إنجاز كبير حققه الأمن اللبناني بتوقيف أحمد الأسير قائد المجموعة السلفية المسلحة التي اصطدمت بالجيش اللبناني في صيف عام 2013 بعد أن تكررت اعتداءاتها على الجيش، وانتهت هذه المواجهات بهروب الأسير ومعه المطرب المعتزل فضل شاكر والقبض على عدد كبير من المسلحين. والأسير محكوم عليه غيابيا بالإعدام مع عدد من إتباعه لتشكيله جماعة إرهابية مسلحة، والاعتداء على الجيش اللبناني فيما يعرف بأحداث عبرا بصيدا بجنوب لبنان في صيف 2013، والتي أدت إلى سقوط عدد من الشهداء في صفوف الجيش. وجاء توقيف الأسير في مطار بيروت رغم أنه قام بتغيير ملامحه الخارجية، وسط معلومات تتحدث أنه خضع لعملية تجميل، إلا أن الأمن العام الذي يقوم بعملية متابعة حثيثة له، نجح في توقيفه رغم تغيير ملامحه كليا. وقالت مصادر مطلعة - لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إن الأسير كان يحمل جواز سفر فلسطينيا مزورا، تم تزويره في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بصيدا بجنوب لبنان، وهو المخيم الذي يعتقد أن الأسير قضى وقت طويل فيه، تحت حماية مجموعات متطرفة. وكان الأسير يستعد للتوجه لنيجيريا، عبر القاهرة كمحطة ترانزيت بعد أن حصل على تأشيرة صحيحة من السفارة النيجيرية، ولكنه لم يحصل على تأشيرة لمصر لأن الترانزيت لا يحتاج إلى تأشيرة لأنه لا يدخل أراضي الدولة. ووفقا للرواية التي أوردتها صحيفة "السفير" اللبنانية فإن الأسير كان يحمل جواز سفر فلسطيني مزور باسم خالد العباسي، وقالت الصحيفة إنه منذ ستة أشهر، تلقى الأمن العام اللبناني معلومات حول نيّة أحمد الأسير مغادرة لبنان بأوراق مزوّرة إلى الخارج، وقبل ثلاثة أشهر، تمّ التأكد أنه مصمم على المغادرة وهو اختار التوجه إلى نيجيريا بسبب إمكانية حصوله على تأشيرة من السفارة النيجيرية في بيروت عبر إحدى شركات السفر، دون الحاجة إلى الحضور شخصياً، فتم تمّ تشكيل مجموعات كانت تراقب حركة اتصالات مشتبه بصلتها بأحمد الأسير. ووفقا لاعترافات نجل عبد الرحمن الشامي أحد أتباع الأسير، فإن الأسير كان يقضي معظم وقته متنقلا بين مخيم عين الحلوة (مع فضل شاكر) وصيدا القديمة. وأفادت معلومات بأن الأسير أدلى خلال التحقيقات باعترافات عن تورط بعض الأشخاص في عمليات إرهابية، ولهذا السبب قام الأمن العام اللبناني بدهم بعض الأماكن بالقرب من بيروت وصيدا، وداهمت قوة من الأمن العام في جدرا في إقليم الخروب الواقع إلى الجنوب من بيروت منزل أحد المقربين من الأسير الذي يعتقد أنه عاونه في التخفي طوال العامين الماضيين وهو عبدالرحمن الشامي، لكنها لم تعثر عليه، وداهمت بعد ذلك محله في صيدا وأوقفت ابن الشامي، كما تم إيقاف شخص في محيط بيروت ذكر أنه ضبطت في حوزته وثائق وصفت بأنها غاية في الخطورة. من جانبهم، طالب أهالي شهداء الجيش اللبناني القوى الأمنية باستكمال جهودهم وإلقاء القبض على المطرب اللبناني فضل شاكر، الذي كان مصاحبا للأسير وهرب معه بعد قضاء الجيش اللبناني على مجموعة الأسير. وكان شاكر قد تبرأ منذ فترة من الأسير في لقاءات صحفية، مؤكدا أنه لم يشارك في أي اعتداء على الجيش اللبناني، كما أنه لم يسئ يوما للطائفة الشيعية. وبينما كان هناك ترحيب من كافة القوى السياسية اللبناني بعملية توقيف الأسير باستثناء السلفيين، فإن اللافت إن البعض الردود المرحبة، طالبت بأن يتم توقيف كل المجرمين من أي طائفة كانت في إشارة لإحساس يشيع في بعض الأوساط اللبنانية بأنه عندما يكون المجرمون من أبناء الطائفة الشيعية فإن احتمال فرارهم من العدالة يكون أكبر من غيرهم من أبناء الطوائف الأخرى نظرا للحماية التي يوفرها حزب الله لهم أو على الأقل لاستقوائهم بالانتماء لما يعرف باسم جمهور المقاومة.. وهو ما ينفيه الحزب بشدة. وفي هذا الإطار.. أثنى رئيس تيار المستقبل رئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريري على الجهود التي تبذلها القوى الأمنية والعسكرية الشرعية "لحماية الاستقرار وملاحقة الخارجين عن العدالة والقانون.. وقال إن هذا الأمر يجب أن يكون محل رعاية القيادات والامتناع عن حماية المجرمين والعصابات المسلحة". أما رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع فكان أكثر صراحة، فقد هنأ الأجهزة الأمنية "بالإنجار الكبير"، إلا أنه تساءل: "كيف تمكنت هذه الأجهزة من اعتقال الأسير رغم تنكره الكامل بينما لم تتمكن من اعتقال قتلة هاشم السلمان (شيعي قتل في مظاهرة أمام السفارة الإيرانية ببيروت) وصبحي ونديم الفخري (زوجين مسيحيين قتلا على يد مجرمين شيعة خلال هروبهم من الجيش) رغم أنهم معروفون تماماً ولم يتنكروا يوما؟". واللافت أيضا أنه رغم محاولة زوجة الأسير إغلاق طريق رئيسي بصيدا أمس، فإنه لم يحدث أي تجاوب معها باستثناء زوجات أنصار الأسير، مما يؤكد أن الطائفة السنية في لبنان هي طائفة تنبذ العنف وتؤمن بالدولة وترفض المساس بالجيش الذي اعتدي عليه الأسير.