، وكان على أن أوفق ما بين ما بذل من جهد لا يمكن أن يتكرر بسهولة، وبين تحقيق الهدف من العمليات. كنت أعرف جيدا معنى أن تفقد مصر جيشها، إن مصر لا تحتمل نكسة ثانية مثل نكسة يونيو سنة 1967، وإذا فقدت مصر جيشها فعليها الاستسلام لفترة طويلة. (المصدر: شوقى بدران، وداعا أيها البطل أحمد إسماعيل، دار الشعب، القاهرة، 1975). • كانت إسرائيل، خلال السنوات السبع الماضية، لا تتكلم عن شىء إلا عن الحدود الآمنة ونظرية الحدود الآمنة، كأنها اخترعت موضوعا جديدا. واستمرت تقنع العالم بهذه النظرية وبكثرة ترديدها لها، وأصدرت بشأنها كتبا ملأت بها دنيا. لذلك، كان طبيعيا أن يكون أول هدف سياسى استراتيجى لأى عمليات للقوات المسلحة المصرية هو إثبات فشل هذه النظرية، وأن هذه النظرية ما هى إلا وسيلة للتمسك بالأراضى المحتلة. لذلك، كان الهدف السياسى الاستراتيجى الذى كلفت به القوات المسلحة من الرئيس هو إثبات فشل نظرية الأمن الإسرائيلية التى تعتمد على الحدود الآمنة. وعلى ضوء هذا الهدف، وصلنا إلى أن تحقيقه يتطلب من القوات المسلحة: هزيمة قوات العدو الإسرائيلى فى سيناء والهضبة السورية، والاستيلاء على مناطق ذات أهمية استراتيجية تهيئ الظروف المناسبة لاستكمال تحرير الأراضى المحتلة بالقوة، لفرض الحل السياسى العادل للمشكلة. وبناء على هذا الهدف الواضح، كان على القيادة المصرية أن تخطط للقيام بعمليات هجومية استراتيجية مشتركة، تنفذ بالتعاون مع القوات المسلحة السورية وتقوم فيها مصر بالاقتحام المباشر لقناة السويس، وتدمير خط بار ليف، والاستيلاء على «رءوس كبارى» بعمق 10 15 كيلومترا على الضفة الشرقية للقناة، وتكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة، وصد وتدمير هجمات العدو المضادة، وتطوير الهجوم شرقا لتحقيق مهمة القوات المسلحة. وقد تحقق هذا الهدف كاملا. لقد ثبت لإسرائيل والعالم أن نظريتها فى الحدود الآمنة باطلة. وبالتالى، انكشفت حجتها فى الاستيلاء على الأراضى العربية بالقوة، وانكشفت رغبتها الحقيقية فى التوسع والضم. وكما قال مؤلف أجنبى: إن إسرائيل انتصرت سنة 1967 من حدود غير آمنة، وهزمت سنة 1973 من حدود آمنة! • لقد خرجنا من المعركة أحسن وأكفأ مما دخلنا، من حيث النوع والخبرة والمعنويات والتدريب، واستفدنا من خبرة حرب أكتوبر استفادة كاملة. ولا شك أن المعركة القادمة، إذا قدر لنا أن نقوم بها، ستكون مختلفة تماما عن الحرب السابقة. ستكون بمفهوم جديد، وبتفكير جديد، وبتخطيط علمى جديد مدروس لكل الاحتمالات المقبلة بنفس روح أكتوبر العظيمة. المصدر: حديث مع صحيفة الأهرام فى 4 أكتوبر 1974.