- أدعو لتشكيل هيئة مستقلة لتجديد الخطاب بمشاركة الأزهر والأوقاف وأجهزة الإعلام والثقافة.. المؤسسات الدينية تحاول إذابة جليد أكثر من 50 عامًا من تخلف الخطاب الدينى.. السادات ومبارك يتحملان مسئولية انتشار الجماعات الإرهابية المتطرفة قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن قضية الخطاب الدينى أصبحت معضلة كبيرة، وهى قضية تخص جميع المسلمين فى العالم وليس فى مصر فقط، مضيفا: «الخطاب الدينى الحالى هو حصاد لتطفل الجهلة على الدين، وظهور الجماعات المتشددة». وأكد كريمة، فى حواره ل«الشروق»، على أن تجديد الخطاب الدينى هو أمر لا تختص به هيئة أو مؤسسة بعينها، ولكنه مسئولية الدولة بجميع أجهزتها سواء المؤسسات الدينية، أو وسائل الإعلام والصحف والقنوات الفضائية، أو وزارات التربية والتعليم والثقافة والشباب والرياضة والأوقاف، وغيرها من مؤسسات الدولة، وإليكم نص الحوار: • بداية ما هى رؤيتك لواقع الخطاب الدينى فى مصر؟ يجب أن نُعرف مفهوم الخطاب الدينى، الذى يجهله الكثير، وهو عبارة عن مجموع الخطاب الإسلامى المتمثل فى المصادر النصية للنصوص القرآنية والسنة النبوية الشريفة، وخطاب المسلمين هو فهم آراء أئمة العلم الدينى الذين يُعتد بهم فى فهم النصوص القرآنية والسنة.. والخطاب الدينى فى مصر أصابه عوار جسيم بسبب تطفل الجهلاء على العلوم الإسلامية والشرعية، خصوصا أئمة بعض الجماعات المتشددة التى تنتهج آراء متشددة مثل السلفية الجهادية وجماعة الإخوان. وبالنسبة للسنة فأنا ضد المذهبيات مثل الإخوان والسلفية الجهادية السلفية، والشيعة بشقيها (الشيعة الإمامية والشعية الزيدية)، فهذه الجماعات لها أدبياتها ومذهبها الخاص الذى تتعصب له، وأنصار تلك الجماعات أفسدوا الخطاب الدينى، وانقلب الأمر من خدمة الإسلام والدين إلى خدمة مذهب خاص فى الدين. • ما أزمة الخطاب الدينى الحقيقية فى مصر؟ قضية تجديد الخطاب الدينى أصبحت معضلة كبرى، وهى قضية تخص جميع المسلمين فى العالم وليس فقط فى مصر، أو أى دولة إسلامية بعينها، ولكن فى نفس الوقت يجب أن تقود مصر هذه القضية وتقدم حلا لها باعتبارها بلد الأزهر الشريف إمام الوسطية فى الإسلام. والخطاب الدينى بشكله الحالى هى حصاد لتطفل الأدعياء والجهلة على الدين، ولابد من إعادة النظر فى الخطاب العام للمسلمين، ومواجهة أنصار الجماعات المتطرفة التى أضاعت ملامح الإسلام الوسطية بخطاب جاهل متطرف لا صلة له بالإسلام. • وما دور المؤسسات الدينية فى تجديد الخطاب الدينى ومواجهة التطرف؟ تجديد الخطاب الدينى هو أمر لا تختص به هيئة أو مؤسسة بعينها، ولكنه مسئولية الدولة بجميع أجهزتها سواء المؤسسات الدينية أو وسائل الإعلام والصحف والقنوات، أو وزارات التربية والتعليم والثقافة والشباب والرياضة والأوقاف وغيرها من مؤسسات الدولة.. واقترح تشكيل هيئة مستقلة لتجديد الخطاب الدينى، يشارك فيها الأزهر والأوقاف وأجهزة الإعلام المصرى ووزارة الثقافة، ولابد من إعادة صياغة مفهوم الإسلام، لأن مفاهيم الإسلام الصحيح تاهت معالمها وسط انتشار الجماعات المتطرفة والمتشددة. • كيف نبدأ فى تجديد الخطاب الدينى؟ المؤسسات الدينية عليها مسئولية كبيرة للغاية وشاقة الآن تجاه قضية تجديد الخطاب الدينى، والآن تلك المؤسسات تحاول إذابة جليد أكثر من 50 سنة تخلف للخطاب، بداية من صدور قانون 103 الخاص بالأزهر، والذى صدر فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى اهتم بالتعليم المدنى على حساب العلوم الشرعية، ما أدى إلى تراجع دور الأزهر. لذلك يجب علينا إعادة الإهتمام بالعلوم الشرعية مع ضرورة منع الجهلاء وأصحاب المذاهب غير المعترف بها من الجماعات المتشددة من الحديث باسم الإسلام، ونشر مفاهيم الإسلام الصحيح التى اختفت معالمها بسبب تلك الجماعات المتطرفة. • وما الثوابت التى لا يمكن إغفالها عند تجديد الخطاب الدينى؟ المكونات الرئيسية للإسلام مثل القرآن والسنة وأركان الإسلام الخمسة وغيرها من ثوابت الدين والشرع، لا يمكن إغفالها عند تجديد الخطاب الدينى، إضافة إلى أصول الأحكام العقائدية، والعملية والأخلاقية، هذه مسلمات فى الدين لا يمكن إغفالها أو المساس بها عند البدء فى عملية تجديد الخطاب الدينى. • وآليات التجديد؟ هناك عدة عناصر أساسية تمثل آليات تجديد الخطاب الدينى وفى مقدمتها تطوير العملية التعليمية الدينية فى مصر، وتجديد الخطاب الدعوى المسجدى، ووضع آلية منظمة للإعلام الدينى التخصصى، إضافة إلى ضرورة التقريب بين المذاهب الإسلامية المعتمدة من السنة والشيعة والإباضية، وإحياء المشروع الإصلاحى لشيخ الأزهر الراحل الإمام الأكبر محمود شلتوت. • هل عدم تجديد الخطاب الدينى كان سببا فى انتشار الإرهاب والجماعات التكفيرية؟ بلا شك أن عملية عدم تجديد الخطاب الدينى كانت سببا رئيسيا فى انتشار الإرهاب وظهور الجماعات التكفيرية المتشددة، والسادات ومبارك يتحملان مسئولية انتشار الجماعات الإرهابية المتطرفة فى مصر، فالرئيس السادات لعب بورقة الدين مع الجماعات المتشددة، وأعاد جماعة الإخوان للعمل، حيث ظهر فى عهده الكثير من الجماعات المتطرفة مثل الجماعة الإسلامية والتنظيم والجهاد وغيرها من الجماعات الإرهابية. ومبارك جعل من جماعة الإخوان شبحا يرعب به من فى الداخل والخارج (مبارك ربى الشبل فصار فى عهده أسدا)، كما تغاضى الرئيس المخلوع عن 10 قنوات فضائية تبثها قيادات السلفية الوهابية والتى كانت تبث سموما على الشعب، وقياداتها وأنصارها هم داعمى الفكر المتطرف المسلح، فكل فكر الدواعش هو فكر سلفى وهابى فى الأصل. • ما مفهومك للثورة الدينية التى تحدث عنها الرئيس السيسى؟ الثورة الدينية تعنى إعادة فهم صحيح الإسلام، وضبط الخطاب الدينى بما يتماشى مع الواقع، دون المساس بالنصوص الدينية والسنة النبوية، والدعوة لتلك الثورة كانت بادرة جيدة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وعلينا الاستجابة لها، على أن تعمل جميع المؤسسات فى مصر من أجل إنجاحها.